بقلم اقبال
الظاهر ان الناس قد صاروا ، خلال العقدين الماضيين، يخلطون بين حقوقهم الإنسانية الأساسية من جهة ، و بين عدم التعرض لأي نوع من انواع الإنزعاج من جهة أخرى ، يريدون المنبر ليعبروا عن أنفسهم ، لكنهم لا يريدون أن يضطروا إلى التعامل مع أراء قد تزعجهم او تسيء إليهم بطريقة من الطرق ، إنهم يريدون حرية التعبير و الشركات و الأعمال ، إنهم يريدون المساواة ، لكنهم غير راغبين في قبول ان المساواة تقتضي أن يعيش الجميع القدر نفسه من الألم ، لا أن يعيش الجميع القدر نفسه من المسرة ، إن الحرية نفسها تتطلب العناء ، إنها تتطلب عدم الرضا ، هذا لأنه كلما صار المجتمع أكثر حرية ،كلما صار كل شخص فيه مرغما على أن يأخذ في حسابه أراء الأخرين و أنماط حياتهم و أفكارهم المتعارضة مع أرائه و نمط افكاره و حياته ، و أن يجد تسوية معهما ، كلما تراجعت قدرتنا على تحمل الألم ، و كلما انغمسنا في حريات زائفة كلما صرنا أكثر قدرة على التحلي بالفضائل التي لابد منها حتى يكون المجتمع الديمقراطي الحر عاملا .