أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة الخميس، أن مستشفيات شمالي القطاع خرجت عن الخدمة، مشددة على مواصلة العمل لتشغيل أي مستشفى في غزة، رغم الصعوبات جراء تداعيات حرب صهيونية متواصلة منذ أكثر من شهرين.
ونقل المكتب الإعلامي الحكومي في غزة على منصة تليغرام عن المتحدث باسم وزارة الصحة بالقطاع أشرف القدرة، قوله إن “مستشفيات شمال غزة خرجت عن الخدمة، ونواجه صعوبات في تشغيل جزء من مجمع الشفاء (غرب مدينة غزة)”.
وتابع القدرة: “سنواصل محاولات تشغيل أي مستشفى في قطاع غزة رغم الصعوبات”، مضيفا أن “مستشفى ناصر في (مدينة) خان يونس (جنوبيّ القطاع) أصبح مكتظّاً بنحو 1000 جريح، والمصابون يفترشون الأرض”.
كما نقل المكتب الإعلامي الحكومي عن وكيل وزارة الصحة المساعد في غزة ماهر شامية قوله: “مجمع الشفاء الطبي (تَعرَّض لاقتحام إسرائيلي وطرد المرضى والأطقم الطبية والنازحين) ليس فيه كهرباء حتى الآن، وامتلأ بآلاف النازحين”.
وأكد أن “إعادة تشغيل المستشفيات تواجه صعوبات كبيرة مع نقص الوقود. افتتحنا مركزين للرعاية الصحية في الأزقة كي نلبّي الحاجات الصحية، ونحتاج إلى طواقم طبية وكل أنواع الأجهزة الطبية كي نؤدّي أدوارنا”.
وحسب السلطات في القطاع ومنظمات الأمم المتحدة المعنية، فإن المساعدات الإنسانية، لا سيما المستلزمات الطبية والوقود، التي تدخل غزة محدودة جداً ولا تناسب حجم “الكارثة الإنسانية غير المسبوقة”، في ظل حرب مدمرة وقيود شديدة تفرضها دولة الاحتلال على القطاع، حيث يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني.
من جانبها أعلنت منظمة “أطباء بلا حدود” الدولية، أن عدد الشهداء الذين نُقلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى في غزة تجاوز عدد المصابين للمرة الأولى.
وقالت المنظمة عبر حسابها في إكس الخميس: “عدد القتلى الذين نُقلوا أمس إلى مستشفى شهداء الأقصى بدعم من منظمة أطباء بلا حدود، تجاوز عدد الجرحى لأول مرة”. وأشارت المنظمة إلى أن 115 شخصاً استُشهدوا خلال 24 ساعة الماضية، مضيفة أن “المستشفى ممتلئ والمشرحة ممتلئة”. ودعت المنظمة الجيش الإسرائيلي إلى وقف القصف العشوائي على قطاع غزة وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.
و واصل جيش الاحتلال الصهيوني غاراته على مدن قطاع غزة وقصف مخيم جباليا بقنابل الفوسفور المحرمة دولياً، ما تسبب في وقوع عشرات الشهداء والجرحى ونشوب حرائق، فيما تجاوزت حصيلة الشهداء 16 ألف شهيد، وأكثر من 40 ألف مصاب منذ بدء العدوان على غزة في 7أكتوبر الماضي.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إن الاحتلال الصهيوني ارتكب مجزرة جديدة في مخيم جباليا بقصفه بقنابل الفوسفور المحرمة دولياً، كما قصف مدرسة داخل المخيم بالمدفعية متسبباً في سقوط عشرات الشهداء، ومنزلاً يؤوي عائلة نازحة في مخيم المغازي، ما أدى إلى استشهاد 17 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات، أغلبهم من النساء والأطفال.
وأضافت أن المواطنين في جباليا اضطُّروا لدفن عشرات الشهداء في مقابر جماعية في ظل استمرار القصف والحصار الذي تفرضه دبابات الاحتلال على المخيم.
وأطلق طيران الاحتلال وابلاً من قنابل الغاز السام على المدنيين بحي الشيخ رضوان في مدينة غزة، ما تسبب في حالات اختناق بين المواطنين. كما شن سلسلة غارات على دير البلح وسط قطاع غزة.
كما “ا ستُشهد 6 مواطنين على الأقل، وأُصيب آخرون في قصف طيران الاحتلال منزلاً في مخيم الشابورة في رفح جنوب قطاع غزة”، حسب الوكالة.
وأفادت “وفا” بأن خروج مستشفيات شمال القطاع عن الخدمة، وعدم تمكن طواقم الإسعاف من التنقل في ظل اشتداد القصف يُصعّب انتشال الجرحى من تحت الأنقاض ما يؤدي إلى استشهادهم.
واشتدّت حدة القصف الصهيوني في مختلف مناطق القطاع مطلع ديسمبر الجاري، مع انتهاء هدنة إنسانية مؤقتة استمرت 7 أيام بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، أُنجزت بوساطة قطرية-مصرية-أمريكية، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية محدودة إلى القطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.
ميدانياً تواصل المقاومة معاركها مع قوات الاحتلال المتوغلة داخل القطاع، خصوصاً حي الشجاعية بمدينة غزة شمالي القطاع، وفي خان يونس جنوباً.
على الصعيد الإنساني أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، الخميس، توقف خدماتها في محافظة غزة، وإجلاء طاقم محطة الإسعاف، “بعد منع الاحتلال الإسرائيلي الطواقم العاملة في الاستجابة للنازحين”.
وفي بيان حول تقرير استجابة طواقمها من تاريخ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر الجاري حتى 5 ديسمبر الجاري، قالت الجمعية إن من تحديات العمل التي تواجهها “نفاد الوقود الخاص بمستشفى الأمل وفرع الجمعية في خان يونس (…) مما يزيد من حجم التحديات التي تواجه الطواقم العاملة في الاستجابة للنازحين والحالات الإسعافية”.
وأشار البيان إلى “توقف خدمات الجمعية في محافظة غزة، إذ جرى إجلاء طواقم العمل المختلفة في مقر الجمعية ومستشفى القدس، بالإضافة إلى طاقم محطة إسعاف غزة بعد منع الاحتلال الطواقم من الاستجابة للحالات الإنسانية”.
ولفت إلى “توقف العمل في مستشفيات مدينة غزة وعلى رأسها مستشفيا القدس والشفاء، وانهيار منظومة الخدمات الصحية في مستشفيات القطاع نتيجة الاستهداف المستمر من قوات الاحتلال الصهيوني، ونفاد الوقود، ونقص الكوادر الطبية، مما ينذر بزيادة حجم الكوارث”.
وتابع: “نفاد الوقود الخاص بمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، ومع إغلاق معبر رفح البري وتوقف إمدادات الوقود وانقطاع المياه، الأمر الذي ينذر بكارثة إنسانية تؤثر في معظم القطاعات الحيوية”.
ويعيش سكان قطاع غزة “كارثة إنسانية غير مسبوقة” بسبب الحرب الصهيونية، فاقمها شح في الغذاء والدواء والماء الصالح للشرب، إضافةً إلى الوقود الذي تحدد إسرائيل دخوله إلى القطاع بكميات لا تسمح حتى بعمل المرافق الحيوية والمستشفيات.
ونهاية نوفمبر الماضي، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، من خطر حدوث “مجاعة” في قطاع غزة، مؤكداً أن الإمدادات غير كافية على الإطلاق للتعامل مع مستوى الجوع الذي رصده موظفو البرنامج في ملاجئ الأمم المتحدة وأماكن النزوح الأخرى.
ويشنُّ جيش الاحتلال الصهيوني منذ 7 أكتوبر الماضي حرباً مدمرة على غزة، أسفرت عن استشهاد أكثر من 16 ألفاً و250 فلسطينياً، وجرح أكثر من 43 ألف فلسطيني، كما خلّفت دماراً هائلاً في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، وفقاً لمصادر فلسطينية وأممية.
