المدينة القرمزية المحرمة تحكي حضارة و تاريخ الصين

نور2 أكتوبر 2020آخر تحديث :
المدينة القرمزية المحرمة تحكي حضارة و تاريخ الصين

وسط العاصمة بكين تستقر “المدينة المحرمة” التي كانت سابقا القصر الإمبراطوري لأسرتي مينج وتشينج في الجمهورية الشعبية الصينية.

وهي واحدة من أكبر المباني الخشبية القديمة وأكثرها محافظة في العالم، وتعد من أهم مناطق الجذب السياحي، خاصة بعد إدراجها متحفا ضمن لائحة التراث الثقافي العالمي.


ويضم المكان التاريخي الذي يعرف أيضا بـ”المدينة القرمزية المحرمة”، نحو مليون قطعة من التحف الفنية النادرة، وأصبح اليوم متحفا شاملا يجمع بين الفنون المعمارية القديمة والآثار الإمبراطورية والفنون القديمة المختلفة.

وبالتزامن مع اليوم الوطني الصيني تسلط “العين الإخبارية” الضوء على أهم المعلومات عن متحف المدينة المحرمة في بكين.

إقامة الإمبراطور

المدينة التي استغرق بناؤها 16 عاما (1406 – 1420) في عهد الإمبراطور تشنجزو من أسرة مينج، أقيمت على مساحة 720 ألف متر مربع وبنيت على يد مليون عامل مهاجر، وتضم أكثر من 70 قصرا كبيرا وصغيرا و90 ساحة فناء و9999 غرفة وفقا للمسح الميداني للخبراء عام 1973.

والمكان الضخم عبارة عن مدينة مستطيلة الشكل يبلغ طولها 961 مترا وعرضها 753 مترا، ويحيط بها سور يبلغ ارتفاعه 10 أمتار وخندق مائي عرضه 52 مترا يشكل قلعة محصنة، وللمدينة 4 بوابات مزودة بأبراج يبلغ ارتفاعها 27.5 متر.

وتنقسم المباني في المدينة المحرمة إلى قسمين: فناء خارجي وآخر داخلي، ويعد الأول مركز الأسرة الخارجية ويضم ما يعرف باسم “القاعات الثلاث” حيث تقام الاحتفالات الكبرى، والثاني يعرف باسم “المحكمة الداخلية” ويضم 3 قصور بينها القصر الرئيسي الذي يعيش داخله الإمبراطور وعائلته.


عاش داخل هذه المدينة الضخمة 24 إمبراطورا بداية من عهد أسرة مينج سيطروا على الصين لمدة 491 سنة، حيث استخدم أحد قصور المدينة مقرا رئيسيا للإمبراطور وأيضا المكان الرئيسي للأنشطة السياسية، وبشكل عام تضم نحو 9 أجنحة دافئة مقسمة إلى طوابق علوية وسفلية بإجمالي 27 سريرا.

وطبقا لما دُون في السجلات الصينية، فإنه كان من الصعب التعرف على المكان الذي سينام فيه الإمبراطور كل ليلة؛ نظرا للعدد الكبير من الغرف والأسرة، حيث كان يبدل مكان النوم بشكل دائم رغم الحراسة الشديدة التي كان يخضع لها.

حرائق متتالية

القصر الفخم الذي استخدم في بنائه طوب ذهبي ورخام وخشب زان تعرض لأول حوادثه بعد عام من انتهاء تدشينه، إذ اندلعت النيران واحترقت القاعات الثلاث الأولى في عام 1421، ولم يعد بناؤها حتى عام 1440 مع قصر تشينج.

في عام 1557 اشتعلت النيران في المدينة المحرمة واحترقت القاعات الثلاث الأولى للمرة الثانية، وأعيد إعمارها بعد 4 سنوات وجرى تغيير أسمائها.


وبعد 4 عقود تقريبا، بالتحديد عام 1597، اشتعلت النيران في القاعات الثلاث الأولى والقصور الثلاثة الخلفية ودمرت ولم يكتمل مشروع إعادة الإعمار حتى عام 1627.

توالت حوادث الحرائق في المدينة الفخمة خاصة مع استيلاء الجيوش المختلفة على بكين، وأشهرها إحراق أغلب المدينة المحرمة باستثناء القاعات الثلاث والأبراج المحيطة على يد جيش Li Zicheng عام 1644، وبعد 14 عاما جرى البدء في إعادة ترميمها ولم يكتمل نهائيا حتى عام 1695.

إنشاء المتحف

بعد ثورة شينهاي عام 1911 كان من المفترض أن يتم تأميم جميع القصور في المدينة المحرمة، لكن وفقا لـ”شروط المعاملة التفضيلية لأسرة تشينج” التي تمت صياغتها في ذلك الوقت، سُمح للإمبراطور آنذاك بالبقاء مؤقتًا في القصر.

في عام 1924 حدث “انقلاب بكين” وطرد الإمبراطور من القصر واستولى قادة الانقلاب على المدينة المحرمة، وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول 1925 أعلن إنشاء متحف القصر رسميًا وافتتاحه للعالم الخارجي.

ولم يطلق على المدينة المحرمة هذا الاسم حتى عام 1925، وعشية اندلاع الحرب ضد اليابان على نطاق واسع في عام 1933 ومن أجل حماية الآثار الثقافية من التدمير بسبب الحرب أو النهب، قررت إدارة المتحف اعتماد استراتيجية نقل الآثار الثقافية واختير 13427 صندوقا و64 حزمة من الآثار الثقافية والكتب والمحفوظات وشحنت إلى شنغهاي على 5 دفعات، ثم إلى مستودع الآثار الثقافية في نانجينج.


بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949 أجريت إصلاحات واسعة النطاق للمدينة المحرمة، وتم فرز عدد كبير من الآثار الثقافية. وفي عام 1961 أصدر مجلس الدولة “المدينة المحرمة” كوحدة وطنية رئيسية لحماية الآثار الثقافية.

وفي عام 1987 أدرجت منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية (يونسكو) المدينة المحرمة ضمن لائحة “التراث الثقافي العالمي” وجرى تصنيفها على أنها “متحف القصر”.

مقصد للسياح

منذ تحويل القصر إلى متحف أصبح محط أنظار السائحين المحليين والأجانب، إذ صار يستقبل من 6 إلى 8 ملايين سائح صيني وأجنبي خلال العالم.

وبشكل عام تستقبل المدينة المحرمة 15 مليون زائر سنويا، وتحتل المرتبة الأولى بين جميع المتاحف والتراث الثقافي في العالم، وبدءا من 13 جوان 2015 وضعت حدا يوميا يبلغ 80 ألف شخص على أن تكون مبيعات التذاكر بأسماء حقيقية.

وأدخلت تعديلات على المكان خلال الألفية الجديدة، ففي 2015 افتتح متحف النحت داخل أحد قصور المدينة المحرمة، ووصلت المساحة المفتوحة للمدينة المحرمة إلى 76% بحلول عام 2020 وحاليا يخضع المكان التاريخي لترميم آثاره الثقافية وقصوره التاريخية وتحسين بيئته وتوسيع المنطقة المفتوحة للمعارض.


الكشف عن تميمة مدينة بكين المحرمة حدث لأول مرة في 23 نوفمبر 2014، وهي مشتقة من الصورة الصينية التقليدية الميمونة لتنين وعنقاء، وبالتحديد التنين “Zhuang Zhuang” وطائر الفينيق “Mei Mei”.

ووفقا لسجلات المدينة، فإن المتحف استقبل خلال الفترة من جانفي 2012 حتى جوان 2018 إجمالي 100 مليون زائر، وبعدها خضعت القصور لمراحل مختلفة من أعمال الحماية البحثية وإصلاح المباني القديمة.

الآثار الثقافية

وفقًا للإحصاءات، فإنه اعتبارًا من عام 2016 جمعت المتاحف الصينية البالغ عددها 4510 نحو 4.01 مليون قطعة أثرية ثقافية ثمينة، منها 1.68 مليون قطعة في متحف القصر تمثل 42% من الإجمالي.

وأقامت بعض القصور في المدينة المحرمة معرضا شاملا للتاريخ والفنون وآخر للرسم وثالثا للسيراميك المصنف، فضلا عن متاحف للبرونز والفنون والحرف اليدوية والنقوش والكنوز.

ويضم متحف القصر نحو 140000 لوحة وجداريات ومطبوعات وخط ونقوش، وهو يمثل ربع العدد الإجمالي للخط الصيني القديم والخط في المتاحف العامة في العالم، ويقع معرض الرسم والخط لمتحف القصر في قاعة Wuying ويقام من اثنين إلى ثلاثة معارض دائمة للرسم والخط كل ربيع إلى خريف.

وداخل المتحف يوجد ما يقرب من 420 لوحة من عهد أسرة يوان، بجانب 310 قطع خطية من عهد أسرة يوان، و350000 قطع سيراميك وأكثر من 36000 عينة خزفية، فضلا عن أكثر من 15000 قطعة من الأواني البرونزية و10000 قطعة نقدية تاريخية و4000 مرآة برونزية وأكثر من 10000 طابع، أشهرها هو ترايبود العلم لأسرة زو الغربية والربيع والخريف بياو نينجوان.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل