توفيت ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، عن عمر يناهز 96 عاما، حسبما أعلن عنه قصر باكنغهام.
ووافت المنية الملكة أثناء إقامتها في قصر بالمورال في إسكتلندا، حيث كانت تقضي عطلة الصيف.
وجاء ذلك وسط حضور أبنائها الأربعة، بمن فيهم ولي العهد الأمير تشارلز.
وتولت إليزابيث الثانية العرش في عام 1952 وباتت أطول ملوك بريطانيا جلوسا على العرش، متجاوزة في ذلك الملكة فيكتوريا.
وكانت إليزابيث على رأس 15 دولة من دول اتحاد الكومنولث.
وشهد عصرها نهاية الإمبراطورية البريطانية في الخارج. وكانت رمزا للاستقرار والاستمرار في عالم متغير.
تميزت الفترة الطويلة لعهد الملكة إليزابيث الثانية بإخلاصها اللامتناهي لدورها وبعزيمتها الصلبة في تكريس حياتها للعرش ولشعبها، وظلت لدى الكثيرين الثابت الوحيد في عالم سريع التقلبات والتغيرات، حيث تراجع النفوذ البريطاني والمجتمع تغير بشكل لافت جداً، حتى بات دور المؤسسة الملكية نفسه مثار جدل.
نجاح الملكة في الحفاظ على الملكية خلال هذه الفترات العصيبة كان إنجازاً عظيماً خصوصاً أنه لم يكن من المتوقع أن يؤول إليها العرش يوم أبصرت النور.
حياة الملكة
ولدت إليزابيث ألكسندرا ماري وندسور يوم 21 أفريل 1926، في منزل غير بعيد عن ميدان بيركلي في لندن. وكانت المولود البكر لألبرت، دوق يورك، الابن الثاني لجورج الخامس وزوجته الدوقة إليزابيث بوز-ليون.
تلقت إليزابيث وشقيقتها، مارغريت روز، المولودة سنة 1930، تعليمهما في المنزل، وترعرعتا في جو عائلي مفعم بالحب. وكانت إليزابيث مقربة جداً من والدها وجدها، جورج الخامس.
في سن السادسة، قالت إليزابيث لمدربها في الفروسية إنها تود أن تصبح “سيدة ريفية تملك الكثير من الخيول والكلاب”.
ويقال إنها كانت تتحلى بقدر عال من المسؤولية منذ نعومة أظافرها. ونقل عن ونستون تشرتشل، قبل توليه رئاسة الوزراء، قوله: “إن ملامح السلطة ظاهرة عليها بشكل مدهش”.
وأثبتت إليزابيث مهارتها في اللغات وقامت بدراسة معمقة في التاريخ الدستوري رغم تعليمها المنزلي.
وأقيمت جمعية كشفية خاصة بالبنات تحت اسم “فورست باكنغهام بالاس” حتى تتمكن إليزابيث من الاختلاط بأترابها من البنات.
من “الملكية” إلى “العائلة الملكية“
بتشجيع من زوجها المعروف بمناهضة انغلاق البلاط، شرعت الملكة في التأقلم مع النظام الجديد. ألغيت الحفلات التقليدية السنوية لاستقبال الفتيات المقبلات على الزواج في القصر، واستبدل مصطلح “الملكية” بـ “العائلة الملكية”.
وجدت الملكة نفسها مجدداً في خضم جدل سياسي حين استقال رئيس الوزراء، هارولد ماكميلان، سنة 1963. ولأن حزب المحافظين لم يكن بعد قد أرسى نظاما لاختيار زعيم جديد، عملت الملكة بنصيحة ماكميلان وعينت إيرل هوم خلفا له.
كانت تلك فترة عصيبة على الملكة التي تميز عهدها بالانضباط الدستوري وبمزيد من الفصل بين الملكية والحكومة. فقد كانت الملكة تأخذ حقها في أخذ العلم وفي إسداء الرأي وحتى التنبيه، لكنها لم تسع للقيام بأكثر من ذلك.
كانت تلك آخر مرة تواجه فيها مثل هذا الموقف، حيث تخلى حزب المحافظين عن تقليده المتمثل في البروز التلقائي لزعمائه، ووضع نظاماً محدداً لانتخابهم.
15 رئيس وزراء
وعاصرت إليزابيث 15 رئيساً للوزراء من ونستون تشرشل (1952-1955) إلى ليز تراس التي عينتها قبل يومين من وفاتها، وكان رؤساء الوزراء يطلعونها خلال جلسات أسبوعية على أبرز التطورات الراهنة الفترة القائمة.
والتقت الملكة 13 من الرؤساء الـ 14 الأميركيين، منذ هاري ترومان (1945-1953) إلى جو بايدن حالياً. أما الرئيس الذي ينقص من اللائحة فهو ليندون جونسون (1963-1969).
وقابلت إليزابيث، وهي رئيسة الكنيسة الأنغليكانية وتُعرف بتدينها وممارستها لواجباتها الدينية بشكل منتظم، 4 باباوات خلال زيارات رسمية، هم: يوحنا الـ 23 (1961)، يوحنا بولس الثاني (1980-2000)، وبنديكت الـ 16 (2010) والبابا فرانشيسكو (2014).
مليون بطاقة تهنئة
وأرسلت الملكة نحو 300 ألف بطاقة تهنئة إلى معمرين وأكثر من 900 ألف أخرى إلى أزواج يحتفلون بذكرى زواجهم الستين. واستمر زواجها من الأمير فيليب 73 عاماً قبل أن يتوفى في أبريل/نيسان 2021، مما يمثل أيضاً رقماً قياسياً لملك بريطاني.
والتُقطَت لإليزابيث الثانية أكثر من 200 صورة بورتريه، وكانت أول صورة لها في سن السابعة.
رائدة أحياناً
وكانت إليزابيث أول عاهل بريطاني يزور الصين عام 1996، وأول ملك بريطاني يلقي كلمة أمام مجلس النواب الأميركي في 16 ماي1991.
وأرسلت أول بريد إلكتروني خاص بها في 26 مارس 1976، خلال زيارة كانت تجريها لمركز أبحاث تابع لوزارة الدفاع.
وعام 1997، أطلقت أول موقع إلكتروني رسمي لقصر باكنغهام.
وكتبت أول تغريدة لها في تويتر عام 2014، أما أول منشور لها عبر إنستغرام فكان عام 2019.
وإليزابيث هي الملكة الوحيدة التي قفزت (تقريبا) بالمظلة مع جيمس بوند، إذ ظهرت بمقطع فيديو أُنجز لافتتاح أولمبياد 2012 في لندن، وهي تستقبل الجاسوس الذي يجسد دوره الممثل دانيال كريغ في قصر باكنغهام قبل أن يركبا كلاهما طوافة ويحلقا في سماء لندن ثم يقفزان (في مشهد تمثيلي) فوق الملعب الأولمبي الذي شهد حضوراً فعلياً للملكة لاقى ترحيباً كبيراً