يقع ميناء بيرل هاربور في هونولولو عاصمة هاواي، بالقرب من وسط المحيط الهادئ، تبعد عن الولايات المتحدة 2000 ميلٍ تقريبًا وحوالي 4000 ميلٍ عن اليابان. لم يعتقد أحدٌ أن اليابانيين سيشنون هجومًا على جزر هاواي البعيدة، فقد كان مسؤولو المخابرات الأمريكية واثقين من أن أي هجومٍ ياباني لن يقع إلا في إحدى المستعمرات الأوروبية القريبة نسبيا من جنوب المحيط الهادئ: جزر الهند الشرقية الهولندية، سنغافورة أو الهند الصينية.
كان الهجوم على بيرل هاربور مُفاجِئًا، ومثّل صدمة للأمريكيين، لكن في حقيقة الأمر، كانت اليابان والولايات المتحدة على شفا حربٍ منذ عقود. كانت الولايات المتحدة الأمريكية غير راضية عن موقف اليابان العدائي تجاه الصين؛ فقد اعتقدت الحكومة اليابانية -في ذلك الوقت- أن الطريقة الوحيدة لحل مشاكلها الاقتصادية والديمغرافية هي التوسع في أراضي جارتها والاستحواذ على سوق الاستيراد. فتحقيقًا لهذه الغاية، أعلنت اليابان الحرب على الصين في عام 1973، الأمر الذي أدى إلى مذبحة نانجينغ وفظائع أخرى.
رد المسؤولون الأمريكيون على هذا العدوان بإعلان الحظر التجاري على اليابان ومجموعةٌ أخرى من العقوبات الاقتصادية. لقد اعتقد الأمريكيون أن افتقار اليابان للمال والسلع وخاصة الإمدادات الأساسية مثل النفط، سيكبح جماح توسعها. ولكن بدلاً من ذلك، جعلت العقوبات اليابانيين أكثر عزمًا وعِنادًا، وبعد شهورٍ من المفاوضات بين طوكيو وواشنطن العاصمة لم يتزحزح أي الجانبين وبدا أن الحرب كانت أمرًا حتميًّا.
كانت الخطة اليابانية بسيطة: تدمير أسطول المحيط الهادئ. وبهذا لن يتمكن الأمريكيون من الرد أو التصدي عندما تنتشر القوات المسلحة اليابانية عبر جنوب المحيط الهادئ. وفي السابع من ديسمبر، بعد أشهر من التخطيط والتدريب، شن اليابانيون هجومهم.
في حوالي الساعة الثامنة صباحًا، كانت الطائرات اليابانية تملأ سماء بيرل هاربور، وأمطرت أطنانًا من القنابل والرصاص على السفن الراسية هناك. في الساعة 8:10، سقطت قنبلة بوزن 900 كيلو على سطح السفينة الحربية يو إس إس أريزونا، انفجرت السفينة وغرقت مع أكثر من 1000 رجلٍ عالِقٍ داخلها.
بعد أقل من ساعتين، كانت كل سفينة حربية في بيرل هاربور: يو إس إس أريزونا، يو إس إس أوكلاهوما، يو إس إس كاليفورنيا، يو إس إس فيرجينيا الغربية، يو إس إس يوتا، يو إس إس ماريلاند، يو إس إس بنسلفانيا، يو إس إس تينيسي ويو إس إس نيفادا متضررةً بشكلٍ كبير.
إجمالًا، أدى الهجوم الياباني على بيرل هاربور إلى تدمير ما يقرب من 20 سفينة أمريكية وأكثر من 300 طائرة، ودُمرت الأحواض الجافة والمطارات، والأهم من ذلك كله، قُتِل 2403 بحارًا وجنديًا ومدنيًا، وأُصيب حوالي 1000 شخص.
لكن اليابانيين فشلوا في شل أسطول المحيط الهادئ، فبِحلول أربعينيات القرن الماضي لم تعد البارجات البحرية هي أهم قطعة في الأسطول، وإنما أخذت مكانها حاملات الطائرات، وأثناء الهجوم على بيرل هاربور، كانت جميع حاملات أسطول المحيط الهادئ بعيدة عن القاعدة ولم تتضرر.
علاوة على ذلك، غفِل الهجوم عن أهم منشآت القاعدة البحرية: مستودعات تخزين النفط، مراكز التصليح وأحواض بناء السفن والأرصفة البحرية، ونتيجة لذلك، تمكنت البحرية الأمريكية من التعافي سريعًا من الهجوم.
في 8 ديسمبر، وافق الكونغرس على إعلان الحرب على اليابان، وبعد ذلك بثلاثة أيام أعلن حليفا اليابان ألمانيا وإيطاليا الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية. بعد أكثر من عامين من بداية الحرب العالمية الثانية، اقتحمت أمريكا الصراع العالمي الثاني.