ما بين وصفه بأنه نقطة تحول حقيقية ولحظة عار كارثية.. انقسام فرنسى حول قانون الهجرة

Ibtihel Laouar25 فبراير 2024آخر تحديث :
ما بين وصفه بأنه نقطة تحول حقيقية ولحظة عار كارثية.. انقسام فرنسى حول قانون الهجرة

فى الوقت الذى اندلعت فيه المظاهرات ضد قانون الهجرة يوم 22 ديسمبر الماضى فى باريس من قبل مجموعة من الجمعيات، كان مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية يعتمدان مشروع هذا القانون بالأغلبية‪.‬

يتماشى تبنى هذا القانون مع التشكيك غير المسبوق فى قيم الجمهورية، فالقانون الجديد يعمل على تحديد حصص الهجرة، ويحدد شروط المساعدة الاجتماعية بخمس سنوات من الإقامة القانونية، ويعمل على تشديد شروط الحصول على الجنسية بل ويتجاوز كل الخطوط الحمراء فى وضع الأجانب، أما المفارقة أنه يذهب إلى حد جعل الحصول على تصريح الإقامة، مشروطا باحترام المبادئ الجمهورية والتى لا يحترمها القانون من الأساس.

وإلى جانب الاعتداء بشكل جذرى على حقوق الأجانب، فإن هذا القانون يزيد من تعقيد العمل، الذى يقوم به الموظفون والمتطوعون فى العديد من الجمعيات التى تتدخل لمساعدة الأشخاص الأكثر حرمانا، حيث ينص القانون على فرض قيود على أماكن الإقامة فى حالات الطوارئ بالنسبة للأشخاص، الذين يواجهون مشكلة الترحيل من البلاد حيث تسعى الجمعيات والجهات الفاعلة إلى تعزيز اندماج المهاجرين، والعمل على حل مشاكلهم بدلا من ترحيلهم ، ولكن أصبح الأمر أكثر صعوبة بسبب القانون الذى تم إقراره فبدلاً من استخدام الخبرات لتقديم حلول ملموسة ومفيدة لحل مشاكل المهاجرين، اختار البرلمانيون الاستسلام لصافرات إنذار اليمين المتطرف والذى يتباهى اليوم “بانتصاره الإيديولوجي” وذلك على حساب مبادئ الجمهورية الأساسية.

فبدلا من الاستفادة من المهاجرين لإثراء الوضع فى فرنسا، وبدلا من محاربة كراهية الأجانب والشعبوية، وبدلا من السعى للتوفيق بين النساء والرجال الفرنسيين، يأتى هذا القانون ليؤدى إلى زيادة الانقسام فى ظل سياق عالمى يدعو إلى التراجع عن الحريات والتخلى عن المبادئ الأساسية.

فبعد أن كان من المفترض، أن يأتى نص القانون لمكافحة الهجرة غير الشرعية، أصبح فى الواقع نصا يهدف إلى مكافحة الأجانب القانونيين الذين تحتاج إليهم فرنسا، وبالتالى فبحلول عام 2050، ستحتاج فرنسا إلى 3.9 مليون عامل أجنبي. ففرنسا تحتاج إلى عمالة فى تقديم الطعام، والفنادق، والبناء، ورعاية الأطفال، وعند تقليل الوصول إلى حقوق المهاجرين الذين هم فى وضع قانونى وكذلك الوصول إلى السكن والعلاوات العائلية، فإن الدولة بذلك تمنع الهجرة، وبالتالى يتعين عليها إيجاد حلول لنقص الوظائف، ما لم تتمكن من العثور على قوة عمل وطنية لهذه الوظائف التى يتردد الفرنسيون فى شغلها.

المونسنيور أوليفييه ليبورن، أسقف أراس احتج بدوره على قانون الهجرة، واصفا إياه بأنه يحول المهاجرين إلى “كبش فداء”، فالضيافة هى أساس كل شيء.

التفضيل الوطنى وقانون الهجرة

منذ التصويت على قانون الهجرة مساء يوم 19 ديسمبر طرح مصطلح “التفضيل الوطني” على الطاولة لمناقشة الشروط الجديدة لدفع بعض العلاوات، لكن ماذا يعنى هذا؟ بشكل ملموس، ينطوى هذا على خلق تمييز لصالح الشعب الفرنسى على حساب الأجانب، وتفضيل الشخص الفرنسى فى الحصول على وظيفة، أو فى الحصول على السكن الاجتماعى أو المزايا الاجتماعية، وقد تم تطوير هذا المبدأ من قبل جان مارى لوبان، زعيم الجبهة الوطنية فى الثمانينيات وأصبح التفضيل الوطنى هو “الأولوية الوطنية” ورغم تغير الدلالات، لكن الفكرة ظلت كما هى حيث ظهر فى برنامج مارين لوبان للانتخابات الرئاسية 2022.
القانون فى النهاية ينص على أنه سيتعين على الأجانب الذين يعملون إثبات وجودهم فى الإقليم لمدة 30 شهرًا للحصول على المزايا الاجتماعية مثل الإعانات العائلية، على سبيل المثال. أما بالنسبة لمن لا يعملون فتزيد هذه المدة إلى خمس سنوات وبالنسبة للمساعدة السكنية الشخصية، تقتصر الفترة على ثلاثة أشهر للعمال وخمس سنوات للآخرين، بينما لا يتأثر اللاجئون أو حاملو بطاقة الإقامة.

سيكون للمحافظين الحرية الكاملة فى منح تصاريح الإقامة للمهاجرين غير الشرعيين، الذين يعملون فى المهن التى تعانى نقصا، وسيتم منحهم لمدة سنة واحدة. لن يتمكن الأجانب الذين لديهم إدانة مكتوبة فى سجلهم الجنائى من الاستفادة من التسويات القانونية الفرنسية.

يجوز تجريد المواطنين مزدوجى الجنسية المدانين بالقتل العمد لشخص، يشغل منصبًا فى السلطة العامة من جنسيتهم. سيتعين على الأشخاص المولودين فى فرنسا لأبوين أجنبيين التقدم بطلب للحصول على الجنسية بين سن 16 و18 عامًا، بعد أن كان ذلك يتم بشكل تلقائي. بالنسبة للم شمل الأسرة يجب أن يكون لدى مقدم الطلب مدة إقامة لا تقل عن 24 شهرًا (مقارنة بـ 18)، وأن يكون لديه موارد مستقرة منتظمة وكافية، بالإضافة إلى التأمين الصحى ويشترط ألا يقل عمر الزوج عن 21 عامًا (مقارنة بـ 18 عامًا اليوم). بالنسبة للطلاب وباستثناء حالات خاصة، سيتعين على الأجانب المتقدمين للحصول على تصريح إقامة “طالب” إيداع وديعة لتغطية تكلفة النفقات المحتملة. سوف يكون لزاماً على الحكومة أن تقدم أسبابها للموافقة على حصص الهجرة القادمة إليها، تلتزم الحكومة بتقديم إصلاح لنظام المساعدة الطبية الحكومية الذى سيسمح للمهاجرين غير الشرعيين بالحصول على الرعاية الصحية فى عام 2024.

المحلل السياسى جيروم فوركيه، يرى أنه فى حين أن اعتماد النسخة الصارمة من مشروع قانون الهجرة فتح أزمة سياسية حادة، فإن هذه القضية تؤدى إلى كسر المجتمع أولاً، فرغم أن أكثر من 70% من الفرنسيين يريدون اتخاذ إجراءات حازمة ضد الهجرة، لكن لا يزال هناك 30% ليسوا على هذا الخط. نفس الشيء حدث مع زعيم نواب الحزب الاشتراكي، بوريس فالود، الذى وصف ما حدث بأنه “العار المطلق”، بينما حذر زعيم الاشتراكيين أوليفييه فور من أن تطبيق برنامج اليمين المتطرف هو نهاية الحاجز الجمهوري، داعيا البرلمانيين الماكرونيين إلى الوقوف ضد الرئيس ورئيس الوزراء، قائلا إن هناك أوقاتا، يجب أن تسود فيها الإدانات على الخضوع للزعيم بينما دعا الزعيم المتمرد جان لوك ميلينشون الفرنسيين لجمع أنفسهم وعدم ترك التجمع الوطنى يلوث قوانينهم. فالأحزاب اليمينية ترى أن القانون يشكل نقطة تحول حقيقية أما الأحزاب اليسارية فتراه العار المطلق.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل