شخصيات إسلامية :
ان إسم ابن تيمية بات يتردد كثيراً في الآونة الأخيرة عبر وسائل الإعلام التي تشن عليه حملة شرسة لا تستهدفهه كشخصية تاريخية فحسب ، بل تستهدف فكره المبني على الكتاب والسنة ، فأصحاب البدع لا تروق لهم فتاوى ابن تيمية التي تحارب عبادة القبور والتبرك فيها ، فكثير من هؤلاء يكسبون من الحمقى الذين يأتون بالأموال ليضعوها عند قبر الميت لكي تحل عليهم البركة المزعومة.
وابن تيمية كتب مؤلفات عظيمة يفضح فيها حقيقة أهل البدع وخيانتهم ، فلقد جاهد ابن تيمية ضد التتار وضد أصحاب البدع على حد سواء ، ولقد أثنى أكابر العلماء على كتب ابن تيمية ومصنفاته حتى أطلق عليه المسلمين لقب (شيخ الإسلام)…
وكما أن سلطان العلماء الشيخ العز بن عبدالسلام كان بطل معركة “عين جالوت” التاريخية أمام التتار ، فإن الشيخ ابن تيمية كان بطل معركة “مرج الصفر” الباسلة امام التتار أيضاً ، وهذه المعركة التي لم نسمع عنها كثيراً كانت من أهم معارك أمة الإسلام عبر جميع مراحل التاريخ ، وكان ابن تيمية بمثابة بطلها الأول ، فقد تحالف التتار مع الصليبيين في هذه المعركة…
ومع إقترابهم لغزو دمشق خلال عهد المماليك ، بدأ ابن تيمية بتحريض أهل دمشق وحلب للجهاد في سبيل الله للدفاع عن الإسلام ، واختاره أهل الشام ليكون سفيره إلي سلطان مصر المملوكي (الناصر محمد بن قلاوون) ليطلب الغوث في الدفاع عن مسلمي الشام وحثه على الجهاد ، ثم سافر إلى أمير العرب (منها بن عيسى الطائي) وحثه ايضاً على الجهاد…
فاستطاع ابن تيمية من تكوين تحالف كبير من مجاهدي الإسلام لملاقاة التحالف التتري الصليبي ، وبعد استكمال الإستعدادات اجتمعت جيوش المسلمين من الشام ومصر وبادية العرب ، وفي الثاني من رمضان 702هـ في مرج الصفر وهو مكان قرب دمشق تقابل الجيش الإسلامي المجاهد وجيش قوى الظلام المتحالفة من التتار والصليبيين…
(الملاحظ أن معظم معارك التاريخ الإسلامي وقعت في هذا الشهر العظيم ، والعجيب أن النصر كان في صف المسلمين في أغلب تلك المعارك الرمضانية ، لذالك يسمى رمضان أيضان بشهر الإنتصارات)
ومع اقتراب ساعة الصفر لبدأ هذه المعركة الفاصلة في تاريخ الإسلام ، أفتى الشيخ ابن تيمية بالإفطار في نهار رمضان ، متبعاً بذالك سنة رسول الله خلال فتح مكة في شهر رمضان عندما قال صلى الله عليه وسلم {إنكم ملاقوا العدو غداً ، والفطر أقوى لكم} ، فأخذ الشيخ بن تيمية يدور على الجند يأكل من طعام في يده ليشجعهم على الأكل ، واندلعت الحرب بقيادة السلطان (الناصر) والخليفة العباسي (المستكفي بالله) ، ووقف الإمام المجاهد ابن تيمية أمام مجاهدي الإسلام يشجعهم ويبث روح الإصرار والدفاع عن الدين ، وكان يبشر الناس ويثبتهم وهم على خط القتال ويقول (إنكم لمنصورون والله إنكم لمنصورون!)…
وبينما كان شيخ الإسلام في قلب الصفوف المجاهدة يبشر المؤمنين اندفع ما يزيد عن 200 الف جندي تتري وصليبي كالجراد المبثوث نحو جيش المسلمين الذي كان أقل منهم في العدد والعدة ، وكان قتار التتار عنيفاً حتى انهم مالوا على المسلمين ميلة عظيمة وقتلوا كثيراً من سادات المسلمين وامرائهم ، لكن ثبت المسلمون طوال الليل واستمرت هذه المعركة الفاصلة لثلاث أيام ، وعندما اشتد وطيسها ، يروي أحد الجنود أن الشيخ المجاهد بن تيمية طلب منه أن يريه موضعاً يكون فيه الموت محققاً من شدة القتال فيه ، فأشار له الجندي على موضع اشتد فيه القتال لدرجة أن سحابة من الغبار تكونت فيه!!
حيث كانت قوات العدو تنحدر هناك كالسيل الجارف تلمع اسلحتهم من تحت الغبار المنعقد عليهم ، فقال المجاهد للشيخ : يا سيدي هذا موقف الموت ، والعدو كثير ، فدونك ما تريد!
فلما جاء الليل لجأ العدو الى التلول والجبال
وهربت جحافل التتار والصليبيين كالفئران الهاربة نحو الفرات ، وفي يوم الإثنين خامس الشهر بُشر الناس بالنصر ، فدخل ابن تيمية البلد ومعه أصحابه من الجهاد ، ففرح الناس به ودعوا له وهنأوه بما يسر الله على يديه من الخير…
وبالرغم من أن مشاركة شيخ الإسلام ابن تيمية بالجهاد كانت عملاً بطولياً ، إلا أن الشيخ شارك في حياته بمعارك جهادية أعظم من تلك المعركة ، فلقد وقف ابن تيمية بكل حزم امام قرارات السلاطين التي كانت تخالف شرع الله ، مما عرضه للسجن المتكرر في حياته ، وبينما كان شيخ الإسلام بن تيمية في السجن جاءه جلاده فقال له : اغفر لي يا شيخي فأنا مأمور!
فقال له ابن تيمية قولة حفظتها لنا كتب التاريخ لكي تعبر عن كل أعوان الظالمين والطغاة :
(والله لولاك ما ظلموا ! )
ويروي أحد السجناء الذين شاهدوا ابن تيمية في السجن ، أنه شهد ختم ابن تيمية للقرآن في سجنه الأخير فقط 81 مرة عن ظهر قلب!!
وعلى الرغم من مرضه استمر في قيام الليل وقراءة القرآن ، حتى جاءت تلك الساعة في عتمة ليلة يوم الإثنين 20 ذي القعدة728 هـ ، في تلك الليلة سمع الناس صوت الشيخ يقرأ القرآن بصوت أعياه المرض من عتمة إحدى زنزانات السجن حتى وصل إلى قوله تعالى:
{إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر}
ثم توقف ذلك الصوت..توقف إلى الأبد..لقد كان هذا الصوت الذي أعياه السجن والظلم ، هو نفسه الصوت الذي كان يكبر في معركة “مرج الصفر” ، لقد كان الصوت الذي وقف أمام الظالمين والطغاة ، لقد كان صوت شيخ الإسلام العظيم أحمد بن تيمية…
فدخل عليه الحراس فوجدوه قد فارق الحياة ، فعرف الناس بذلك وجاءوا إلى السجن ، وحُمل الشيخ في جنازة عظيمة لم تشهد الشام مثلها من عشرات الالاف من المسلمين من أهل الشام وما حولها…
وإن كان الطغاة استطاعوا إسكات صوت هذا المجاهد العظم ، فإنهم لم يستطيعوا محو ذكر إسمه من سلات التاريخ الخالدة ، فما ذالت مؤلفات ابن تيمية تنتشر بين شباب المسلمين إلى يومنا هذا ، وأصبحت كتبه المرجع الرئيس للرد على الشبهات التي يلقيها أعداء الإسلام ، وعليك فقط أن تعلم بعض من اسماء تلاميذ ابن تيمية لتعرف قدر هذا الرجل العظيم ، فقد تتلمذ على يديه عمالقة منهم الإمام “ابن القيم الجوزية” والإمام والمؤرخ الكبير “ابن كثير” والإمام “الذهبي” وغيرهم من عمالقة أمة الإسلام…
رحم الله شيخ الإسلام “أحمد بن تيمية”
رحمه الله وطيب ثراه
يريدون أن يطفئو نور الله
رحمة الله عليه شيخ الإسلام ابن تيمية
رحم الله شيخ الاسلام ابن تيمية وجزاه عنا خير الجزاء
رحم الله شيخ الاسلام ،، ونفع بعلمه ،،
بارك الله فيكم