في هذه الحَوْمات من الحاضرة “المحروسة بالله” سَكَنَ…الأندلسيون والموريسكيون

محمد5 مايو 2020آخر تحديث :
في هذه الحَوْمات من الحاضرة “المحروسة بالله” سَكَنَ…الأندلسيون والموريسكيون

في هذه الحَوْمات من الحاضرة “المحروسة بالله” سَكَنَ…الأندلسيون والموريسكيون

في حَوْمَات مدينة الجزائر “المحروسة بالله”، كما كان يسميها أهلها خلال ازدهارها وتوسُّعها في العهد العثماني، “….في هذه الأحياء التي سكنها الأندلسيون والموريسكيون، ما زالت وثائق الأرشيف العثماني تحتفظ بإشارات وأحيانا بتفاصيل وأسماء دِيار هذه الجاليات الإيبيرية الإسلامية. نذكر منها على سبيل المثال في القصبة السفلى: دار ابن الطَّبَّال في القرنيْن 17م و18م في حَيِّ حارة باب السّوق بمحاذاة الدَّار الحمراء، بالقرب من شارع أول نوفمبر في طرفه المطل على باب الوادي، ودار “والي البِنَاء” في الفترة ذاتها في قاع السُّور بمحاذاة الجامع الجديد في ساحة الشهداء الحالية، وأيضا دار بن بُوضَرْبَة بالقرب من الجامع الكبير وجامع القَشَّاشْ حوالي العام 1697م/1698م في حيّ البحرية.
وفي حومة حْوَانِيتْ بن رَابْحَة وحَوْمَة السّْلاَوِي (في سوسْطارة وما حولها) وحوْمة سيدي بن علي، التي ما زالت قائمة إلى اليوم، وُجدتْ أكثر من 10 ديار أندلسية/موريسكية، كانت إحداها مِلْكًا لحرَّارٍ خلال القرن 19م.
كما كانت حومة حوانيت سيدي عبد الله ما بين القرنيْن 17م و19م، على الأقل، من أكثر الحَوْمَات في القصبة العليا كثافةً من حيث الدِّيَار الأندلسية/الموريسكية، وذلك في قلب الحيِّ وأيضا في محيط سَبَاطْ العْرَصْ والعَيْنْ المْزَوّْقَة إلى غاية حَوْمَة سيدي بن علي.
وليس بعيدا عن هذه المنطقة، وتحديدا في حومة الجامع المعلَّق القريب من جامع القايَدْ سفير، وُجدتْ دارٌ عام 1658م كانت تُسمَّى دار بن غزلان الذي كان خياطا ينحدر من عائلةٍ رب الأسرة فيها كان حَرَّارًا، إضافةً إلى دارطِيطُومَة، بنت الحرَّار، التي تَذْكُرُها وثائقُ الأرشيف الخاصة ببدايات القرن 19م.
وبشأن حومة حوانيت سيدي عبد الله ذات الكثافة السكانية الأندلسية/الموريسكية المعتَبرة، تجدر الإشارة إلى أن سيدي عبد الله ذاتَه مؤسس الجامع الذي يحمل اسمه إلى اليوم ينحدر من أصل أندلسي/موريسكي استقر أجداده عندما حلوا بالجزائر في جبال مدينة جيجل في الشرق الجزائري…وهذا ما تجهله غالبية الجزائريين إلى اليوم، بمن فيهم سكان قصبة الجزائر التي تُعد آخر ما تبقى من معالم مدينة الجزائر العثمانية.
فهل يكون سيدي عبد الله اختار هذه البقعة لبناء الجامع، لأنها حوْمة أندلسيةً أو تضامنا مع سكانها الأندلسيين مثله أم أنها مجرَّد صدفة مرتبطة بمقاييس عمرانية تنموية بحتة…؟

وفي حال بقينا في “الجْبل” كما كانتتُسمى مرتفعات المدينة أو القصبة العليا، سرعان ما نكتشف أن 10 ديار، على الأقل، مُوَثَّقَة في الأرشيف امتلكها المهاجرون واللاجئون من شبه الجزيرة الإيبيرية في حي ِّ سيدي رمضان العتيق ما بين القرن 17م والقرن 19م كان أحد مُلاكها “بَرَامِيلِي”، أي يمتهن صناعة البراميل، وآخر “فكَّاك”، أيْ يُمَوِّلُ فَكَّ العبيد والأسرى الأوروبيين من الأسْر ويُقرِض المحتاجين للمال، وثالث “قَزَّازْ”، يشتغل بتربية دودة القز والصناعات الحريرية، ورابع “بَابُوجِي” يصنع البَابُوجْ وهي أحذية أو نوع من الخُفّْ الذي لا رقبة له يُسميها الفُرس وأيضا الفرنسيون “البَابُوشْ”.

وعُرفت في حومة السبع لَوْيات في القصبة السفلى، قرب محطة الحافلات في ساحة الشهداء المعاصِرة، كلٌّ من دار ابن عقَّاب في القرن 18م ودار ابن عَزْرَا حوالي 1806م ودار الكْبَابْطِيَّة في بداية القرن 19م في زنقة الحورِّيين في السوق الكبير.
كما وُجدتْ في القرن 19م كلٌّ من دار الرُّوِيثْ (أيْ Ruiz)، وهو موريسكي كما يبدو من لقبه الإسباني الصيغة، فوق سوق الجامع بين ساحة الشهداء الحالية وباب عزون ودار القَبْري غير بعيد عنها في سوق الجامع بالذات.
كما انتشرت ديار ودويرات الأندلسيين/الموريسكيين في أحياء سْويقة عمُّور والكْبابْطية وسوق السّمن ومْسيد الدَّالية في البقعة الممتدة اليوم من ساحة وسوق شَارْتْرْ (Rue de Chartre) إلى شارع لِيزَارْ (Rue de Lézard)، من بينها دار الحاج يوسف في القرن 19م الذي كان نجَّارا.
وفي حومة كَوشَة بُولَعْبَة، في القصبة العليا التي تُسمَّى أيضا “الجْبَلْ”، امتلك أحد صُناع الشواشي الأندلسيين في 1697م “عُلْوي”، أي الطابق العلوي من دار، وفُرْن، وكان قريبا من دار أحد صُنَّاع المفاتيح ومَقَافِل الأبواب، أو “مَقْفُولْجِي” بمصطلحات ذلك العهد، أندلسي الأًصول عاش خلال الفترة ذاتها وحتى القرن 18م على الأقل.

بشكل عام، بعد نضوب سيل الهجرة واللجوء الأندلسي/الموريسكي إلى مدينة الجزائر إثر الطرد النهائي من عام 1609م إلى 1614م، تشير وثائق أرشيف الأوقاف ومختلف السجلات العثمانية إلى أن أندلسيي وموريسكيي المدينة انتشروا في مختلف أرجائها ولم يكن لديهم حيٌّ خاص بهم، كما قد يجري الاعتقاد، وهو ما كان ينطبق أيضا على الجالية اليهودية للمدينة التي لم يكن لها حَيٌّ خاص بها….”.

فوزي سعد الله: الشتات الأندلسي في الجزائر والعالم.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

التعليقات تعليق واحد
اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
  • حمقاء
    حمقاء 12 مايو 2020 - 10:29

    بارك الله فيكم

عاجل