عقدت صباح اليوم الإثنين 25 أكتوبر 2021، لجنة النقل و المواصلات السلكية واللاسلكية بالمجلس الشعبي الوطني إجتماعا برئاسة السيدة بيدة فاطمة رئيسة اللجنة، بحضور السيدة بسمة عزوار وزيرة العلاقات مع البرلمان،و السيد عيسى بكاي وزير النقل.
الاجتماع خصص لتقديم السيد وزير النقل حوصلة عن واقع و أفاق تطوير قطاع النقل في الجزائر و دوره في التنمية و الاهداف الاستراتيجية مستقبلا للنهوض بالقطاع . و كذا لطرح السيدات و السادة النواب اعضاء اللجنة تساؤلاتهم و انشغالاتهم التى اجاب عنها السيد الوزير.
و في مايلي المداخلة الكاملة للسيد وزير النقل:
اسمحوا في البداية أن أتقدم إليكم بالشكر الجزيل على هذه الدعوة الطيبة لتقديم أمام لجنتكم الموقرة حوصلة عن واقع و آفاق تطوير قطاع النقل في الجزائر و دوره في التنمية و الأهداف الاستراتيجية مستقبلا للنهوض بالقطاع.
إن هذه الالتفاتة الطيبة لخير دليل للاهتمام التي يوليه السيدات و السادة النواب لقطاع النقل باعتباره قطاع حساس و استراتيجي و آداة فعالة في تحسين ظروف معيشة المواطنين و المساهمة في الإنعاش الاقتصادي. و قد أبدى هذا الدور جليا في السنتين الأخيرتين نتيجة جائحة كورونا “كوفيد 19” التي مست كل أنحاء العالم بما في ذلك بلادنا.
و قصد الاستجابة للانشغال المطروح من قبل لجنتكم الوقرة، سوف تتمحور مداخلتي حول النقاط الأساسية التي تضمنها برنامج عمل القطاع و التدابير الاستعجالية للانعاش الاقتصادي التي تمت المصادقة عليها من قبل الحكومة و هي كالتالي : أهمية قطاع النقل، أنماط النقل، الأوراق الرابحة لقطاع النقل، المشاكل التي يواجهها القطاع و في الخير، حوصلة حول برنامج عمل القطاع و أهم التدابير الاستعجالية قصد الإنعاش الاقتصادي.
أولا. أهمية قطاع النقل
يعد قطاع النقل نقطة محورية للنشاطات و التبادلات الاجتماعية و الاقتصادية للبلاد حيث تعكس سياسة الحكومة في مجال النقل إرادتها في وضع تحت تصرف المواطنين و المتعاملين الاقتصاديين وسائل تنقل حديثة و آمنة و مؤمنة و بأقل التكاليف.
و تجسد أيضا الأهمية التي توليها الحكومة لتجهيز أقاليمنا من خلال تعزيز البنية التحتية الكفيلة بالوصول إليها و تعمل على تحسين جاذبيتها و تنافسيتها و تشارك تماما في فك العزلة و إعادة إحياء المناطق التي تعاني صعوبات كبيرة و كذا مناطق الظل.
فهي إذن مسعى متكامل و سياسة قطاعية متناسقة يهدفان الاستجابة للرهانات الكبرى في الوقت الراهن و التي تتمثل في : الاستدامة و تحسين منظومة النقل العمومي و تكامله و أمن و سلامة أنظمة النقل و تجسيد فتح النقل الجوي و البحري على رؤوس أموال خاصة وطنية و أجنبية.
و بهذا، فإن قطاع النقل سوف يرقى إلى مستوى التطلعات الناشئة عن التطور الديمغرافي الملحوظ أو التطلعات الاجتماعية و الاقتصادية للبلاد في ظل الامتثال الصارم للمبادئ الرئيسية المنصوص عليها في المخطط الوطني لتهيئة الإقليم لأفاق 2030.
و تدرك أن الحكومة أن منظومة النقل الوطنية تقوم بدور هام في تنفيذ سياسة توازن الإقليم لضمان تنقل المواطنين في المناطق شبه الحضرية و الهضاب العليا و الجنوب الكبير، مثلما تقر بدورها في تنظيم المحيط الحضري و خاصة في المدن الكبرى كالجزائر العاصمة و وهران و قسنطينة و عنابة.
و عليه، لا يمكن لمنظومة النقل أن تضطلع بدورها دون تحيين و تنفيذ نتائج المخططات الرئيسية لتطوير المنشآت الأساسية للنقل قصد ضمان التغطية المثلى و الضرورية، كما لا يمكن أن تقوم بهذا الدور بدون اللجوء إلى برامج صيانة لضمان منشآت أساسية آمنة و مؤمنة.
و لا شك أن منظومة النقل الحالية ستواجه احتياجات تنقل حادة و طلبات لوجستية أكثر تعقيدا كما ستتأثر بالضرورة بشكل متزايد في هذا المجال بالتطورات التي يسجلها الاقتصاد العالمي.
للاستجابة لهذه التغييرات العميقة و التطورات و التحولات الاقتصادية في المستقبل، ينبغي إدراك هذه الانشغالات بصفة شاملة و تقديم الحلول المنتظرة ذات طابع هيكلي من خلال القيام بإصلاحات جريئة و هيكلية و/أو تنظيمية.
و لهذا، يجب على وزارة النقل أن تقوم بتغييرات عميقة وذلك بالتركيز على مهامها السيادية كونها مسيرا و منظما و التخلي عن صفته كمتعامل، حيث تسهر الوزارة على ضمان توافق مصالح جميع المتعاملين في مسعى تنافسي سليم يستجيب تماما للأهداف الاقتصادية و الاجتماعية المحددة في سياسة الحكومة، تجسده مخططات العمل الرامية إلى تلبية احتياجات تنقل الأشخاص والممتلكات و الاستجابة للاحتياجات اللوجيستية للمتعاملين من جهة و المشاركة في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد من جهة أخرى.
ثانيا. أنماط النقل :
يتكون قطاع النقل من الأنماط التالية : النقل الجوي للمسافرين و البضائع، النقل البحري للمسافرين و البضائع و النقل البري بفروعه : النقل عبر الطرقات للمسافرين و البضائع، النقل بالسكك الحديدية للمسافرين و البضائع و اللوجستية و النقل الموجه (المترو، التراموي و النقل الهوائي).
ثالثا : الأوراق الرابحة لقطاع النقل :
بالنسبة للنقل الجوي :
36 مطار مفتوح للحركة الجوية العمومية، منها 20 مطار ذات استعمال دولي و 16 مطار ذات استعمال داخلي مع العلم أن مطار الجزائر يمثل أكثر من 50% من الحركة الجوية مع إمكانية استعماله كمركز عبور لشركة الخطوط الجوية الجزائرية.
أسطول وطني للنقل الجوي للمسافرين بعدد 71 طائرة، منها 56 طائرة للخطوط الجوية الجزائرية و 15 طائرة لشركة طاسيلي للطيران، بالإضافة إلى 3 ناقلين جويين في مجال نقل عمال قطاع المحروقات (الطاكسي الجوي و الإخلاء الصحي) ب 46 طائرة بسعة لا تتعدى 20 مقعد للطائرة.
أسطول وطني للشحن الجوي بعدد 6 تابعة لشركة الخطوط الجوية الجزائرية.
وجود قاعدة للصيانة تابعة لشركة الخطوط الجوية الجزائرية هامة جدا تسطيع تغطية الاحتياجات على الصعيدين الجهوي و الافريقي.
5 أبراج مراقبة على مستوى مطارات الجزائر، وهران، قسنطينة، غرداية و تمنراست لتعزيز سلامة و أمن الطيران المدني في المجال الجوي الجزائري و مشروع مركز جهوي ثان للمراقبة بتمنراست بهدف التغطية الشاملة بالرادار للمجال الجوي الوطني (شمال – جنوب).
عدد معتبر من الطلبات للاستثمار في مجال النقل الجوي للمسافرين و البضائع.
بالنسبة للنقل البحري :
55 ميناء في الخدمة، منها 10 موانئ تجارية (7 موانئ متخصصة للبضائع و 3 لنقل المواد البترولية)، مع الإشارة إلى أن معظم الموانئ التجارية مرتبطة بشبكة السكك الحديدية و 45 ميناء للنزهة و الصيد البحري.
7 محطات لنقل المسافرين منها محطتين جديدتين (الجزائر و بجاية) و أخرى قيد الانتهاء من أشغال الإنجاز (عنابة – الثلاثي 1 لسنة 2022).
أسطول للنقل البحري للبضائع تابع للقطاع العمومي يقدر ب 12 باخرة، 7 بواخر لشركة «كنان شمال» و 5 بواخر لشركة «كنان ماد»، بالإضافة إلى الأسطول الذي يحوزه القطاع الخاص و الذي يقدر بباخرتين (02).
أسطول للنقل البحري للمسافرين تابع للقطاع العمومي يقدر ب 3 بواخر متوسطة و قديمة السن، و الذي تعزز مؤخرا بباخرة جديدة بسعة 1800 مسافر و 600 عربة و التي سوف يشرع في استغلالها التجاري في بداية شهر نوفمبر القادم.
مشروع ميناء الوسط بالحمدانية و الذي سوف يتم ربطه بشبكتي السكك الحديدية و الطريق السيار.
المنصة المينائية لتبادل المعطيات الرقمية « APCS » التابعة لمجمع الخدمات المينائية و التي دخلت حيز الخدمة في شهر جوان 2021 مع إمكانية ربطها بالشباك الموحد للجمارك.
قاعدة لصيانة و تصليح البواخر تابعة للمؤسسة الوطنية لتصليح البواخر « ERENAV » (الجزائر، بجاية و وهران).
عدد معتبر من الطلبات للاستثمار في مجال النقل البحري للمسافرين و البضائع و مجال النقل البحري الحضري و النزهة البحرية.
3 مدارس للتكوين في مجال النقل البحري، منها المدرسة الوطنية العليا البحرية ببوسماعيل التي تعتبر امتدادا للجامعة البحرية الدولية لمالمو (السويد) التابعة للمنظمة البحرية الدولية.
المركز المعلوماتي للسلامة و الأمن البحريين لمتابعة التموقع الجغرافي للبواخر الوطنية.
بالنسبة للنقل البري
عدد هام من الناقلين العموميين عبر الطرقات للمسافرين : 62 ألف ناقل يستغل 82 ألف مركبة توفر أكثر من 2 مليون مقعد، مع الإشارة إلى أن أكثر من 90% تابع للقطاع الخاص.
أكثر من 130 ألف سائق سيارات الأجرة و 745 شركة طاكسي بحظيرة تقدر ب10200مركبة.
عدد معتبر من الناقلين العموميين عبر الطرقات للبضائع : 490 ألف ناقل يستغل 763 ألف شاحنة توفر أكثر من 7,6 مليون طن من الحمولة المقيدة، مع الإشارة إلى أن أكثر من 95% تابع للقطاع الخاص.
48 مؤسسة عمومية للنقل الحضري و شبه الحضري للمسافرين.
5 شركات عمومية اقتصادية لنقل المسافرين تابعة لمجمع النقل البري للمسافرين « TRANSTEV ».
87 محطة برية، منها 74 محطة من تسيير الشركة العمومية الاقتصادية لتسيير المحطات البرية «صوقرال» التابعة. لمجمع النقل البري للمسافرين « TRANSTEV
خط مترو الجزائر العاصمة بطول 19 كلم و 19 محطة. تم نقل منذ بداية استغلاله في 2011 أكثر من 200 مليون مسافر.
6 خطوط تراموي قيد الاستغلال (الجزائر، وهران، قسنطينة، سيدي بلعباس، ورقلة، سطيف) و مشروع قيد الإنجاز بمستغانم. تم نقل منذ بداية استغلالها أكثر من 350 مليون مسافر.
8 مدن مزودة بالنقل الهوائي (الجزائر ب 6 خطوط، البليدة (1) ، قسنطينة (1)، عنابة (1)، تلمسان (1)، سكيكدة (1)، وهران (1) و تيزي وزو (1).
شبكة السكك الحديدية بطول 4200 كلم، أكثر من 500 محطة و موقف و 380 عربة لنقل المسافرين و 9880 مقطورة لنقل البضائع.
شبكة السكك الحديدية قيد الإنجاز بطول 2300 كلم، لتصل بعد استكمال كل البرنامج إلى 12500 كلم.
رابعا. المشاكل :
رغم الاستثمارات التي استفاد منها القطاع و المجهودات المبذولة و بالرغم من الإمكانيات المتوفرة، فالقطاع لا يؤدي الدور الكامل المنتظر منه، مما يستدعي تدابير استعجالية لإنعاشه و تنميته :
عراقيل في الاستثمار نتيجة شروط إدارية لا تتماشى مع طموح الإنعاش الاقتصادي.
تكلفة النقل جد مرتفعة مقارنة ببعض البلدان (تكاليف الشحن البحري دالة دولة الشحن و التفريغ).
سن مرتفع لوسائل النقل، مما يثقل من أعباء الصيانة و يؤثر سلبا على نوعية الخدمات.
ضعف حصص السوق للأسطول الوطني خاصة للنقل البحري الذي لا يتعدى 3%.
انعدام الاحترافية خاصة لدى فئة الناقلين العموميين عبر الطرقات التابعين للقطاع الخاص.
اكتظاظ الموانئ و انعدام السيولة في عميات الاستيراد و التصدير مما يسبب في تكاليف باهظة لميزانية الدولة بالعملة الصعبة.
ضعف مبالغ الإعانات المقدمة لتعويض الخدمات العمومية و التأخر في دفعها.
عدم المتابعة الجيدة لإجراءات الصفقات العمومية.
نقص إمكانيات التكوين خاصة في مجال الطيران.
خامسا. محاور مخطط عمل قطاع النقل و التدابير الاستعجالية للإنعاش الاقتصادي
يشمل مخطط عمل قطاع النقل الإصلاحات المؤسساتية و إنجاز المنشآت القاعدية للنقل و إعادة تنظيم و تطوير رؤوس الأموال التجارية التابعة للقطاع و تطوير نشاطات النزهة و تسهيل العبور بالموانئ و تطوير الشراكة الأجنبية و الشراكة العمومية-الخاصة و تطوير القدرات الوطنية للنقل و اللوجيستية و تطوير صناعة السفن و تطوير الشغل و تثمين الرأسمال البشري و الرقمنة.
على صعيد الإصلاحات الواجب القيام بها :
تسهر وزارة النقل على إتمام إصلاح الإطار التشريعي و التنظيمي الذي يحكم نشاطات البري و الجوي و البحري. إن هذا الإصلاح يندرج تماما ضمن أحكام الدستور الجديد كما سيسهم خاصة في تعزيز دولة القانون و حرية التنقل و حرية الممارسة و الحوكمة الراشدة. و يتضمن ما يأتي :
في ميدان الطيران المدني :
استكمال تنصيب الوكالة الوطنية للطيران المدني و التي ستسند إليها المهام السيادية للدولة؛ مما يجعل التنظيم الجزائري مطابقا للمقاييس التي نصت عليها منظمة الطيران المدني الدولي.
إعداد نصوص تنظيمية طبقا للقانون رقم 98-06 المؤرخ في 27 جويلية سنة 1998 الذي يحدد القواعد العامة المتعلقة بالطيران المدني، المعدل و المتمم مع تجسيد مبدأ فتح هذا القطاع للاستثمار الخاص الوطني و الدولي.
في ميدان البحرية و التجارية و الموانئ :
مراجعة القانون البحري و النصوص التنظيمية التي تحكم الميدان البحري و المينائي؛
تنصيب السلطة البحرية و المينائية لضمان تأدية المهام السيادية للدولة و التخلي عن المهام الاقتصادية التي هي من اختصاص المؤسسات المينائية.
في ميدان النقل البري:
مراجعة القانون المتعلق بحركة المرور و النصوص ذات الصلة، لاسيما في ميدان الوقاية
و الأمن في الطرقات.
مراجعة النصوص التنظيمية المتعلقة بممارسة مهن الناقلين، لاسيما تلك المتعلقة بتطوير الرقمنة.
إن هذه النصوص بعد تحيينها و إعدادها حسب المقاييس المقبولة عالميا ستشكل مكسبا للاقتصاد الوطني و وسيلة جذابة للاستثمارات المباشرة الأجنبية و تشجيعا للمبادرة المحلية.
بعلى صعيد المنشآت الأساسية :
ستسهر وزارة النقل على أن تكون منظومة النقل منظومة حديثة و مندمجة تعتمد على معايير التخطيط و التصور التي تحمي الأشخاص و الممتلكات و تعمل على تحفيز الأنماط المشتركة و الأنماط المتعددة و يتم تسييرها و استغلالها و صيانتها وفقا للمقاييس و الممارسات المستعملة دوليا.
و فضلا عن ذلك، ستراعي هذه المنظومة البيئة و تكون متاحة لجميع فئات المجتمع وفق مبدأ المساواة كما ستسهر على توفير خدمة ذات نوعية و بأفضل التكلفة.
و ستعمل منظومة النقل على دمج موارد طاقوية جديدة بأقل تكلفة و أقل تلوثا و ستسهم في تطوير الوقود النقي لغاز البترول المميّع و الغاز الطبيعي المميّع و المركبات الكهربائية و تعميم كهربة شبكة السكة الحديدية.
و في مجال إنجاز المنشآت الأساسية للنقل، ستسهر وزارة النقل على إنجاز المشاريع المسجلة في برنامجها مع مراعاة الوضعية المالية للبلاد و يتعلق الأمر بالخصوص بمشاريع إنجاز:
خطوط جديدة للسكك الحديدية؛
إزدواجية خطوط السكك الحديدية؛
تمديد خطوط السكك الحديدية الحالية؛
تجديد و إزدواجية الخطوط الحالية؛
كهربة خطوط الشبكة؛
مشروع ترامواي مستغانم ؛
مشاريع النقل بالكوابل (المصاعد الهوائية)؛
المحطة الجوية الجديدة الدولية لوهران؛
تغطية جنوب البلاد بنظم الرادار بعنوان برنامج تطوير و تسيير الفضاء الجوي تكملة مع تغطية الشمال؛
إنهاء مركز المراقبة الجهوية الثاني بتمنراست من أجل التسيير البصري للحركة الجوية؛
إنهاء و تشغيل أبراج المراقبة الخمس بالجزائر و قسنطينة و وهران و غرداية و تمنراست؛
متابعة إقامة التجهيزات الخاصة بمستلزمات المساعدة في الملاحة الجوية و إنهاء و تشغيل المحطة النهاية للحاويات بجن جن؛
إنهاء أشغال عصرنة بعض المنشآت الأساسية المينائية و المحطة البحرية لعنابة.
و في هذا الصدد، ينبغي التنويه بالدور الحساس الذي سيلعبه قطاع النقل في تجسيد مشروعين استراتيجين بالنسبة للاقتصاد الوطني و هما مشروع الفوسفات المدمج و مشروع تطوير و استغلال منجم الحديد بغار الجبيلات و ذلك بإنجاز و تهيئة خطوط السكك الحديدية و ربطها بالموانئ مع ضمان وسائل النقل الضرورية لإيصالها نحو هذه الموانئ قصد تصديرها.
و جدير بالذكر كذلك أن الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية ستشرع لاحقا بنقل المواد الحديدية لفائدة شركة توسيالي انطلاقا من بطيوة إلى كل من الجزائر العاصمة، سكيكدة و عنابة للاستغلال الوطني كمرحلة أولى و من بطيوة إلى الغزوات من أجل تصديرها كمرحلة ثانية.
على صعيد إعادة تنظيم و تطوير رؤوس الأموال التجارية التابعة للقطاع :
ستبادر وزارة النقل في القيام بعدة عمليات تتناول إعادة تنظيم رؤوس الأموال التجارية الموضوعة تحت وصايتها حيث ستشرع في مراجعة عمل و تسيير المجمعات التي تدخل في حقيبتها بهدف الاستعمال العقلاني لمواردها و تحسين نجاعتها.
و نظرا لأهميتها، سوف تعطى الأولوية للمجمع الجزائري للنقل البحري “غاتما” و لفروعها خاصة شركتي “كنان شمال” و “كنان ماد” .
ستقترح وزارة النقل السبل و الوسائل الكفيلة بالسماح للأسطول الوطني تأدية المهام التي ستسند إليه في إطار تأمين وارداتنا لا سيما فيما يتعلق بالمنتجات الاستراتيجية كالحبوب وغبرة الحليب.
و ستسهر أيضا على تطوير نشاط النقل البحري للمسافرين من خلال تعزيز، في المرحلة الأولى، حصة المؤسسة الوطنية للنقل البحري للمسافرين في السوق، ثمّ تطوير حصص جديدة، في مرحلة ثانية.
و فيما يتعلق بالنشاطات الملحقة و المساعدة للنقل البحري، ستسهر وزارة النقل على احترافية هذه المهن وفقا للمقاييس و الممارسات العالمية.
في مجال النزهة:
توازيا مع هذه الأعمال، ستسهر وزارة النقل على تطوير أنشطة النزهة من خلال وضع إطار تنظيمي جذاب و منشآت أساسية ملائمة. و ستقوم في هذا الصدد بتحفيز الرأسمال الخاص و منح الامتياز على الفضاءات الموجهة لهذا النشاط.
في مجال تسهيل العبور بالموانئ:
سوف تواصل وزارة النقل مجهوداتها في مجال تسهيل العبور في الموانئ سواء فيما يتعلق بالتصدير أو الاستيراد.
إن وضع المنصة المينائية لتبادل البيانات الرقمية “APCS” حيز الخدمة تعتبر حلا لوجيستيا رقميا تمَّ إنشاؤها بهدف تسهيل التبادلات التجارية عبر الحدود و إن انضمام جميع الفاعلين إلى هذه المنصة سوف يساهم في تقليص مدة مكوث السفن و البضائع في الموانئ بشكل كبير و في تخفيض بشكل معتبر للتكاليف اللوجيستية لاسيما، تلك المتعلقة بغرامات التأجير المطبقة على السفن و الحاويات، و سيتم الإشهار بهذه العملية.
في مجال تطوير الشراكة الأجنبية و الشراكة العمومية-الخاصة:
ستقوم وزارة النقل بترويج المكاسب التي تتوفر عليها المؤسسات التابعة لها و ستعمل على ترقية الشراكة باعتبارها مصادر تحويل التكنولوجيات و تخفيض النفقات و ترقية المنتوج المحلي، التي ستكون في المستقبل مصدر موّلد للعملة الصعبة.
و في هذا الإطار، سيتم منح الأولوية لترقية الشركات المشتركة في ميادين صيانة الطيران من خلال قاعدة صيانة الطائرات التابعة لشركة الخطوط الجوية الجزائرية و قواعد صيانة العربات المتحركة و ذاتية الحركة التابعة للشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية و أية فرصة أخرى قد تطرأ.
و في إطار المقاربة المتعددة القطاعات و انفتاحها على رؤوس الأموال الوطنية العمومية و الخاصة، ستعمل وزارة النقل على تطوير الشراكة العمومية و الخاصة سواء في ميدان منح الامتياز لاستغلال أنظمة النقل أو في ميدان المناولة.
و قد يترتب عن هذه المقاربة تحقيق منافسة سليمة في تسيير أنظمة النقل الحضري بالأخص و توفير جودة أفضل للخدمة و تطوير القدرات الوطنية للمناولة و بالخصوص فيما يتعلق بقطع الغيار المفيدة و صيانة وسائل النقل.
في مجال تطوير القدرات الوطنية للنقل و اللوجيستية :
بغض النظر عن نقل الأشخاص و البضائع عبر الطرقات الذي يقدمه القطاع الخاص بنسبة تفوق 90%، فإن النقل بالسكك الحديدية و النقل الموجه و النقل الجوي و البحري مستغل حاليا من قبل المؤسسات العمومية. و بالتالي، فإن النمو المتوقع للحركية على مدى السنوات القليلة المقبلة يقتضي بالضرورة تجديد و تطوير الأساطيل. و قد تسمح هذه العملية :
لشركة الخطوط الجوية الجزائرية بتعزيز حصصها في السوق و على المدى المتوسط، توفير لها الوسائل التي من شأنها أن تضمن لها مكانة كشركة جهوية إفريقية كبيرة. و فضلا عن ذلك، ستساهم الاستثمارات المنجزة في الإقامة على مستوى مطاري الجزائر و تمنراست، منصات العبور لفائدة هذه الشركة، مما يسمح لهذه المنصات المطارية برصد حركة عبور متزايدة و للطيران المدني الجزائري و محيطه بأن يدرج ضمن منظور الحرية السادسة.
للشركات البحرية “كنان شمال” و “كنان ماد” أو تلك التي سيتم إنشاؤها على إثر إعادة هيكلة رؤوس الأموال التجارية البحرية، التوفر على أسطول من شأنه تلبية حاجيات البلاد و المتعاملين من أجل بلوغ هدف تحقيق أكبر حصة من النقل البحري و تأمين وارداتنا من المنتوجات الاستراتيجية.
و سوف تبذل نفس المجهودات فيما يتعلق بتطوير النقل البحري للمسافرين و النقل بالسكك الحديدية للركاب و البضائع. و في هذا الإطار، ستسهر وزارة النقل بمساهمة المؤسسات المؤهلة التابعة للدولة في وضع تحت تصرف هذه الشركات الوسائل الكفيلة بتطويرها و نموها.
و فيما يخص اللوجيستية التي أصبحت محور حقيقي للنمو، فإن وزارة النقل ستواصل مجهوداتها في مجال إعادة تنظيم المؤسسات الموضوعة تحت وصايتها و رقمنة نشاطاتها بهدف تقليص التكاليف اللوجيستية و ضمان سيولة سير السلع.
و بالموازاة، ستساهم وزارة النقل في تطوير المنصات اللوجيستية، لاسيما على مستوى مناطق التبادلات الحدودية و التي ستمكن بدون شك من تأمين المناطق الحدودية و تطويرها و كذا تطوير التجارة ما بين الحدود.
في مجال تطوير صناعة السفن :
تطمح وزارة النقل إلى تزويد المؤسسة الوطنية لتصليح السفن “ERENAV” المتخصصة في تصليح السفن بوسائل لتطويرها و الشروع في صناعة السفن. و يبقى هذا الطموح شرعيا بالنظر إلى إمكانيات البلاد و قدرات الإنتاج الحالية.
إن تطوير هذا النشاط سينعكس حتما على نفقات شركاتنا البحرية في مجال الصيانة من جهة و من جهة أخرى في تطوير مراكب الصيد و النزهة في المرحلة الأولى. فصناعة السفن يعد خيارا لا يمكن لوزارة النقل تجاهله و إهماله.
في مجال تشغيل و تثمين الرأسمال البشري :
إن الوضع الاقتصادي الحالي الذي يتميز بأسعار النفط لا يمكنها الاستجابة لاحتياجات الاقتصاد الوطني، يلزم البلاد مواجهة تحديات في تزايد مستمر، من بينها خلق المزيد من فرص العمل مع الاستمرار في ترقية النمو الداخلي لتقليص الفوارق بين مختلف طبقات المجتمع و الفوارق الإقليمية.
و قد يفرض الوضع الحالي على الجزائر إيجاد السبل و الوسائل التي من شأنها التكفل بهذه التحديات مع إتباع سياسة ترشيد النفقات و تنشيط الاقتصاد الداخلي و تعزيز التنافسية على الصعيد الدولي.
إن قطاع النقل بصفته عنصرا أساسيا في هذا النمو، يمكن أن يساهم في هذا الجهد. و عليه، فإن كل الإجراءات التي اقترحها في إطار برنامج عمل الحكومة خلاقة لفرص عمل، سواء فيما يتعلق بترقية وسائل النقل الجديدة مثل مركبات النقل مع سائق (VTC)، و النقل الموَّجه، و تطوير اللوجيستية و المنصات اللوجيستية و تطوير الشراكة و ترقية صناعة النزهة أو صناعة السفن.
و من جهة أخرى، فإن تطوير أنظمة النقل و التنقل و اللوجيستية لا يمكن أن يكتفي بتكوين قاعدي، بل يجب بذل جهود كبيرة في التكوين عالي المستوى و تعزيز الرأسمال البشري. سيمس هذا التكوين عالي المستوى كافة انماط النقل من خلال إدراج المحتويات البيداغوجية الأكثر نجاحا.
و لتحقيق هذا الغرض، سيتم تأهيل و تجنيد جميع مؤسسات التكوين التابعة للقطاع. و في هدا الإطار، تمَّ تسجيل مدرسة موجهة خصيصا لمهن اللوجيستية و مدرسة للطيران المدني ضمن أولويات وزارة النقل.
ستسمح مدرسة المهن اللوجيستية بامتصاص الاحتياجات المتزايدة للفاعلين في اللوجيستية كما ستسمح مدرسة الطيران المدني الاستجابة للاحتياجات المستقبلية نتيجة تطور شركة الخطوط الجوية الجزائرية و الشركات الوطنية الخاصة التي تطمح في الاستثمار في هذا المجال.
و فيما يتعلق بالنقل البحري، سيتم مواصلة الجهود المبذولة بتزويد المدرسة الوطنية العليا البحرية لبوسماعيل بوسائل جديدة قصد الاحتفاظ على مكانتها كمدرسة مرجعية تابعة للمنظمة البحرية الدولية و التكوين في جميع مهن النقل البحري لفائدة الأسطول الوطني عمومي كان أو خاص.
و فيما يتعلق بمهن النقل الأخرى و تلك المتعلقة بالأرصاد الجوية، ستحظى المعاهد الحالية بنفس الاهتمام و بنفس الجهود.
و بخصوص الإدارة المركزية و مصالحها المحلية، ستعكف وزارة النقل باعتبارها الضامن للتلاحم الاجتماعي، على تأهيل مستوى موظفيها، لترسيخ ثقافة جديدة في الإدارة بهدف خدمة المواطنين و مرافقة المتعاملين الاقتصاديين.
إن هذا التثمين للرأسمال البشري، سواء في الإدارة أو الشركات و المؤسسات تحت الوصاية يجب أن يرافقه تعليما في آداب و أخلاقيات المهنة. فهذا الإجراء يستجيب للإرادة التي عبّرت عنها الحكومة لمكافحة الآفات المتعلقة بالفساد و الممارسات السلبية.
في مجال التنمية المستدامة و الانتقال الطاقوي :
باعتبار أن قطاع النقل يتبر من القطاعات التي تسبب في تلوث البيئة، تنعكف دائرتنا الوزارية على إيجاد حلول من شأنها أن تساهم في الحد من هذه الظاهرة و ذلك بإدخال وسائل نقل محافظة للبيئة كالمترو و التراموي و النقل الهوائي و كهربة شبكة السكك الحديدية.
و من جهة أخرى و بالتنسيق مع وزارة الانتقال الطاقوي و الطاقات المتجددة، و في إطار مشروع تحويل 150 000 مركبة إلى الغاز المميع، استفاد قطاع النقل من عملية تحويل 000 50 سيارة أجرة إلى الغاز المميع، الأمر الذي سوف يساهم بشكل ملموس من التقليص من التلوث البيئي في المدن بصفة خاصة، هذا بالإضافة إلى العملية التجريبية بين كل من المؤسسة العمومية للنقل الحضري و شبه الحضري للجزائر العاصمة و مجمع لوجيترانس مع شركة نفطال لتحويل لتزويد حافلات و شاحنات بالغاز المميع بالإضافة إلى الوقود الأصلي.
في مجال الرقمنة :
تسهر وزارة النقل على تطوير استعمال التطبيقات المتعلقة بالرقمنة حيث ستعكف على رقمنة التفاعلات بين الجهات الفاعلة في النقل و الإدارة و بين مستعملي مختلف وسائل النقل و المتعاملين.
من جهة أخرى، و من أجل توفير خدمة عمومية ذات جودة، ستضع وزارة النقل تحت تصرف المواطنين و متعاملي النقل بوابة من شأنها أن تستجيب لمختلف احتياجاتهم على الأنترنت، و يتم تجريد هذه الاحتياجات من طابعها المادي و تبسيطها.
و علاوة على ذلك، ستسمح هذه البوابة بالربط الشبكي بين جميع المصالح سواء المرتبطة بالإدارة المركزية و مصالحها اللامركزية أو المصالح التابعة للشركات و المؤسسات تحت الوصاية.
في مجال الابتكار:
إن قطاع النقل هو قطاع في تحول مستمر و يسجل تطورا معتبرا بصفة منتظمة سواء في مجال المنشآت الأساسية و أنظمة الاستغلال أو وسائل النقل، مما يؤثر على سرعة قدم التجهيزات خاصة.
و عليه، ستسهر وزارة النقل على وضع تحت تصرف القطاع الوسائل التي تمكنها من متابعة التطور التكنولوجي و تطوير روح الابتكار على مستوى مؤسساته من خلال توفير إطار عمل من شأنه تحفيز الإبداع.