على مدار 36 عاماً، نجحت تنبؤات المؤرخ الأميركي آلان ليتشمان في تحديد هوية الفائز في السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض، بإجمالي 9 استحقاقات انتخابية.
وجاءت توقعات البروفيسور الأميركي صحيحة للمرة الأولى في عام 1984، حين توقع إعادة انتخاب الرئيس الأسبق ردونالد ريغان.
وفي عام 2000، توقع ليتشمان فوز المرشح الديمقراطي آل غور، الذي حصد بالفعل الفوز عبر التصويت الشعبي، لكنه خسر كرسي الرئاسة في نهاية المطاف لمصلحة منافسه الجمهوري، الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، عندما قضت المحكمة العليا بوقف إعادة الفرز نتيجة الخلاف على الأصوات غير الحاسمة التي جرى الإدلاء بها في ولاية فلوريدا.
ومنذ ذلك الحين، أدخل المؤرخ الأميركي تعديلاً على الآلية التي يعتمدها لإقرار توقعاته الانتخابية.
في حديث مع شبكة “سي إن إن” الأميركية قال ليتشمان إنه لا يستند إلى تكهّنات عبثية في إرساء توقعاته، بل يعتمد على نموذج مكوّن من 13 عاملاً أطلق عليه اسم “مفاتيح البيت الأبيض”.
وتتضمن هذه المفاتيح عوامل عدة، أبرزها نجاحات السياسات الخارجية وإخفاقاتها، والاضطرابات الاجتماعية، والازدهار الاقتصادي والكساد، والفضائح، وابتكار السياسات، فضلاً عن الحضور القوي.
وفي حال تعارُض 6 مفاتيح أو أكثر مع المرشح الذي يشغل منصب الرئيس، ترجح كفّة الفوز لمصلحة منافسه.
ولفت ليتشمان في حديثه مع الشبكة الأميركية إلى أن “الضمان الأكبر لنجاح نظرية المفاتيح الثلاثة عشر يتمثل بتجاهل ما تقوله استطلاعات الرأي والنقاد والتقلبات اليومية للحملات الانتخابية. في هذه الحال ترى الصورة أكبر وأوضح”.
ترمب أم بايدن؟
وبشكل حاسم قال ليتشمان لشبكة “سي إن إن”، إن مفاتيحه هذا العام “تتنبأ برحيل الرئيس دونالد ترمب عن البيت الأبيض”.
ورغم إقرار توقعات البروفيسور الأميركي بفوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، فإنه لفت في حوار أجرته معه وكالة “فرانس برس”، إلى أن “بايدن يخفق في واحد من مفاتيح البيت الأبيض”.
وأضاف ليشتمان: “بايدن رجل ودودٌ جداً وصادق، لكنه لا يتمتع بشخصية قوية. إنه يخفق في هذا المفتاح”.
وكان ليتشمان قد اعتبر أواخر عام 2019 أن “ترمب يمضي قدماً بشكل جيد نحو إعادة انتخابه”، لكنه رأى خلال حديثه مع وكالة الأنباء الفرنسية أن “الرئيس الأميركي ارتكب خطاً فادحاً لاحقاً”.
ويتمثل الخطأ الذي قد يكلف ترمب كرسي الرئاسة، بحسب ليتشمان، في أنه “اكتفى بإلقاء خطابات للخروج من أزمات تضرب البلاد، مثل دعوات تحقيق العدالة الاجتماعية والركود الاقتصادي.. وهذا لا يجوز، والنتيجة رئاسة فاشلة”.
لكن توقعات ليتشمان بفوز ترمب تتعارض مع نتائج نموذج آخر يُدعى “النموذج الأساسي”، ابتكره أستاذ العلوم السياسية في “جامعة نيويورك”، هيلموت نوربوت، الذي أصابت توقعاته في 5 استحقاقات رئاسية منذ عام 1992.
وتوقع نوربوت وفقاً لمجلة “فوريس” الأميركية، فوز ترمب بفارق كبير عن منافسه الديمقراطي، يصل إلى 91%.
هل تنجح توقعات ليتشمان؟
ورغم أن توقّعات ليتشمان في عام 2016 تفوقت على استطلاعات الرأي آنذاك، وكان من القلائل الذين رجّحوا فوز ترمب، فإن الخبير الاقتصادي غراي سميث، شكك في حديث إلى موقع “ذي كونفرزاشن”، بتوقعات المؤرخ الأميركي.
ورأى سميث أن تنبؤات ليتشمان جاءت بمعزل عن عوامل ربما تلعب دوراً بالغ الأهمية في تحديد هوية الفائز في الانتخابات.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن أهم هذه العوامل هي “تدفّق الأصوات عبر البريد والتصويت المبكّر ما يجعل الانتخابات الرئاسية الأميركية 2020، من أصعب الانتخابات التي يمكن توقعها”.
وبحسب وكالة “رويترز”، أدلى أكثر من 99 مليون أميركي بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، ويشكل هذا الرقم القياسي 69% من إجمالي المشاركين في التصويت، في انتخابات عام 2016.
وأشار المؤرخ الأميركي إلى أنه عدّل مقاييسه عقب فوز الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش في عام 2000، لتشير إلى المرشح الحاصل على “أكبر عدد من الأصوات الانتخابية، وليس المرشح الحاصل على الأصوات الأكثر شعبية”.