ارتفعت أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم بسبب الاضطرابات في سلسلة التوريد العالمية والأحوال الجوية السيئة وارتفاع أسعار الطاقة، مما يفرض أعباء ثقيلة على الفقراء ويهدد بزيادة الاضطرابات الاجتماعية في جميع أنحاء العالم، بحسب تقرير صحيفة نيويورك تايمز.
وأثرت الزيادات على أنواع متنوعة من الأغذية مثل الحبوب والزيوت النباتية والزبد والمعكرونة ولحم البقر والقهوة.
وتأتي هذه الزيادات في الوقت الذي يواجه فيه المزارعون في جميع أنحاء العالم مجموعة من التحديات وفي مقدمتها الجفاف والعواصف الجليدية التي دمرت المحاصيل، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأسمدة والوقود ونقص العمالة بسبب وباء كورونا واضطراب سلسلة التوريد التي تجعل من الصعب توصيل المنتجات إلى السوق.
وأظهر مؤشر عالمي أصدرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، الخميس، أن أسعار الغذاء في جانفي الماضي ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ 2011، عندما ساهم الارتفاع الصاروخي في الأسعار في اندلاع الانتفاضات السياسية في تونس ، مصر وليبيا.
فقد واصلت أسعار اللحوم ومنتجات الألبان والحبوب الارتفاع منذ ديسمبر، بينما وصل سعر الزيوت إلى أعلى مستوى منذ بدء تتبع المؤشر في عام 1990.
وقال موريس أوبستفيلد، زميل أقدم في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي وكان سابقًا كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، لصحيفة نيويورك تايمز إن ارتفاع أسعار الغذاء من شأنه أن يجهد الدخل في البلدان الفقيرة، لا سيما في بعض أجزاء أمريكا اللاتينية وأفريقيا، حيث ينفقون ما يصل إلى 50 أو 60 في المئة من دخلهم على الطعام.
وأكد أنه ليس من قبيل المبالغة القول بإن العالم يقترب من أزمة غذاء عالمية، مشيرا إلى أن تباطؤ النمو والبطالة المرتفعة والميزانيات المرهقة من الحكومات التي أنفقت بكثافة لمكافحة الوباء تسببت في غضب شديد.
وأضاف: “هناك أسباب كثيرة للقلق بشأن الاضطرابات الاجتماعية على نطاق واسع”.
حتى قبل الوباء، كانت أسعار الغذاء العالمية تتجه نحو الارتفاع حيث أدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى فرض رسوم جمركية صينية على السلع الزراعية الأميركية.
ولكن مع بدء الوباء في أوائل عام 2020، شهد العالم تحولات زلزالية في الطلب على الغذاء. وأغلقت المطاعم والكافيتريات والمسالخ أبوابها، وتحول المزيد من الناس إلى الطهي وتناول الطعام في المنزل، مما دفع بعض المزارعين الأميركيين الذين لم يتمكنوا من إيصال منتجاتهم إلى أيدي المستهلكين إلى إلقاء الحليب في حقولهم وإعدام قطعانهم.
وقال كريستيان بوغمانز، الخبير الاقتصادي في صندوق النقد الدولي: “أدى الجفاف وسوء الأحوال الجوية في البلدان الزراعية الرئيسية المنتجة مثل البرازيل والأرجنتين والولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا إلى تفاقم الوضع”.
تُظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن متوسط تضخم أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم بلغ 6.85٪ على أساس سنوي في ديسمبر، وهو أعلى مستوى منذ بدء سلسلتها في 2014.
بين أفريل 2020 وديسمبر 2021، ارتفع سعر فول الصويا بنسبة 52٪، كما ارتفع سعر القمح والذرة بنسبة 80 في المائة، بينما ارتفع سعر البن بنسبة 70 في المائة، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي.
وأكد بوغمانز أن احتمالية الصراع في أوكرانيا وسوء الأحوال الجوية يزيدان من تهديدات عدم استقرار أسعار المواد الغذائية في العالم.
في أفريقيا، أدى سوء الأحوال الجوية والقيود المفروضة على انتشار الأوبئة والصراعات في جمهورية الكونغو الديمقراطية وأثيوبيا ونيجيريا وجنوب السودان والسودان إلى تعطيل طرق النقل ورفع أسعار المواد الغذائية.
وقدر جوزيف سيغل، مدير الأبحاث في مركز أفريقيا للدراسات الإستراتيجية بجامعة الدفاع الوطني، أن 106 مليون شخص في القارة يواجهون انعدام الأمن الغذائي، وهو ضعف العدد منذ عام 2018. وقال “أفريقيا تواجه مستويات قياسية من انعدام الأمن”.