جزيرة أم النار
تعتبر جزيرة أم النار إحدى الجزر الصغيرة المُكتشفة في دولة الإمارات العربيّة المتحدة، وهي تمتد بالقرب من سواحل العاصمة أبو ظبي، وتعود إلى الحقبة البرونزيّة، أي قبل ما يتراوح بين 2600 إلى 2000 قبل الميلاد، وتم اكتشاف هذه الجزيرة بسبب إحدى البعثات الدنماركيّة إليها عام 1959 ميلادي، وعاش فيها السكان الأوائل للإمارات العربيّة، حيث كانوا يمارسون الصيد، ويصهرون النحاس، ويعملون في التجارة مع العراق، والهند، وباكستان.
يعدّ موقع جزيرة أم النار الموقع الأول الذي بدأت فيه الحفريات الأثريّة في العاصمة الإماراتيّة أبو ظبي، وتم اكتشاف بعض القبور والمدافن خلال الفترة الأولى من الحفريات فيها، واكتُشف المزيد منها فيما بعد، كما فحص فريق الآثار موقع الجزيرة بعد ذلك بشكل موّسع، واستمرت تلك الحفريات حتى عام #8236;1965 ميلادي، وأعيد العمل عليها عام #8236;1975 ميلادي من قِبل فريق أثري من العراق، فيما تم ترميم وإعادة بناء بعض القبور بين العامين #8236;1970 و#8236;1972 ميلادي.
اكتشف الفريق العامل في الحفريات مقبرة تحتوي قُرابة خمسين مدفناً مقاماً فوق الأرض، ومقّسمة إلى غرف تؤدي إليها مداخل صغيرة مائلة بعض الشيء، وتتسع كلّ غرفة لأكثر من جثة، فقد عُثر على العديد من بقايا الهياكل العظميّة في كلّ غرفة، وكانت هذه المدافن دائريّة الشكل، يصل قطرها من ستة إلى اثني عشر متراً، وترتفع أيضاً إلى بضعة أمتار، وعلى جدران تلك المدافن وُجدت الزخارف والرسومات للكائنات العديدة كالمها، والثور، والثعبان، والجمل أيضاً، كما كانت تحمل تلك النقوش الاعتقادات الدينيّة لدى سكان جزيرة أم النار.
عُثر في المدافن على بعض الحلي، والمجوهرات، والدبابيس الذهبيّة التي تزيّن الشعر، بالإضافة إلى الأسلحة النحاسيّة المُستخدمة في الحروب، والصنارات المُستخدمة في الصيد، والمعدات الفخاريّة الحمراء التي جُلبت نتيجة التعاملات التجاريّة مع حضارة بلاد الرافدين في العراق، وبقايا جلود وعظام حيوان عجل البحر الذي يُعتقد أنّه كان عنصراً في الوجبات الغذائيّة لسكان الجزيرة، وحالياً هو حيوان منقرض في مياه الخليج العربي.
رغم الدلائل الموجودة في المدافن إلا أنّه لم يتم العثور على أية آثار أو بقايا لمباني حجريّة كبيرة تساهم في التعريف بشكل أكبر على حضارة أم النار، لذا يُرجح العلماء تعرّض الجزيرة لتغيرات مناخيّة تتمثل بموجات الجفاف الشديدة، والتي دفعت سكان الجزيرة إلى تركها خلال مواسم الصيف واشتداد الحر، وتحويل نمط حياتهم إلى البداوة خلالها، والعودة إليها شتاءً.
تشارك الجزيرة اليوم كما باقي المناطق بالنهضة الشاملة التي تشهدها الإمارات؛ ففيها أهم منشآت تكرير النفط على مستوى البلاد والعالم أيضاً، مما جعلها تحتل مكانة وأهميّة كبيرة في العصور الغابرة والحديثة، على الرغم من صغر مساحتها، وتأخر اكتشافها، كما أنّ الجزيرة حملت اسم حضارة أم النار التي امتدت إلى شمال سلطنة عُمان قبل حوالي أربعة آلاف عام، وسُجلت الحضارة الموجودة في تلك المناطق عالميّاً بهذا الاسم.
سبحان الله
بارك الله فيكم
معلومة جديدة شكرا