كلمة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في القمة التاسعة عشر لحركة عدم الانحياز

نور19 يناير 2024آخر تحديث :
كلمة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في القمة التاسعة عشر لحركة عدم الانحياز

دعا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في كلمته خلال أشغال القمة التاسعة عشر لحركة عدم الانحياز، المنعقدة بالعاصمة الأوغندية كمبالا، إلى تجديد الالتزام بالـمبادئ التأسيسية للحركة، القائمة على قيم العدالة واحترام الالتزامات الدولية وسيادة الدول وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وحماية الـمصالح الـمتبادلة وتعزيز الـمنظومة الـمتعددة الأطراف، كركائز أساسية لبلوغ الأهداف التي سطرها الآباء الـمؤسسون للحركة، والـمنبثقة عن روح ميثاق منظمة الأمم الـمتحدة ومبادئ باندونغ، والـمتسقة مع أهداف التنمية الـمستدامة لأفق 2030.

و أشار رئيس الجمهورية في الكلمة التي ألقاها الوزير الأول، السيد نذير العرباوي، إلى السياق الدولي والإقليمي المتغير والمتشابك، الذي تطبعه تهديدات وتعقيدات متتالية تحمل في طياتها مخاطر وتحولات دولية متعددة الأبعاد والـمستويات ستنعكس، بشكل أو بآخر وبدرجات متفاوتة، على أمن واستقرار الدول وعلى مستقبل منظومة الأمن الجماعي الموروثة بعد الحرب العالـمية الثانية، مضيفا بأن

ذات السياق أعاد للساحة الدولية مشهد الاستقطاب الحاد لصالح قوى دولية على حساب أخرى، وعمّق بؤر التوتر، الذي وصل إلى أعلى مستويات التهديد للسلم والأمن الدوليين ولقيم الإنسانية جمعاء.

ومن هذا المنطلق، اعتبر رئيس الجمهورية أن المبادئ التأسيسية لحركة عدم الانحياز تكتسي اليوم قيمة متجددة في ظل عودة خيار اللجوء إلى القوة كبديل عن الـمساعي الدبلوماسية في حل النزاعات الدولية، وتآكل منظومة الأمن الجماعي التي تعد الأمم الـمتحدة ركيزتها الأساسية في ظل عجزها الهيكلي لوضع حدّ، أو حتى كبح سياسات الأمر الواقع ومحاولات فرض مصلحة القوي على الضعيف، والتعاطي مع القضايا التي هي في صميم انشغالاتنا بترجيح منطق الانتقائية وسياسة الكيل بمكيالين.

كما دعا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في كلمته التي ألقاها الوزير الأول، نذير العرباوي، بمناسبة انعقاد القمة التاسعة عشر لحركة عدم الانحياز، الجارية أشغالها بالعاصمة الأوغندية كمبالا، إلى تكثيف الجهود الجماعية للمرافعة لصالح القضية الفلسطينية من أجل إعلاء صوت الحق، وتغليب منطق القانون، وإرساء مبدأ الـمساواة، وتكريس أولوية الاحتكام للضوابط القانونية الـملزمة فوق كل اعتبار، وفق ما نصت عليه الشرعية الدولية والقرارات الأممية التي يفترض أن تكون ملزمة للجميع، بما في ذلك في وجه آلة الدمار الصهيونية على أرض فلسطين الـمحتلة.

وأضاف الرئيس أن حرب الإبادة الجماعية والـممارسات اللاإنسانية لجنود الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني العُزَّل من نساء وأطفال ورُضَّع، خاصة بقطاع غزة، على مرأى ومسمع من العالم أجمع، مثال واضح على إخفاق الـمجتمع الدولي في فرض ضوابط وقيود تنطبق على الجميع دون انتقاء أو تمييز، حيث يضرب الاحتلال الإسرائيلي بقرارات الشرعية الدولية عرض الحائط ويرفض الانصياع لقرارات مجلس الأمن والاستجابة لخيار السلام، دون محاسبة او عقاب.

وشدد رئيس الجمهورية أنه في ظل هذا الوضع الـمأساوي، يتعين على الحركة ودولها الأعضاء التأكيد بصوت عال، على أن زمن اللّاعقاب واللّاحساب قد ولّـى، مثمنا تمسك الحركة الدائم بدعم القضية الفلسطينية بوصفها قضية عادلة يرتبط حلها بتجسيد مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وإيمانهم الثابت بضرورة إنهاء كافة أشكال الاحتلال وتصفية كل صور الاستعمار، كما ورد في الوثيقة الختامية لهذه القمة.
و بالإشارة إلى مسار حركة عدم الانحياز الحافل بصور التضامن مع الشعوب الـمضطهدة والـمستعمرة الذي تجسده عمليا من خلال مواقفها الـمناصرة للقضايا العادلة، دعا السيد رئيس الجمهورية إلى دعم حق شعب الصحراء الغربية في تقرير الـمصير، وهو الذي سُلِبت أراضيه وتُنْهَبُ ثرواته في تعارض صارخ مع القانون الدولي، وهو أيضا الذي تتعرض قضيته العادلة وتطلعه الـمشروع إلى تنظيم استفتاء حر ونزيه وفقا للشرعية الدولية وقرارات الأمم الـمتحدة ذات الصلة، لـمحاولات الطمس والتغليط، لحرمانه من حقوقه الـمشروعة غير القابلة للتصرف أو التقادم.

من جهة أخرى دعا رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في كلمته بمناسبة القمة التاسعة عشر لحركة عدم الانحياز، الجارية أشغالها بالعاصمة الأوغندية كمبالا، إلى تنسيق الجهود بين الدول الـمنضوية تحت مظلة الحركة، وتحديد المسؤوليات الـمنوطة بها ككتلة موحدة من أجل رفع التحديات الدولية الراهنة وبلوغ مقاصدها الـمشتركة، مضيفا بأن ذلك لن يتأتى إلاّ من خلال “تعزيز وحدتنا وتموقعنا الاستراتيجي كفاعل نشط يساهم بشكل فعال في بناء منظومة دولية تقوم على منطق الإشراك لا الإقصاء، وتُحَدِدُ بإنصاف وشفافية الـمسؤوليات والواجبات، منظومةٌ قادرة على فرض الانصياع لقوانينها وقواعدها على الجميع وعلى قدر من العدالة والـمساواة”، وذلك خلال الكلمة التي ألقاها الوزير الأول، السيد نذير العرباوي باسم السيد رئيس الجمهورية خلال هذه القمة.

وعلى المستوى الإفريقي، أكد الرئيس قناعة الجزائر الراسخة بوجود علاقة ترابطية بين الأمن والتنمية، خاصة في ظل تنامي حدّة ووتيرة الأزمات السياسية والأمنية واتساع نطاقها، واستفحال آفَتـَيْ الإرهاب والجريمة الـمنظمة وتفاقم بُؤَرِ التوتر والصراعات، وتجدد ظاهرة التغييرات غير الدستورية للحكومات، خاصة في منطقة الساحل الصحراوي.
كما شدد السيد الرئيس على أهمية تأطير العمل الجماعي لبلوغ الأهداف المنشودة وتصحيح واستدراك حالة الظلم التاريخي الذي تعرضت له القارة الإفريقية في تركيبة مجلس الأمن الأممي، والسعي بلا هوادة من أجل التجسيد الفعلي لـمشروع الاندماج القاري لتحويل إفريقيا إلى فاعل دولي في مسار تجسيد “أجندة الاتحاد الإفريقي 2063″، مثمنا بهذا الخصوص دَعم حركة عدم الانحياز لهذه المساعي الهادفة.

وفي سياق آخر، نوه رئيس الجمهورية بالتعاون الكثيف للجزائر مع شركائها الدوليين للتخفيف من وطأة التداعيات التي خلفتها أزمة الطاقة العالـمية، عبر مواصلة وتقويةِ دورِها كَمُمَوِّن موثوق وذي مصداقية، لاسيما وأنها تتأهب لاحتضان، في مطلع شهر مارس الـمقبل، القمة السابعة لرؤساء دول وحكومات البلدان الـمصدرة للغاز، التي تطمح لجعلها محطة مِفْصَليَّة لتعزيز الحوار والتشاور بين الدول الأعضاء من جهة، وبين الـمصدرين والـمستوردين، من جهة أخرى، بهدف دعم وتطوير صناعة الغاز الطبيعي والتأكيد على الحقوق السيادية الكاملة والدائمة للدول الأعضاء، في التخطيط وتطوير واستغلال مواردها من الغاز الطبيعي، الذي يحتل مكانته كطاقة نظيفة للحاضر والـمستقبل، تساهم في دعم التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي وحماية البيئة.

أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في كلمته خلال أشغال القمة التاسعة عشر لحركة عدم الانحياز، التي تحتضنها العاصمة الأوغندية كمبالا، أن الجزائر التي تشغل ابتداء من مطلع هذا الشهر ولـمدة سنتين متتاليتين مقعدا غير دائم بمجلس الأمن لمنظمة الأمم الـمتحدة، ستسعى انطلاقا من خُصوصية مسارِها التاريخي وقيمها الثابتة ورؤيتها الـمستقبلية الطموحة، إلى تعزيز العمل الدولي متعدد الأطراف كمبدأ قارٍّ في سياستها الخارجية، وتغليب منطق الحلول السلمية للنزاعات على الـمواجهة، وتفضيل معالجة الأسباب الجذرية للصراعات بدل الاستمرار في مقاربة احتوائها التي عَقَّدَتْ وأخَّرت في مسار حلِّها.

كما أكد الرئيس أن الجزائر تلتزم بالدفاع من منبر مجلس الأمن عن قيم ومبادئ حركة عدم الانحياز، التي أثبتت ولا تزال إلى يومنا هذا رجاحتها وفاعليَّتها، والتي تشكل مُرتَكزاً لـمواقف الجزائر إزاء مختلف التطورات الإقليمية والدولية وتُمثل في ذات الحين منبعاً لجهودها ومبادراتها الرامية للمساهمة في نشر الأمن والاستقرار.
وأضاف السيد رئيس الجمهورية بأن الجزائر ستَضُمُّ جهودها مع بقية الدول الأعضاء في الحركة لبناء جسور الحوار والتفاهم بين الأطراف الـمختلفة وصياغة التوافقات الضرورية داخل مجلس الأمن الدولي حول القضايا التي تهم الحركة لإضفاء فعالية أكبر على الجهود الأممية الرامية لـمنع نشوب النزاعات، ودعم دور الـمنظمات والتجمعات الدولية والإقليمية الفاعلة، بما فيها حركة عدم الانحياز، متطلعا إلى تكثيف التنسيق والتعاون والتضامن بين دولها الأعضاء للمساهمة في تشكيل معالم نظام دولي جديد يكون حافظا لقيم الانسانية ومكرساً لـمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم الـمتحدة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل