لقد فاجأت الهند العالم في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 1948 في لندن، حيث خسر الفريق الوطني الهندي لكرة القدم -الذي لم ينتعل لاعبوه أحذية (عدا بعض اللاعبين الذين ارتدوا الجوارب فقط)- لصالح فرنسا في الجولة بفارق صغير جداً بالأهداف (2 مقابل 1). في الحقيقة بقيت الهند متعادلة مع فرنسا هدفاً لهدف حتى الـ70 دقيقة الأولى من المباراة.
جذبت هذه المباراة اهتماماً كبيراً كونها المشاركة الأولى للهند في دورة ألعاب عالمية كدولة مستقلة (بعد الحصول على استقلالها من بريطانيا العظمى)، ولكن الاهتمام الأكبر كان منصباً على لعب عناصر الفريق الهندي بدون أحذية.
وضح الاتحاد الدولي لكرة القدم ”الفيفا“ للهند أنه من غير المسموح للاعبي المنتخب أن يشاركوا في كأس العالم لعام 1950 بدون أحذية، ولكن حصل بعد ذلك شيء مثير للاهتمام: فعند تحديد الفيفا لتشكيلة كأس العام 1950 قرر الاتحاد الدولي منح مكانين مضمونين لكل من فريقي البرازيل وإيطاليا، مما ترك 14 مكاناً آخر شاغرا من الواجب ملؤه حتى تستقيم الدورة، لذا قررت الفيفا أن 7 من هذه الأماكن ستكون من نصيب منتخبات أوروبية، و6 من الأميركيتين، وواحد من آسيا، ولكن تكمن المشكلة في كون 3 من المنتخبات الآسيوية المدعوة لكأس العالم قد انسحبت من الدورة قبل جولة التأهيل، وهذه المنتخبات هي الفلبين، وأندونيسيا وبورما مما ترك المجال مفتوحاً أمام الهند لأخذ مكانها في كأس العالم، وكانت هذه المرة الأولى للهند في كأس العالم، ولكنها انسحبت هي الأخرى وبقيت قصة انسحاب المنتخب الهندي بسبب عدم السماح له بالمشاركة حافي القدمين تحكى لعدة سنين.
هل كان ذلك صحيحاً أم لا؟ دعونا نكتشف ذلك!
في البداية، يجب علينا توضيح أن كأس العالم لعام 1950 قد جرت فعالياته في البرازيل وبالتالي لم يكن من السهل السفر من بورما مثلاً إلى البرازيل، وبالمناسبة فقد انسحب الفريق التركي بسبب المخاوف المادية من تكلفة السفر إلى هناك كذلك، لذا فانسحاب المنتخبات من كأس العالم لأسباب مادية كان يبدو منطقياً جداً، وبسبب ذلك فقد برزت نظرية أخرى تفيد بأن سبب انسحاب الهند هو عدم قدرتها على دفع تكاليف الرحلة.
ولكن هذه النظرية خاطئة، حيث عرض منظمو الدورة دفع معظم تكاليف السفر لإيصال المنتخب الهندي إلى البرازيل، وذلك لأن عدم قدوم الهند يعني عدم وجود منتخب ممثل لآسيا، وهذا ما حصل بالفعل! حيث بدأت المباريات بـ14 فريقاً بدلاً من 16 مع وجود مجموعة واحدة تحتوي على منتخبين فقط.
وفقاً لمجلة Sports Illustrated الهندية أعلنت الاتحادية الهندية لكرة القدم (AIFF) أن المنتخب لن يشارك في كأس العالم، معللة السبب بالخلافات حول تشكيلة الفريق وعدم وجود وقتٍ كافٍ للتدرب، ولكن المحرر المساعد لصحيفة ”كرة القدم والمجتمع“ Kaushik Bandyopadhyay وضح قائلاً: ”تظهر الدراسات الدقيقة أن انسحاب المنتخب تحت ذريعة العوائق المالية يوضح الفشل العجيب للاتحاد الهندي في تقدير أهمية المشاركة في كأس العالم، بالرغم من تعهد اللجنة المنظمة بدفع قسم كبير من التكاليف.“
إن هذه الفكرة التي تنص أن الاتحاد الهندي لم يأخذ المشاركة في كأس العالم بجدية، واعتباره الألعاب الأولمبية الهدف الوحيد، هي فكرة وضحها Sailen Manna -وهو الشخص الذي كاد أن يصبح مدرب الفريق- فقد أخبر Sports Illustrated: ”لم يكن لدينا فكرة عن كأس العالم آنذاك، ولو كنا على دراية أكبر لبادرنا بأنفسنا، ولكن كانت الألعاب الأولمبية كل شيء بالنسبة لنا ولم يكن هناك حلم أكبر.“
وكلما برزت قضية انسحاب الفريق الهندي من كأس العالم لسنة 1950 برز معها الحديث عن قضية اللاعبين الحفاة، ومن المؤكد أنه أمر يثير استياء الفريق الهندي، لكن ذلك لم يحصل لو أخذنا بالاعتبار أن هذا هو السبب الوحيد للانسحاب، حيث أنه من المرجح أن القائمين على الفريق الهندي لم يدركوا أهمية كأس العالم آنذاك ليقوموا بإرسال لاعبيهم كل تلك المسافة الكبيرة، خصوصاً بعد انسحاب المنتخبات الآسيوية، ومن الواضح أن كأس العالم لم يكن ذا أهمية كبيرة في ذلك الوقت نظراً لكون العديد من المنتخبات الآسيوية لم تحاول حتى الوصول إلى المسابقة.
إذاً على ما يبدو فالسبب ليس أبداً كما شاع في تلك الفترة، حيث تبدو الأسباب التي وضحها Manna منطقية وأكثر قابلية للتصديق، وللأسف لقد كان خيار الهند في عدم الحضور ذا تأثير سلبيٍ على كرة القدم الهندية، حيث أوضح Manna أنه: ”لو قمنا بهذه الرحلة إلى البرازيل، لكانت كرة القدم الهندية اليوم على مستوى آخر.“