انضمّت قطتان من نيويورك إلى قائمة حالات الإصابة بين الحيوانات بفيروس «كورونا المستجد». وأعلنت السلطات الصحية في هونغ كونغ، 28 فبراير (شباط) الماضي، تسجيل أول حالة إصابة كلب بالفيروس، تلاه كلب ثانٍ في هونغ كونغ في 20 مارس (آذار) الماضي، فيما سجلت السلطات الصحية البلجيكية يوم 27 مارس، حالة انتقال من البشر إلى القطط.
وكشفت دراسة نشرها أطباء بيطريون صينيون بالمكتبة الإلكترونية «bioRxiv» في 4 أبريل (نيسان) الحالي، عن عدد أكبر من تلك الحالات الفردية، وأشارت إلى إصابة 15 في المائة من القطط المشردة وفي المأوى بمدينة ووهان.
وجاء الإعلان الأميركي، أول من أمس، عن إصابة قطتين في نيويورك، ليزيد المخاوف من أن القطط أو الكلاب التي تصاب بـ«كوفيد - 19» يمكن أن تنقله إلى الإنسان.
ورغم تأكيد «منظمة الصحة العالمية»، والمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، أنه لا يوجد دليل على انتقال الفيروس من الحيوان الأليف للإنسان، وأن الحيوانات المصابة يُعتقد أن عدوى الفيروس انتقلت لها من أشخاص مصابين في أسرهم أو أحيائهم، فإنه لا يوجد ما يمنع علمياً من انتقال الفيروس من الحيوان إلى الإنسان أو العكس.
يقول الدكتور أيمن الشبيني، أستاذ الفيروسات بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا لـ«الشرق الأوسط»: «هذا أمر طبيعي وغير مستبعَد، فنحن في الأساس نتحدث عن فيروس حيواني المنشأ، فلا يوجد ما يمنع أن تنقله حيوانات للبشر أو ينقله البشر للحيوانات».
وتذهب أغلب الدراسات لانتقال الفيروس من الخفاش إلى عائل وسيط يسمى «آكل النمل الحرشفي»، أو ما يُعرف بـ«البنغولين»، الذي يُباع في سوق مدينة ووهان للحيوانات، فكانت هناك فرصة مواتية لينقل هذا الحيوان الفيروس للإنسان.
ولا تزال «منظمة الصحة العالمية» تستخدم مصطلح «عدم وجود دليل على انتقاله من الحيوانات الأليفة للبشر أو العكس»، بسبب قلّة عدد الحالات، يقول الشبيني: «كمتخصص في الفيروسات ليس أمامي سوى الالتزام بتوصيف المنظمة، لكن الإعلان كل فترة عن بعض الحالات، ليس مفاجئاً بالنسبة لي».
ويضيف: «الفيروس له مستقبِلات في الخلايا، فإذا وجدت هذه المستقبلات عند الحيوانات، فلا يوجد ما يمنع إصابتها، لا سيما أن هناك قاسماً مشتركاً يجمع بين البشر وهذه الحيوانات، وهو الانتماء لفئة الثدييات».
ورغم أن هذه العلاقة المشتركة تبدو مزعجة، فإن لها وجهاً إيجابياً، يشير إليه الشبيني، إذا تم تأكيدها فيما يتعلق بفيروس «كوفيد – 19»، يقول: «يمكن أن تكون هذه الحيوانات أداة مهمة لإجراء التجارب ما قبل السريرية الخاصة باللقاحات والأدوية».
وكانت دراسة صينية نشرتها دورية «ساينس» في 9 أبريل الحالي، حددت الحيوانات المعرضة للإصابة بالفيروس كي يتسنى استخدامها لاختبار لقاحات تجريبية، وأظهرت اختبارات الأجسام المضادة أن القطط أكثر عرضة من الكلاب للإصابة بالفيروس، بينما لم يعثر على أي سلالة للفيروس في الخنازير والدجاج والبط التي تم تلقيحها به.
ويعزي الدكتور محمد علي زكي، أستاذ الفيروسات بجامعة عين شمس، اختلاف معدلات الإصابة بالفيروس من حيوان إلى آخر، لاختلاف عدد مستقبلات الفيروس في خلايا كل حيوان.
ويستخدم الفيروس المستقبل «ACE2»، وهو إنزيم يرتبط بالسطح الخارجي للخلايا في الرئتين والقلب، وتتشارك القطط وعدد من الحيوانات البرية في هذا المستقبل ACE2. مما يجعلها عرضة أيضاً للإصابة بالمرض.
ولم تسجل حالات الإصابة بحيوانات برية سوى في الولايات المتحدة الأميركية حتى الآن، وأعلنت في 6 أبريل الحالي جمعية الحفاظ على الحياة البرية، وهي منظمة غير ربحية تدير حديقة حيوان برونكس في نيويورك، إصابة خمسة نمور وثلاثة أسود في الحديقة، ورجحت أن يكون الفيروس انتقل إليها من أحد الموظفين.
ولم تظهر هذه الحيوانات أعراضاً شديدة للمرض، كما أن القطط التي أصيبت في نيويورك تتصرف بشكل طبيعي، وتأكل بشكل جيد، وسعالها ينخفض بشكل كبير، وفق بيان للجمعية، أول من أمس، وهو ما أرجعه د. زكي إلى تباينات في أداء جهاز المناعة بين البشر والحيوانات.
وقال: «هذا أمر وارد، فقد يكون للجهاز للمناعي بهذه الحيوانات القدرة على مقاومة الفيروس بشكل أسرع، فلا يحدث له انتشار سريع بالجسم».
وكما أوصى خبراء الصحة العامة بضرورة العزل المنزلي للبشر لمقاومة انتشار وباء «كوفيد – 19»، فإن تسجيل حالات إصابة بين الحيوانات، وإن كانت لا تزال قليلة، لم تمنع مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بأميركا من التوجيه، في بيان، أول من أمس، بمنع الناس لحيواناتهم الأليفة من التفاعل مع الناس أو الحيوانات خارج منازلهم، عن طريق إبقائها داخل المنازل.
وكانت «منظمة الصحة العالمية» طلبت من الناس عدم إيذاء الحيوانات، بسبب تفشي فيروس «كورونا»، وقال مايك ريان، كبير خبراء الطوارئ في المنظمة في تصريحات صحافية: «للحيوانات حقوقها، وتستحق أن تُعامَل بعطف واحترام… إنها ضحايا مثلنا».
وقالت ماريا فان كيرخوف، عالمة الأوبئة في المنظمة، في مؤتمر صحافي خلال اليوم نفسه: «لا نعتقد أن الحيوانات الأليفة تلعب أي دور في نقل العدوى، لكننا نعتقد أنه قد يكون من الممكن أن تنتقل إليها العدوى من شخص مصاب»
منقول