الجزائر _ ايطاليا … علاقات مميزة بين الدولتين تمتد لآلاف السنين

نور5 نوفمبر 2021آخر تحديث :
الجزائر _ ايطاليا … علاقات مميزة بين الدولتين تمتد لآلاف السنين

لا يمكن فصل العلاقات الثنائية المميزة التي تربط دولتي المتوسط الجزائر ايطاليا عن بعدها الثقافي والتاريخي الذي يمتد لآلاف السنين و استمرت من القرن الـ15 الى القرن الـ 18 من خلال اتفاقات السلام والتبادل التجاري بين إيالة الجزائر والممالك الايطالية.

هذا وشهدت حرب التحرير الجزائرية التي اندلعت ثورتها في غرة نوفمبر 1954 دعما كبيرا من شخصيات ايطالية ورجال سياسة ومثقفين أصحاب الافكار والايديولوجيات التي تساند التحرر والسلم والعدالة الذين ساندوا القضية الجزائرية على غرار المجاهد” سالم جوليانو” الايطالي الاصل الذي شارك في الثورة التحريرية أو رجل الاعمال البارز، صديق الثورة الجزائرية “أنريكو ماتيي” (1906-1962) الذي كان له الدور المحوري في التأسيس للعلاقات الجزائرية الايطالية التي أقيمت رسميا بعد الاستقلال وشملت عديد المجالات الاستراتيجية.

إنّ مقولة “الصديق وقت الضيق” تنسحب كذلك على العلاقات الدولية، وفي هذا الشأن ولعل أبرز شاهد على متانة العلاقات الجزائرية الايطالية هو المحنة التي مرت بها الجزائر خلال العشرية السوداء حيث حافظت ايطاليا على علاقاتها مع الجزائر في الوقت التي تخلت فيه عديد الدول الغربية عن الجزائر وتركتها تواجه وحدها الجماعات الارهابية بل عملت على محاصرتها ومقاطعتها بشكل معلن أو غير معلن.

وكانت ايطاليا قد عبرت عن تضامنها ودعمها للجزائر حينما كانت تواجه الارهاب في فترة التسعينات حيث كانت من أكبر الداعمين لاستقرار الجزائر ونتج عن ذلك تعاونا أمنيا واستخباراتيا بحيث لم تكن تبخل بالمعلومات التي تحصل عليها في إطار مكافحة الجماعات الاجرامية.

ولا تحتفظ الذاكرة الجزائرية بأن ايطاليا كانت تشكل ملاذا امنا للارهابيين وداعميهم كما لم تكن كذلك تشكل منطلقا لأعمال عدائية أو دعائية ضدها عكس دول غربية اخرى تتغنى بشعارات رنانة حول حقوق الانسان والحرية ومحاربة التطرف.

كما تجلّت العلاقات الثنائية المتميزة بالجودة والاستمرارية من خلال الموقف الايطالي القاضي بالاحتفاظ بالخط الجوي المباشر بين البلدين الذي تديره شركة الطبران الايطالية “أليطاليا” عكس العديد من الشركات التي عملت على الضغط على الجزائر واختلاق الأسباب لمقاطعة وجهة الجزائر.

وظلت هذه المواقف التي أكدها مختلف المسؤولين الايطالين خلال الزيارات الرسمية أو اللقاءات الثنائية محل حفظ وتثمين من الجزائر تبرزها في كل مناسبة.

هذا ومرت العلاقات بين الدولتين بعدة مراحل هامة على غرار ميثاق الصداقة وحسن الجوار والتعاون الموقع في الـ 27 جانفي 2003 الى جانب زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الايطالي كارلو أزيليو شامبي ، يوم الـ27 إلى الـ 28 جانفي 2003 ، وكذا زيارة العمل والصداقة التي قام بها رئيس مجلس الوزراء الايطالي، ماتيو رنزي للجزائر، ديسمبر2014 في الوقت الذي كانت تتولى ايطاليا رئاسة الإتحاد الأوربي وغيرها من المحطات.

هذه العلاقة الاستراتيجية والمميزة انعكست ايضا عبر توافق وجهات النظر وتنسيق المواقف فيما يخص القضايا الاقليمية والجهوية التي تعني الجزائر مباشرة مثل الأوضاع في ليبيا والساحل.

وليس غريبا كذلك أن تتوجه الجزائر نحو ترقية هذه العلاقة المميزة وتنويعها بما يخدم مصالحها في اطار التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية الجزائرية للخروج من الهيمنة والتبعية وانفاذ قراراتها السيدة والمستقلة.

كما يمكن أن توفر ايطاليا للجزائر فرصة حقيقية للاقلاع الاقتصادي لاسيما من خلال التجارب الايطالية الناجحة خاصة في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة الميكانيكية وغيرها، الى جانب قطاع الطاقة باعتبار ايطاليا من أهم شركاء الجزائر في مجال الغاز.

ولعل زيارة “سيرجيو ماتاريلا” الرئيس الـ12 للجمهورية الايطالية المقررة هذا السبت الـ 06 نوفمبر 2021 الى الجزائر،التي لاتروق لبعض القوى، لها دلالاتها السياسية والديلوماسية والاستراتيجية ومن المتوقع أن تحمل الجديد الذي سيرتقي بالعلاقة الثنائية بين الجزائر وايطاليا الى مستويات أعلى ستنعكس آثارها الايجابية في الميدان وعلى مختلف الأصعدة الاقتصادية والديبلوماسية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل