شنين : أزمة “كوفيد” يجب أن تؤسس للتعاون الدولي عوض اضفاء قيود الملكية الفكرية على اللقحات.

م .ك7 فبراير 2021آخر تحديث :
شنين : أزمة “كوفيد” يجب أن تؤسس للتعاون الدولي عوض اضفاء قيود الملكية الفكرية على اللقحات.

أكد #رئيس_المجلس_الشعبي_الوطني السيد #سليمان_شنين، اليوم الأحد 07 فيفري2021 بمقر المجلس، أن مكافحة فيروس كورونا في الجزائر أثبت جدوى المقاربة المتمثلة في أولوية القرار العلمي على السياسي وعدم تسييس الإجراءات الصحية، واعتبر أن الوصول إلى النتائج المحققة، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، جاء ثمرة لتوجيهات وتوصيات رئيس الجمهورية المبنية على قاعدة أن لا شيء يغلى على الصحة.

وقال السيد شنين، لدى افتتاحه اليوم الدراسي حول الترتيبات المتعلقة بالتلقيح ضد فيروس كوفيد -19 أن الأزمة الصحية التي نتجت عن تفشي الفيروس وما صاحبها من مطالب يجب أن تؤسس لضرورة التعاون والتضامن لتعويض المخابر التي أنفقت مبالغ معتبرة كاستثمارات لإنجاح اللقاح، وأردف بالمقابل أن هذه اللقاحات يجب أن لا تخضع بالتالي لقيود الملكية الفكرية.

وانتهز رئيس المجلس الفرصة ليثمن مواقف الدول الصديقة من خلال تعاونها وتعاطيها الإيجابي مع الحكومة الجزائرية في توفير اللقاح وبالكميات الكافية.

وبالمقابل، انتقد السيد شنين فشل المنظومة الدولية، وخاصة مجلس الأمن، في التعاطي الإيجابي والسريع مع الوباء، وذلك من خلال إدخال الصراع الجيوستراتيجي التقليدي في حيثيات مكافحة الوباء خاصة في السنة الأولى من الوباء، وقال إن الممارسات التجارية المفضلة لصاحب السعر الأكبر والمضاربة كانت من بين السلبيات التي عرفها العالم في مختلف مراحل الوباء، سواء تعلق الأمر بالقناع أو المعدات الطبية المختلفة، واعتبر رئيس المجلس كل تلك الممارسات وجه آخر من الفشل الأخلاقي في العلاقات الدولية.

واعترافا بما قدمه منتسبو الصحة من تضحيات جسيمة خلال هذه الفترة، شدد رئيس المجلس على أهمية أن يكون إطارات وموظفو القطاع في مقدمة المستفيدين من التلقيح كما هو معمول به في جميع الدول، ودعا بالمناسبة، إلى مراجعة التعامل معهم بمزيد من الاهتمام والتكفل بمطالبهم.

وفي سياق آخر، انبرى رئيس المجلس ليثني على قرارا الحكومة باعتماد التلقيح المجاني، وقال بأنها سياسة تدخل في إطار التكفل بالجانب الاجتماعي وحماية الصحة العمومية ورعاية المواطنين، مؤكدا بأن ذلك هو ما رسخه الدستور الجديد.

وفي الأخير، دعا السيد شنين المعنيين في جميع الجهات، كي يقوموا بدورهم كاملا في تحسيس المواطنين وتوعيتهم بضرورة التلقيح والتخلي عن التشكيك في فعاليته أو جدواه. وتابع بأن المُعول عليه، في مثل هذه الظروف، هو وعي المواطن الذي ينبغي أن يرقى إلى مستوى عال من التجند واليقظة.

وفيما يلي النص الكامل لكلمة رئيس المجلس الشعبي الوطني :

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سيدنا محمد وآله وصحبه إلى يوم الدين

السيدة والسادة السادة الوزراء،
السيدات والسادة أعضاء البرلمان،
الأساتذة والضيوف الكرام،
السيدات والسادة أعضاء أسرة الإعلام،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

بداية، أصالة عن نفسي وباسم الزملاء النواب، أرحب بضيوفنا الكرام الذين شرفونا بحضورهم فعاليات هذا اليوم الدراسي المتعلق بالترتيبات المرتبطة بالتطعيم بلقاح فيروس كوفيد 19، متمنيا أن يكون النقاش مثمرا والتوصيات ذي أثر.
وكما سبق وأن أعلن السيد رئيس اللجنة، تزامن هذا اللقاء مع وفاة أحد إخواننا النواب الذي دُفن بالأمس، الأستاذ عبد الحميد صديقي، رحمه الله، إثر إصابته بكوفيد-19، ليكون البرلمان، مثله كباقي كل القطاعات وكباقي كل الشعب الجزائري والشعوب في الأرض، يقدم ضحايا وشهداء لهذا الوباء، الذي نسأل الله أن يرفعه عنا وعن كافة الإنسانية.
لقد أولى السيد رئيس الجمهورية اهتماما خاصا للجائحة التي مست بلادنا والعالم منذ بدايتها، وكانت متابعاته وتوصياته الملحة والمستمرة والمبنية على قاعدة ان لا شيء يغلى على الصحة، فصحة الجزائريين لا تقدر بثمن ولا تقاس بغيرها من الموازين.
كما كان الالتزام واضح منذ البداية على أولوية الصحة والتكفل بمقتضيات مواجهة الوباء رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، وأثبتت الجزائر من خلال اعتمادها مقاربة أولوية القرار العلمي على السياسي وعدم تسييس الإجراءات رغم الضغوطات الكبيرة من مختلف الأطراف متبنية مطالب شعبوية، إلا انها في كثير من الأحيان خطيرة المآلات.
إن النتائج المحققة لحد الآن، بفضل الله أولا ثم بفضل جهود وتضحيات الطواقم العلمية والطبية وقدرتها على التحكم وإعداد البرامج والحرص المكثف على التوعية، من جهة، ومن جهة أخرى، على ما بذلته الدولة من مجهودات كبيرة في المرافقة والدعم الاجتماعي، حتى الوصول إلى هذه المرحلة المتمثلة في التلقيح والتي نغتنم هذه السانحة لنثمن عاليا قرار السيد الرئيس ببدء التلقيح قبل نهاية شهر جانفي، وهو ما نجحت الحكومة في تحقيقه والحمد لله، إضافة الى اعتماد مجانيته والحرص على التوازن والتوزيع العادل وفق أولويات علمية أيضا كلها مثمنة، فالشكر لكم السادة الأساتذة الحضور والشكر موصول قبل ذلك إلى السيد وزير القطاع والمشرفين على هذا القطاع.
إن جائحة كورونا، بالنظر إلى تداعياتها والانتشار الذي عرفته في مختلف القارات والبلدان، جاءت لتصطدم مع إحدى حقائق السلوك الإنساني وهي أن الحكومات والأفراد، في وقت الأزمات، يقدمون أولوية ذواتهم بأنانية مفرطة، إلا أن انتشار الجائحة جعل أصوات كثيرة على المستوى الدولي تفضل مقاربة المكافحة الجماعية وأهمية التضامن والتنسيق على الجهد الواحد المحدود زمانا ومكانا.
ولا يخفى على أحد فشل المنظومة الدولية، وخاصة مجلس الأمن، في التعاطي الإيجابي والسريع مع الوباء، وذلك من خلال إدخال الصراع الجيوستراتيجي التقليدي، وخاصة في السنة الأولى من الوباء، وهو ما دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة لأن تصدر قرارين غير ملزمين، أحدهما في 2 أفريل 2020 (القرار 74/270)، والثاني في 20 أفريل 2020 (القرار 74/274)، ويتعلقان، على التوالي، بالتضامن العالمي لمكافحة فيروس كوفيد-19، والتعاون الدولي من أجل ضمان الحصول على المستوى العالمي على الأدوية واللقاحات والمعدات الطبية اللازمة لمكافحة كوفيد-19، ويقر القراران الدور الحاسم لمنظمة الصحة العالمية والتعاون الوثيق معها ومع الوكالات الأخرى.
إن عدم تمكين الدول الفقيرة من اللقاح سيشكل فشلا أخلاقيا ذريعا للدول المتقدمة، كما أنه سيسمح باستمرار تفشي الوباء ويؤخر كل النتائج الإيجابية المتوقعة من اللقاح، على غرار العودة للحياة الطبيعية وتحقيق التعافي الاقتصادي، لقد انتجت هذه الأزمة الصحية مصطلحات على غرار دبلوماسية اللقاح، سواء في التفضيل أو الاقتناء، بسبب الطلبات الكثيرة وخاصة بالنسبة للدول الغنية التي بدأت في بعض الأحيان قبل اعتماد اللقاحات من الهيئات المعنية، ما زاد من وجود مطالبات بخصوص مثل هذه اللقاحات، التي تعني الإنسانية جمعاء، والتي لا يجب أن تخضع لقيود الملكية الفكرية، مما يؤسس ويدعو لضرورة التعاون والتضامن لتعويض المخابر التي أنفقت مبالغ معتبرة كاستثمارات لإنجاح اللقاح، كما لا يفوتني تقدير مواقف الدول الصديقة من خلال تعاونها وتعاطيها الإيجابي مع الحكومة الجزائرية في توفير اللقاح وبالكميات الكافية.
إن الممارسات التجارية المفضلة لصاحب السعر الأكبر والمضاربة كانت من بين السلبيات التي عرفها العالم في مختلف مراحل الوباء، سواء تعلق الأمر بالقناع أو المعدات الطبية المختلفة، وهو وجه آخر من الفشل الأخلاقي في العلاقات الدولية.
لقد فرضت جائحة كورونا بأن يصبح إطارات وموظفو وعمال الصحة في مقدمة أولويات الدول، مما يفرض مراجعة التعامل معهم في بلادنا بمزيد من الاهتمام والتكفل بمطالبهم، كما أن التهديدات التي تحملها الأوبئة، على غرار ما اكتشفه العالم في وباء كورونا، يمكنها أن تكون من أكبر المخاطر والتهديدات المُحدقة بنا، الأمر الذي يفرض الوصول إلى تعاون من نوع خاص في مجال الصحة.
وبالعودة إلى بلادنا، ها هي نتائج تحكم الدولة في آليات محاربة جائحة كورونا تؤتي أكلها وثمارها، وها هي عملية التلقيح تنطلق في الآجال التي قرر فيها السيد رئيس الجمهورية الانطلاق.
إن التلقيح المجاني دليل على حرص الدولة على صحة مواطنيها، وليس غريبا على الدولة الجزائرية، التي دأبت على ذلك في مختلف المناسبات وفي باقي اللقاحات ضد مختلف الأمراض ذات الطابع المجتمعي، إنها سياسة تدخل في إطار التكفل بالجانب الاجتماعي، حماية للصحة العمومية ورعاية لمواطنيها، وهو ما رسخه أيضا الدستور الجديد.
وكما تعلمون، فإن القرار، الذي نثمنه مجددا، يعطي الأولوية في التلقيح لكل منتسبي قطاع الصحة، ذلك أنهم جنود المقدمة الذين يتصدون مباشرة لهذا الوباء، وهي المناسبة التي نجدد لهم فيها تقديرنا وعرفاننا بالتضحيات التي قدموها في محاربة الجائحة، كما يعطي القرار أسبقية للأشخاص المسنين والمصابين بالأمراض المزمنة، لما يتعرضون له أكثر من غيرهم لخطورة هذا الوباء، وهو قرار حكيم كذلك ومن شأنه أن يحمي هذه الفئات التي لا تقدر على مواجهة الفيروس.
فيجب، في هذا الإطار، أن يعمل الجميع، أفرادا، جمعيات ومؤسسات، على إزاحة شكوك المواطنين حول فعالية اللقاح، انطلاقا من فكرة ضرورة خدمة الناس والتجاوب مع متطلباتهم وانشغالاتهم، وتحقيقا للمنفعة العامة، سواء كانت محلية أو وطنية عالمية، وفي مثل هذه الظروف يكون المُعول عليه هو وعي المواطن بالدرجة الأولى، وهو الوعي الذي ينبغي أن يرقى إلى المستوى العالي من التجند واليقظة، وعلى المعنيين في جميع الجهات، وعلينا جميعا كمجتمع، أن نقوم بدورنا كاملا في تحسيس المواطنين وتوعيتهم بضرورة التلقيح والتخلي عن بعض الشكوك والتشكيك في فعالية اللقاح أو جدواه، ذلك أن المسألة متعلقة بالصحة العمومية، ومن شأن التلقيح أن يجنبنا عودة انتشار هذا الوباء بعد أن استطعنا محاصرته، فليس هناك مناص من انخراط الجميع في هذه العملية وتجنب ما يمكن أن يحدث من عودة للوباء، لا قدر الله.
أتمنى لأشغالكم التوفيق والنجاح، أشكر الجميع على حسن الإصغاء، نبدأ في الأشغال، وشكرا لكم.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل