بعد شهرين من دخول بريكست حيز التنفيذ بشكل كامل، وفي مواجهة الاستياء المتزايد في إيرلندا الشمالية، قررت الحكومة البريطانية أن تمدد لـ6 أشهر، فترة السماح بشأن عمليات المراقبة المثيرة للجدل على المنتجات الغذائية، التي تصل إلى إيرلندا الشمالية من بقية المملكة المتحدة.
وزير إيرلندا الشمالية براندون لويس، قال في بيان خطي للبرلمان، إن هذا التمديد حتى الأول من تشرين أكتوبر المقبل، هو “إجراء مؤقت، يهدف إلى تجنب اضطرابات كبيرة في إطار تنفيذ عملي ومتكافئ لبروتوكول إيرلندا الشمالية”. وأوضح أن المناقشات حول الموضوع مع المفوضية الأوروبية “مستمرة”.
يهدف هذا البروتوكول، إلى تجنب عودة الحدود بين المقاطعة البريطانية وجمهورية إيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، وقد تؤدي إلى إضعاف السلام المبرم في العام 1998 بعد ثلاثة عقود من نزاع دامٍ في المقاطعة. وهو ينص على فرض ضوابط على البضائع الآتية إلى إيرلندا الشمالية من بريطانيا.
الاتحاد الأوروبي عبّر بلسان نائب رئيسة المفوضية ماروس سيفكوفيتش، عن “قلقه الشديد” بعد هذا الإجراء “الأحادي” الذي يعتبر “انتهاكاً” للأحكام المتفق عليها و”لواجب حسن النية” المنصوص عليه في الاتفاق الذي كرس خروج بريطانيا من التكتل.
وأكد كبير المفوضين السابق والمسؤول الحالي عن العلاقات مع بروكسل في الحكومة ديفيد فروست، في اتصال هاتفي مساء أمس الأربعاء مع سيفكوفيتش، أنه إجراء “تقني” و”موقت لمنح شركات مثل المتاجر الكبرى والناقلين مزيدا من الوقت للتكيف مع الوضع”.
وشدد على أهمية “إحراز تقدم عاجل” في المناقشات بين الأطراف لحل “التأثير المباشر وغير المتكافئ في كثير من الأحيان” للبروتوكول.
وقبل هذا الاتصال الهاتفي، أشار ماروس سيفكوفيتش في بيان صحافي إلى أن المفوضية الأوروبية سترد “بالوسائل القانونية” التي تنص عليها معاهدة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، واتفاق التجارة المبرم عشية عيد الميلاد.
سيفكوفيتش أضاف أن “هذه هي المرة الثانية التي تستعد فيها الحكومة البريطانية لانتهاك القانون الدولي”، بعد أشهر قليلة من محاولات لندن الاحتفاظ بإمكان تجاوز هذا البروتوكول، الأمر الذي تخلت عنه في نهاية المطاف.
رغم فترة سماح من المقرر مبدئيا أن تنتهي في الأول من أفريل المقبل في مناطق عدة، تسبب النظام الجديد بمشاكل في الإمداد للشركات الإيرلندية الشمالية.
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أكد أمس الأربعاء أن مكانة إيرلندا الشمالية في السوق الداخلية لبريطانيا “صلبة مثل الصخر ومضمونة”. وأضاف رئيس الحكومة المحافظة “نتأكد من ذلك عبر فترات راحة مؤقتة لحماية السوق في مناطق معينة مثل الإمدادات الغذائية، بانتظار مزيد من المناقشات مع الاتحاد الأوروبي”.
لكن جونسون أكد أنه لا يستبعد “أي شيء” لتحقيق ذلك، بما في ذلك اللجوء إلى بند في البروتوكول يسمح لأحد الأطراف بالتخلي عن الالتزامات في حال صعوبات “اقتصادية أو مجتمعية أو بيئية” خطيرة.
وزير الخارجية الإيرلندي سايمون كوفيني، دان التمديد الذي قررته لندن، معتبراً أنه يضعف صدقية التزام بريطانيا، التي أكدت الأسبوع الماضي مرة أخرى حرصها على “تنفيذ كامل” للبروتوكول.
وقال الوزير الايرلندي في بيان إن “الإعلان الأحادي الجانب لا يساعد إطلاقاً في بناء علاقة ثقة وشراكة ضرورية لتنفيذ البروتوكول”، الذي جرت مفاوضات طويلة حوله، معتبرا أن تسوية الصعوبات الحالية “بروح من التعاون” أمر “أساسي”.
من جهته، رأى وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون، أن قرار لندن “غير قانوني وغير مقبول”. وقال إن “التفكير في إجراءات مرونة ممكن لكن في إطار نقاش، وعندما يتم احترام البروتوكول مسبقا، وبالتأكيد ليس من جانب واحد”.
وتثير هذه القضية توتراً كبيراً في إيرلندا الشمالية. فقد أمر وزير الزراعة في المقاطعة العضو في الحزب الوحدوي، بوقف بناء نقاط تفتيش جديدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.