حظيّت بلاد السامبا بشرف تنظيم النسخة العشرين للمونديال سنة 2014م، وشاهدنا خلال هذه النّسخة أمتع المباريات التي لازالت بعض لقطاتها تتراكضُ في الأذهان، ولعلّ أهم المباريات التي استمتعنا به، نحن العرب، ومن المستحيل نسيانها، لأنّ التاريخ لا ينسى، ولأنّ ذاكرة العرب ما تنفكّ تشيدُ بإنجازاتها الكبيرة ولا تنساها بسهولة، هو تأهل المنتخب الجزائري للدور الثاني بعد تعادله مع نظيره الروسي بهدفٍ لمثله، ليجد نفسه في مجابهة أعرق المنتخبات الأوروبية (ألمانيا) في مباراةٍ للتاريخ، استبسل فيها لاعبو الجزائر وقدّموا أداءً رفيعاً استحقوا عليه كل التنويه والافتخار، وقد ذكّرتنا هذه المباراة بملحمة خيخون في مونديال 1986م الذي جرت أطواره في إسبانيا، عندما فازت الجزائر على ألمانيا في المباراة الافتتاحية لدور المجموعات وتلقّت هزيمة أمام النّمسا، وحققت انتصاراً على تشيلي كان كافياً لبلوغها للدور الثاني، لكن المؤامرة شاءت أن تتأهل النمسا وجارتها ألمانيا، لتنضاف مؤامرة خيخون إلى سجل السواد للساحرة المستديرة.
وربّما تأهل الجزائر لثمن النّهائي في نسخة 2014م ومجاراتها للمنتخب الألماني المدجّج بالنّجوم، وجرجرتهِ إلى الوقت الإضافي لم تكن المفاجأة الأولى والأخيرة، بل إنّ خسارة البلد المنظِّم في مباراة النّصف النهائي أمام ألمانيا بنتيجة ثقيلة ومذلة بلغت سبعة أهدافٍ كاملة مقابل هدفٍ يتيم جاء متأخراً، أسقطت كل انتصارات كانت تختبئ وراءها البرازيل لتضيف إلى سجلّ السواد كارثةً أخرى، ولأنّ المصائب لا تأتي فرادى، ففي نفس المباراة شرِب ميروسلاف كلوزه التاريخ من كأس التهديف ليعتليّ صدارة هدافيّ المونديال متجاوزاً بذلك الداهية البرازيلي رونالدو الذي حافظ على سجله بواقع 15 هدفاً طيلة ثلاث نسخ، ليكون صمته حينها أقرب إلى الكلام بعد تلاشي ما حقّقه من أرقام، وكان حزنهُ مضاعفاً؛ إذْ لم يكن يدرِ أنّ الكرة ستعاقبه رفقة منتخب بلده دون سبق إصرار.
كلّ هذه المفاجآت كانت ملفتة للنّظر، بالإضافة إلى خروج حامل لقب النسخة السابقة (2010م) منتخب إسبانيا من دور المجموعات في صدمةٍ هزّت كيان عاشقي الجلد المُدوّر، لكن الجديد في نسخة البرازيل الذي أثار حمأة وضجيجاً هو تطبيق تكنولوجيا خطّ المرمى، بعدما أثارت بعض الأهداف لغطاً كبيراً، لأنّها تجاوزت خطّ المرمى، والحكم، باعتباره إنساناً يمكن أن يُصيب أو يخطئ، لا يمكنه الانتباه لها، فكان الحل هو هذه التقنية، سيّما وأنّ المطالبة بها ازدادت حدّة بعد الهدف الذي سجّله الإنكليزي فرانك لامبارد في نسخة 2010م في مرمى ألمانيا لكنّه لم يُحتسب، في فضيحةٍ كروية جديدة. وقد خفّفت هذه التقنية العناء عن الحكّام قليلاً، لأنّها ترتبطُ بساعةٍ تحيطُ بمعصم الحكم، فإذا ما تجاوزت الكرة خطّ المرمى تُشعِرهُ بتسجيل الهدف مباشرة.