شخصيات مهمة وغير معروفة، ساهمت بتغيير مسار الحرب العالمية الثانية بالكامل

عمار9 مارس 2021آخر تحديث :
شخصيات مهمة وغير معروفة، ساهمت بتغيير مسار الحرب العالمية الثانية بالكامل

باعتبارها أكبر نزاع على الإطلاق في التاريخ، شهدت الحرب العالمية الثانية حصتها الكافية وأكثر من الشخصيات المُهمة والمثيرة للاهتمام. ومع ذلك، في واقعة بهذا الحجم، مع وجود أكثر من مئة مليون مقاتل، وعشرات الملايين من الضحايا، ومئات الملايين الذين تضرروا بطريقة أو بأخرى بسبب الحرب، ومُضي عشرات السنين، فإن العديد من هذه الشخصيات غير معروفة لنا اليوم. بعضها كانوا أناسًا جيدون، وآخرون قذرون، لعب بعضهم أدوارًا كان لها تأثير كبير على مجريات الأحداث، بينما كان للبعض الآخر تأثيرٌ أقل نسبيًا. ومع ذلك، كانوا جميعهم شخصيات رائعة تستحق الالتفات والانتباه.

فيما يلي معلومات قد تسمعها لأول مرة عن بعض شخصيات الحرب العالمية الثانية الأكثر إثارة للاهتمام ولكنها الأقل شهرة.

1. الضابط البريطاني، ديجبي وارتر، الذي ذهب للحرب حاملًا مظلة

جرب أن تبحث، لكن سيكون من الصعب أن تجد بريطانياً أكثر غرابة من الرائد أليسون ديجبي تاثام-وارتر (1917 – 1993)، وهو مظلي خدم في الجيش البريطاني وشارك في معركة مهمة وهو يحمل مظلة. كان هذا الشاب هو نجل أحد مالكي الأراضي الأثرياء الذي توفي عندما كان ابنه في الحادية عشرة من عمره بسبب الآثار المترتبة على إصاباته في الحرب العالمية الأولى، تخرج ذلك الفتى بعد فترة من أكاديمية ساندهيرست البريطانية العسكرية في عام 1937.

خدم (ديجبي) في الهند، حيث عاش مستمتعًا بعطايا الاحتلال البريطاني للمنطقة أنذك، فأحبّ صيد النمور وشواء الخنازير، وعندما اندلعت الصراع العالمي في عام 1939، لم يتعب نفسه في الحصول على مهمة حقيقة في الحرب من شأنها أن تجعله بعيدًا عن مرحه، إلا أنّ قُتل شقيقه في معركة العلمين في عام 1942، دفعه للتطوع للخدمة على الخطوط الأمامية مع فوج المظليين، ما وضعه على الطريق ليصبح أسطورة.

الشاب الغني المدلل
عند انضمامه إلى فوج المظليين، تم تعيين (ديجبي) في سرية تابعة للفرقة البريطانية الأولى المحمولة جوًا. لم يمر وقت طويل قبل أن يشتهر في الأرجاء، فقد قام باستئجار طائرة لنقل زملائه من الضباط إلى حفلة فخمة في فندق ريتز في لندن. ومع ذلك، على الرغم من أن الشاب كان جامحًا، إلا أنه عمل بجد، وتم اختيار سريته لقيادة محاولة الاستيلاء على جسر أرنم في عملية Market Garden في 17 سبتمبر 1944.

كان (ديجبي) يشعر بالقلق من عدم موثوقية أجهزة الراديو، لذلك قام بتدريب رجاله على الاستجابة لنداءات البوق التي يعود استخدامها لعصر نابليون. واجه أيضًا مشكلة في تذكر كلمات السر، فتوصل إلى حل مبتكر: حمل مظلة. لقد ظن أنه حتى لو نسي كلمة السر، فإن أي جندي مظلي رآه سوف يدرك على الفور أن “إنجليزي أحمق لعين فقط” سيحمل مظلة في المعركة.

الاستفادة من المظلة

عند الهبوط بالقرب من أرنم، قاد الشاب سريته إلى الجسر، متجهًا عبر الشوارع الخلفية لتجنب المركبات المدرعة الألمانية على الطرق الرئيسية، في قتال عنيف خلال الأيام القليلة التالية، شوهد في كثير من الأحيان وهو يتجول في البلدة المدمرة مرتدياً قبعة حمراء من القماش بدلاً من خوذة، مع مسدس في يده، ومظلته في اليد الأخرى.

كانت المظلة مفيدة حقًا عندما وضعت هجمة مرتدة ألمانية بعض الدفاعات على جسر أرنم، حينها قاد (ديجبي) رجاله في هجوم وهو يحمل مسدس ومظلته الصدوقة، إضافة لارتداء قبعة القماش. وبحسب ما ورد نجح في تعطيل مركبة ألمانية مدرعة من خلال دفعه بالمظلة من خلال منفذ الرؤية الخاص بالسائق، مما فقأ عينه وجعله عاجز عن تحريكها.

الهروب والنجاة

مكّنت عملية Market Garden المظليين من احتلال الجسر لمدة يومين قبل طلبهم الدعم، إلا أن قوة الإغاثة لم تصل، وبعد 8 أيام، استسلم الشاب الجريح والمظليين. تم إرسال (ديجبي) إلى المستشفى، لكن حالما أشاحت الممرضات الألمان الأنظار عنه حتى تسلل إلى الخارج. تواصل مع امرأة محلية صديقة للمقاومة الهولندية، وهي التي زودته بالملابس المدنية و وثائق الهوية المزيفة التي وصفته بأنه أخرس أصم، ثم قضى أسابيع في ركوب الدراجة الهوائية لنقل الأخبار ومساعدة المقاومة.

خلال تلك الفترة، ساعد في إخراج سيارة ألمانية من حفرة في محاولة لعدم إثارة الشكوك، في النهاية، جمع حوالي 150 جنديًا من الحلفاء على الأرض في الريف الهولندي، وقادهم بسلامة إلى الخطوط الأمنة. حصل (ديجبي) على وسام صليب الخدمة المتميزة، وبعد الحرب، استقر في كينيا، حيث قضى أيامه يدير رحلات السفاري حتى وفاته في عام 1993.

2. بطلة المراهقات الفرنسيات سيمون سيغوين

في آوت من عام 1944، دخل مراسل مجلة الحياة الأمريكية إلى مدينة شارتر الفرنسية، حيث التقى بشخصية أكثر إثارة للاهتمام، فتاة مراهقة تحمل بندقيتها لتدافع عن الجميع وتتحمل كل المشقات، كانت هذه الفتاة هي (سيمون سيغوين)، والمعروفة أيضًا باسمها الأشهر (نيكول مينيت) و(بيلدن) التي باتت قصتها رواية جعلتها من المشاهير المؤقتين في تلك الفترة.

ولدت (سيمون) عام 1925 لعائلة فقيرة بالقرب من مدينة شارتر، على بعد حوالي 55 ميلًا من باريس، نشأت وهي تعرف كيف تنال مكانة لها حتى بين الرجال، كونها الفتاة الوحيدة بين ثلاثة أشقاء. انضمت إلى حملات القتال والمقاومة في عام 1943، عندما قام أحد قادة المقاومة الفرنسية المحلية باللاحق بأحد الخونة في وسط المدينة، بعد انهاء مهمته وهو يتجول في الريف، التقى مع (سيمون) البالغة من العمر 17 عامًا، أعجب بتوازنها ورزانتها، فقام بتجنيدها في صفوف المقاومة.

المقاتلة المراهقة

تدربت (سيمون سيغوين) على كيفية استخدام بندقية رشاشة فأصبحت على درجة عالية من الكفاءة في ذلك، كما تم تدريجيًا تسريع أنشطتها في إحدى المنظمات التي تشكلت من تحالف المقاتلين الشيوعيين المتشددين والقوميين الفرنسيين. ولكونها مرسالًا كانت بحاجة إلى دراجة، وللحصول على دراجة هوائية، كونه ليس لديها واحدة، كان عليها سرقتها من الألمان.

قامت بسرقة واحدة، وتم إعادة طلاء الدراجة فأصبحت مركبتها الاستطلاعية الشخصية، مما سمح لها بتوصيل الرسائل واكتشاف الأهداف. بعد إثبات قدرتها على التعامل مع نفسها في المواقف الخطرة، سُمح لـ (سيمون) المشاركة في المهام القتالية الخطرة مثل تفجير الجسور واخراج القطارات عن مسارها وقتل الألمان أو أسرهم.

قتلها أول نازي

قتلت (سيمون سيجوين) أول جندي نازي في 14 جويلية 1944. فحوالي الساعة 5 صباحًا، أقامت كمين في خندق على جانب الطريق، وعندما ركب ألمانيان على دراجاتها، فتحت بسلاحها الرشاش النار فقتلت كليهما ثم ذهبت إليهما، فتشت الجثث وجمعت أوراقها وأسلحتها، وشقّت طريقها بمفردها عبر الغابة، لتوصيل الدراجة إلى مخبأ المقاومة.

اعترفت لرفاقها بأنها استمتعت بقتل المحتلين الغاصبين وهم الذين لم يفاجؤوا بذلك. كانت ذات ميول قومية متطرفة استلهمتها من والدها الجندي السابق الذي قاتل في الحرب العالمية الأولى. عندما تم تجنيدها لأول مرة في المقاومة، سُئلت عما إذا كانت تشعر بالضيق من قتل الألمان، فأجابت: ”لا. سيكون من دواعي سروري قتل الجنود الألمان“. على حد تعبيرها بعد عقود، كان الأمر بسيطًا: ”كان الألمان أعداءنا وكنا نحن فرنسيين“.

سيمون تساعد في تحرير مسقط رأسها وباريس

رافقت (سيمون سيغوين) مقاتلي منظمة المقاومة عندما ساعدوا في تحرير المواثيق في 23 آوت 1944. وساعدت في القبض على 25 ألمانيًا ورعايتهم وهم في الأسر. ثم جرى ضم (سيمون) ورفاقها إلى الفرقة الفرنسية الثانية المدرعة أثناء توجهها لتحرير باريس، وشاركت في خضم القتال الذي حرر العاصمة الفرنسية في 25 آوت
لأدائها الباهر، تمت ترقية (سيمون) إلى رتبة ملازم، ومنحت وسام صليب الحرب. بعد الحرب، عملت كممرضة للأطفال، وفي عام 2017، تم تسمية أحد شوارع كورفيل سور أور، وهي بلدة صغيرة بالقرب من شارتر عاشت فيها حتى الآن، على شرفها.

3. مخترق الشفرات السرية،جوزيف روشفورت، الذي جعل اليابانيين يكشفون عن نواياهم

كانت غارة جيمس دوليتل على طوكيو في ربيع عام 1942 أول رد عسكري أمريكي على اليابان بعد هجومها في بيرل هاربر، لذلك وفي محاولة لرد الاعتبار شرعت اليابان في جذب القوات البحرية الأمريكية إلى معركة كبرى كانوا يأملون فيها إلحاق الهزيمة الساحقة بالأميركيين، فبدأت الأدلة تتوالى على أن اليابانيين كانوا يستعدون لخطوة كبيرة، لكن لم يكن أحد متأكدًا من هدفهم.

قام المحللون الأمريكيون بفك تشفير الرسائل اليابانية، وكانوا يعلمون أنهم يخططون لمهاجمة هدف يطلق عليه اسم «AF». ومع ذلك، لا أحد يعرف ما كان AF. لذا قام (جوزيف روشفورت) مخترق الشفرات في سلاح البحرية بخدعة لإظهار مقصد اليابانيين. يشتبه في أن AF كانت جزيرة ميدواي، حينها راسل (روشفورت) محطة إذاعة ميدواي برسالة غير مشفرة تفيد بأن نظام تنقية المياه قد انهار، وأن الجزيرة كانت تنفذ من مياه الشرب الصالحة. بعد 24 ساعة، اعترض مفككو الشفرات الأمريكيون رسالة يابانية مفادها أن «AF» كانت تنفذ من الماء.

4. البطلة البيلاروسية المراهقة زينايدا بورتنوفا

انضمت المراهقة البيلاروسية (زينايدا مارتينوفنا بورتنوفا) إلى البارتيزان (حركات المقاومة) وقاتلت النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، فأصبحت أصغر امرأة حاصلة على وسام بطل الاتحاد السوفيتي، وهو أعلى وسام في الاتحاد السوفيتي يُقدم بعد الخدمة البطولية للوطن والمجتمع. لسوء الحظ، كان الوسام بعد وفاتها، حيث تم القبض على (زينايدا) من قبل الألمان لتعدم في عام 1944.

ولدت الفتاة ونشأت في لينينغراد، ولكن في صيف عام 1941، عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها، كانت على بعد مئات الأميال من منزلها، في معسكر صيفي بالقرب من منزل أجدادها بالقرب من الحدود السوفيتية الألمانية في بيلاروسيا، حينها غزت القوات النازية البلاد، واجتاحت الدبابات الألمانية معسكر (زينايدا) الصيفي، فوجدت نفسها وحيدة خلف خطوط العدو.

الانضمام إلى الثوار

كان الاحتلال الألماني وحشيًا، وأصبحت (زينايدا بورتنوفا)، البالغة من العمر 15 عامًا، ذات ميول متطرفة عندما ضرب جندي ألماني جدتها أثناء مصادرة ماشية العائلة، لذا انضمت إلى حزب كومسمول السري -اتحاد منظمات الشباب الشيوعي السوفيتي- ومجموعات المقاومة التابعة له والتي أطلق عليها اسم ”المنتقمون الشباب“. بدأت (زينايدا) بتوزيع منشورات دعاية معادية لألمانيا، وجمع وإخفاء الأسلحة للثوار، والإبلاغ عن تحركات قوات العدو، والانخراط في أعمال تخريبية لتعطيل مركبات العدو.

بعد أن تعلمت استخدام الأسلحة والمتفجرات، شاركت في غارات وعمليات تخريب ضد محطات توليد الكهرباء والمضخات ومصنع للطوب بالقرب من فيتبسك، حينها قتل خلاله ما يقدر بنحو 100 جندي ألماني.

شهيدة المقاومة

في عام 1943، حصلت (زينايدا بورتنوفا) على عمل في مطبخ يُخدّم الحامية الألمانية لمدينة أوبول، فقامت بتسميم طعامهم. عندما وقعت الشكوك عليها، أثبتت ”براءتها“ عن طريق تناول الطعام لإثبات أنه لم يكن مسمم، عندما لم تظهر عليها آثار مرضية فورية، تم إطلاق سراحها، لكنها باتت مريضة بشدة بعد ذلك بوقت قصير، غير أنها نجت. هربت من أوبل، وانضمت إلى وحدة مقاومة أخرى وعملت بمثابة كشافة.

في أواخر عام 1943، فقد الاتصال مع مقاومي مدينة أوبول، فأرسلت (زينايدا) إلى المدينة للتحقيق. تم القبض عليها على الفور، لكنها تمكنت من الاستيلاء على مسدس محققها الألماني عندما غادر بلا مبالاة والسلاح فوق مكتبه فأطلقت عليه النار حتى الموت، بالإضافة إلى حارسين هرعوا عند سماع صوت إطلاق النار. هربت من المبنى، لكن تم تعقبها في نهاية المطاف وأسرها، وبعد ذلك تم تعذيبها وإعدامها في 15 جانفي 1944، وهي تبلغ من العمر 17 عامًا.

5. هارولد كول، السجين الذي خان كل شيء

كان للمجرم الإنجليزي المخضرم هارولد كول (1906 – 1946) دورًا مريبًا في الحرب العالمية الثانية وهو يخدم في الجيش البريطاني والمقاومة الفرنسية والقيام بخيانتهما معًا من خلال العمل لصالح الألمان. خلال مسيرته الاستثنائية في زمن الحرب، كذب وخدع في جميع أنحاء فرنسا، وانضم إلى النازيين، و وشى بالمقاومة، مما أدى إلى اعتقال وإعدام الكثيرين.
بدأ (كول) في ارتكاب مختلف أنواع الجرائم في وقت مبكر من حياته، فكان في سن المراهقة سارقًا، وقام بتزوير الوثائق، والاختلاس وبحلول عام 1939 كان (كول) قد دخل السجن مرات عدة. عندما بدأت الحرب العالمية الثانية، كذب حول تاريخه الإجرامي للتجنيد في الجيش البريطاني ليُرسل إلى فرنسا. رُقي إلى رقيب حتى تم القبض عليه لسرقة أموال من رقيب مطعم الضباط لينفقها على البغايا، بعدها أصبح أسير حرب في آيار من عام 1940، عندما استولى الألمان على مقره حيث تم حبسه.

الانضمام إلى المقاومة الفرنسية

تمكن (هارولد كول) من الفرار من الألمان، وشق طريقه إلى مدينة ليل. هناك، تواصل مع ”المقاومة الفرنسية“، مدعياً أنه عميل استخبارات بريطاني أرسل لتنظيم خطوط الهروب لجمع أفراد الجيش البريطاني الذين تقطعت بهم السبل وإعادتهم إلى الوطن. صدقه الفرنسيون، ولبعض الوقت عمل (كول) بشكل إيجابيًا حقًا، حيث اصطحب الأفراد الهاربين عبر الأراضي التي احتلها النازيون إلى بر الأمان النسبي في فرنسا، ومنها انطلقوا إلى إسبانيا واستقلوا سفينة عائدة إلى الوطن.

ومع ذلك، اختلس (كول) من الأموال المخصصة لتمويل عمليات المقاومة، من أجل الانفاق على نمط حياة المجتمع الراقي والنوادي الليلية والمطاعم الفارهة، والشمبانيا باهظة الثمن، والسيارات السريعة، والفتيات الجميلات. عندما ظهرت سرقته إلى العلن في عام 1941، قامت المقاومة بإلقاء القبض عليه وحبسه، لكن أثناء تداول مشاورات ما يجب عمله بشأنه، هرب.

تحوّل الأهواء والانضمام إلى الألمان

وجد (هارولد كول) نفسه هاربًا من المقاومة الفرنسية ولا مجال للعودة، لذلك سلم نفسه للألمان. كما أعطاهم 30 صفحة من أسماء وعناوين أعضاء المقاومة، وأصبح وكيلًا للشرطة الأمنية الألمانية أو المعروفة بـ SD. في الفترة التي تلت ذلك، تم اعتقال أكثر من 150 من أعضاء المقاومة، أُعدم ما لا يقل عن 50 منهم، وقد كان (كول) حاضراً أثناء استجواب وتعذيب العديد من زملائه السابقين. ومع ذلك، غزا الحلفاء المنطقة أخيرًا في عام 1944، واجتاحوا الألمان وأخرجوهم من فرنسا. عندما اقتربت جيوش الحلفاء من باريس في عام 1944، فر (كول) في زي جيستابو.

كول يحاول أن ينقذ نفسه بخدعة أخيرة

بعد شهر من استسلام النازية، ظهر (هارولد كول) في جنوب ألمانيا، مدعيًا أنه عميل سري بريطاني يقدم خدماته لقوات الاحتلال الأمريكية. لقد قام بالفعل بخيانة دولتين من خلال العمل لصالح الألمان، لذا فقد وصل الآن لخيانة ثلاثة دول، فانقلب على النازيين، وعمل على صيدهم ومطاردتهم في مخابئهم، وقتل واحد منهم على الأقل.

اكتشف البريطانيون في النهاية مكان (كول) وألقي القبض عليه، لكنه هرب من السجن حيث كان ينتظر المحاكمة العسكرية، وعاد إلى فرنسا. هناك، تلقت الشرطة الفرنسية معلومات تفيد بأنه كان مختبئًا في شقة بوسط باريس، وفي 8 جانفي 1946، وخلال عملية التسلل للقبض عليه، فضح وزن الشرطيين وجودهما، ما جعل الرجل يقابلهما عند المدخل، حاملًا مسدسًا في يده. في تبادل أطلاق النار الذي تلا ذلك، أُصيب (كول) عدة مرات، ونزف حتى الموت.

6. المُزور الشاب أدولفو كامينسكي

وجد المراهق الفرنسي (أدولفو كامينسكي) نفسه تحت سطوة الاحتلال النازي بعد هزيمة فرنسا في عام 1940. كان كيميائيًا موهوبًا ومتعلمًا ذاتيًا نمّى موهبة في التزوير ليجعل من نفسه أفضل مزور سري في أوروبا. وقد تخصص في صنع بطاقات الهوية والوثائق المزورة التي ساعدت في إنقاذ حياة الآلاف من اليهود.

ولد (أدولفو) في عام 1925 لأبوين يهوديين روسيين هاجروا إلى الأرجنتين، قبل أن تنتقل العائلة إلى فرنسا في عام 1932. للمساعدة في إعالة أسرته، ترك الشاب المدرسة في سن الثالثة عشرة وحصل على عمل في مجال التنظيف الجاف، استلزم عمله ذاك استخدام العديد من المركبات، مما أدى إلى إلمامه بالكيمياء والشغف اللاحق بها.

أمسى (كامينسكي) خبيراً كيميائياً ذاتي التعلم

بدأ (أدولفو كامينسكي) القراءة في الكيمياء، وتولى وظيفة بدوام جزئي لمساعدة كيميائي في نهاية الأسبوع. لكنه لم يتوقع أنّ الاحاطة وحُبّ الكيمياء سينتهي بهما المطاف ليصنعا له مهنته اللاحقة كمزور محترف.

عندما سقطت فرنسا في عام 1940، كان (أدولفو) يبلغ من العمر 15 عامًا، ولم يمض وقت طويل قبل أن يشعر بنير النازية يُطوّق حياته. فأول ما تم الاستيلاء على منزله في وقت مبكر من الاحتلال ليكون مقرًا لبعض القوات الألمانية بعد إخلاء أسرته. وفي العام التالي، أطلق النازيون النار على والدته.

مُزور المقاومة الأول

في عام 1943، تم اعتقال عائلة (أدولفو كامينسكي) و وضعت في معسكر احتجاز استعدادًا للترحيل إلى معسكر أوشفيتز للاعتقال والإبادة، ولم ينجوا إلا في اللحظة الأخيرة، بسبب تدخل القنصل الأرجنتيني، في غضون ذلك، التحق (أدولفو) بالمقاومة الفرنسية في سن السادسة عشر. أرسله والده لإحضار أوراق هوية مزورة من خلية مقاومة، عرف حينها أنهم واجهوا صعوبات في صبغة معينة فأعطاهم الكيميائي الشاب طريقة خاصة على الفور لحل مشكلتهم.

جندته المقاومة بعدما أعجبت بعمله وكرّسته للعمل في مختبر تحت الأرض في باريس. وهناك، قضى بقية الحرب في تزوير أوراق هوية لأولئك الهاربين من النازيين وبحاجة إلى بطاقة تعريف مزيفة، وخاصة اليهود منهم.

مُزوّر الحرية
بحلول الوقت الذي طُرد فيه الألمان من فرنسا، كان (أدولفو كامينسكي) قد صنع وثائق مزيفة ساعدت في إنقاذ أكثر من 14000 رجل وامرأة وطفل يهودي من أهوال الهولوكوست. بعد الحرب، عمل مصوراً محترفاً. ومع ذلك، واصل أيضًا عمله السري كمزور محترف، وتقديم مواهبه للشعوب المحرومة ولأسباب التحرير في جميع أنحاء العالم.

أنشأ (أدولفو) مستندات لآلاف من مقاتلي الحرية، مثل جبهة التحرير الوطني الجزائرية واللاجئين والمنفيين والرافضين للعنف. وقد لخّصت صحيفة جيروساليم بوست مسيرته المهنية: ”كبر ليكون مزورًا إنسانيًا، ومجرمًا خياليًا مثاليًا، وروبن هود للأوراق المزيفة، وصانع جوازات سفر وبطاقات هوية للمضطهدين في العالم“.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل