أصدرت اللجنة الوزارية للفتوى، اليوم السبت، بيانا تحت رقم 39، نظرا للحملة الممنهجة الشعواء التي تحاك ضد الجزائر بنشر المخدرات والمهلوسات والمؤثرات العقلية، خاصة في أوساط الشباب.
وأكدت اللجنة الوزارية للفتوى على تحريم المخدرات والمهلوسات والمؤثرات العقلية تعاطيا واستهلاكا وترويجا وبيعا لما فيها من أضرار تخل بالعقل وتهدر الكرامة الانسانية وتؤدي بالحياة البشرية إلى التهلكة، مؤكدة أن خطورتها كالخمر بل هي أشد خطرا ويدرك كل ذي عقل أنها من الخبائث، وهي شديدة الفتك بالنفس البشرية وطريق للجريمة والقتل كما أنها مفسدة للعقل ومخلة به غاية الإخلال.
من جانب آخر، أشارت لجنة الفتوى أن الترويج للمخدرات والمهلوسات وتعاطيها من مهددات الأمن الوطني والاستقرار المجتمعي، وهي من أخطر أسباب زرع الفتنة وشيوع الانحراف والفاحشة.
وفي المقابل فإن وقاية أبناء المجتمع من تعاطيها ومواجهة مروجيها، يعتبر من الأسباب التي تعزز الأمن وتحافظ على استقرار الوطن وتنميته وحماية أبنائه.
فيما يلي النص الكامل لبيان لجنة الفتوى:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فأمام الحملة الممنهجة الشعواء التي تُحاك ضد الجزائر بنشر المخدرات والمهلوسات والمؤثرات العقلية، خاصة في أوساط الشباب، ووعيا بالخطط التي تستهدف إغراق المجتمع بهذه السموم بمختلف الوسائل والطرق، وتهديد أمن الوطن، وعملا بقوله تعالى:﴿ وَذَكَرْ فَإِنَّ الذكرى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات 155]
فإن اللجنة الوزارية للفتوى تبين ما يأتي:
أولا . التأكيد على تحريم المخدرات والمهلوسات والمؤثرات العقلية، تعاطيا واستهلاكا وترويجا وبيعا، فإن ذلك من كبائر الذنوب لدلالة النصوص على تحريمها، ولما فيها من الأضرار البالغة التي تخل بالعقل، وتزري بالحياة البشرية وتهدر الكرامة الإنسانية.
. فلا يخفى أن خطورتها كالخمر بل هي أشد خطرا، وقد قال الله تعالى:﴿ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخمر والميسر والانصَابُ وَالازلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة 190] . ويدرك كل ذي عقل أنها من الخبائث، والله تعالى يقول: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائثَ﴾ [الأعراف 157].
. وهي شديدة الفتك بالنفس البشرية وهي طريق الجريمة والقتل والله تعالى يقول: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُم إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة/119]
. وهي مفسدة للعقل مُخلة به غاية الإخلال، وقد ثبت أنه (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ كُلَّ مسْكِرٍ وَمُفَتِرِ) [مسند الإمام أحمد].
ثانيا . إن الترويج للمخدرات والمهلوسات وتعاطيها من مهددات الأمن الوطني والاستقرار المجتمعي، وهي من أخطر أسباب زرع الفتنة وشيوع الانحراف والفاحشة فيه، قال الله تعالى: ﴿ وَالْفِتْنَةُ أكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة/215]، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا هُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور/19].
وفي المقابل فإن وقاية أبناء المجتمع من تعاطيها، ومواجهة مروجيها، يعتبر من الأسباب التي تعزز الأمن وتحافظ على استقرار الوطن وتنميته، وحمايته أبنائه.
ثالثا . دعوة الأسرة الجزائرية إلى العناية بأولادها والحرص على حمايتهم من المخدرات والمهلوسات، بما في ذلك المخدرات الرقمية والإلكترونية، وهي مهمة ملقاة على الآباء والأمهات بصفة خاصة، والله من هو القائل: ﴿ يَأَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائكَة غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُومَرُونَ ﴾ [التحريم 16]
رابعا . الحث على الاندماج الكامل لكل المواطنين والمواطنات، ومؤسسات صناعة الرأي لحماية المجتمع من هذه الآفة الخطيرة، لاسيما لجان الأحياء والقرى والمداشر، والمؤسسات التعليمية، وجمعيات أولياء التلاميذ ومختلف هيئات المجتمع المدني ووسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، وتعزيز دورها الإيجابي في الوقاية من هذه الآفة، عملا بمبدأ النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكل ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة وبكل الوسائل المشروعة المتاحة، مع التبليغ عن المروجين ومساعدة المدمنين على التخلص من ذلك، وقد قال الله تعالى:﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأَوَلَيْكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [ ٱل عمران/104]، ولا يخفى ما في ذلك كله من الأجر الكبير والثواب العظيم، لما فيه من حفظ النفس والعقل، وتحقيق الاستقرار.
خامسا . التنويه بالدور الكبير الذي تضطلع به المصالح الأمنية والعسكرية، من السهر على محاربة هذه الظاهرة، وحماية الوطن وأبنائه من تجار الموت المروجين لهذه الآفات المدمرة، والشكر لهم على المجهودات الكبيرة، التي تثمر توقيف وحجز كميات هائلة من المخدرات والمهلوسات وتقديم المتورطين إلى العدالة، فلهم بشرى رسول الله ﷺ وسلم القائل: (عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبيل الله ) سنن الترمذي. والشكر موصول إلى جهاز العدالة، وإلى كل العاملين المخلصين في مختلف الميادين والمؤسسات والهيئات.
هذا، وإن أعضاء اللجنة ليرفعون أكف الضراعة والدعاء إلى المولى سبحانه أن يحفظ للجزائر أمنها واستقرارها ويعزز تنميتها وازدهارها وأن يرزقنا غيثا صيبا نافعا يُحيي به الأرض، ويُنبتُ به الزرع، كما نسأله سبحانه أن ينزل شآبيب الرحمة والمغفرة على شهيد المحراب الشيخ الإمام سعيد تامتري، إثر حادثة الاعتداء الغريبة عن مجتمعنا، ونتقدم بأخلص التعازي وأصدقها إلى عائلته الكريمة، وإلى أسرة المساجد في جزائرنا الحبيبة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.