#رئيس_المجلس يتناول في #قمة_رؤساء_البرلمانات
المأزق الأمنية وأزمات التنمية
ألقى #رئيس_المجلس_الشعبي_الوطني السيد #سليمان_شنين، اليوم الأربعاء 19 أوت 2020، خلال مشاركته في فعاليات المؤتمر الخامس لرؤساء البرلمانات المنعقد عن بعد، كلمة، بثت استثنائيا عبر الموقع الرسمي للمؤتمر، فيما يلي نصها الكامل :
السيدة رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي
السيدات والسادة رؤساء البرلمانات الوطنية،
السيد أمين عام الاتحاد البرلماني الدولي،
سيداتي ساداتي،
السلام عليكم ورحمة الله وتعالى،
تواجه الانسانية، في سنة 2020، أزمة صحية عالمية لم يشهدها التاريخ الانساني بالنظر لسرعة عولمتها وتشعب تداعياتها الاقتصادية والانسانية والصحية وابرازها لدرجة هشاشة الأنظمة الصحية لغالبية دول العالم، بما في ذلك الرائدة منها عسكريا واقتصاديا وماليا وتكنولوجيا.
كما أظهرت هذه الجائحة المفارقة بين الخطاب الإنساني العالمي والواقع الذي يتميز بغلبة المصالح الوطنية على المصير الانساني المشترك المهدد، وبضعف فعلي لمسارات التضامن بين الشعوب بشكل تزداد معه الهوة التنموية والرقمية، كما تتوسع رقعة الفقر والإنكشافية الصحية بين الدول وداخلها.
كما يشهد عالمنا اليوم تحولات جيوسياسية متسارعة تنذر بتفاقم التنافس الاستراتيجي بين الدول الفاعلة من أجل القوة والتأثير والموارد والأسواق وسلطة القرار العالمي.
كما يشهد أيضا تزايد الأزمات وتعقدها في عديد الدول مثل ليبيا وسوريا وفي منطقة الساحل … وغيرها، وهذا ما يعقد من المآزق الأمنية ويرفع من شدة أزمات التنمية بشكل يهدد استقرارها النسقي وكذا الأمن المشترك بأبعاده الاقليمية والدولية، كما أنها تنتج الحركيات السببية المغذية للإرهاب والجرائم ذات الصلة خاصة مع إعادة انتشار آلاف المقاتلين الإرهابيين الأجانب من مناطق النزاع في الشرق الأوسط إلى افريقيا وغرب آسيا خصوصا.
سيداتي، ساداتي،
تمر 75 سنة على تأسيس منظومة الأمم المتحدة التي تهدف إلى منع إعادة انتاج التراجيديا التي عرفتها الانسانية في الحرب العالمية الثانية من خلال بناء مبادئ وقواعد ملزمة للدول ومأسسة العمل متعدد الأطراف عن طريق مختلف الأطر الي أقرها ميثاق الأمم المتحدة، أو المستجدة منها، من أجل بناء عالم من الأمن والكرامة الانسانية والتطلع للرفاه بمنطق المصير المشترك للبشرية.
لقد ساهمت هذه المنظمة في بناء منطق تشاركي في إدارة السياسة الدولية و إعمال القانون الدولي و انتاج مذاهب جديدة للأمن و التنمية و حقوق الانسان و البيئة و الأمن ببعديه العالمي و الإنساني مع مساهماتها في حل النزاعات الدولية و في تمكين عديد الشعوب من حقها في الانعتاق و التحرر، و عدم قدرتها في تمكين عدد من الشعوب الاخرى من حقها التأسيسي في السيادة و الانعتاق و في مقدمتها الشعبين الفلسطيني و الصحراوي اللذان يبقيان رهائن للجيوسياسية العالمية، و هذه من بين الأسباب، بالإضافة لتغير خارطة الدول الأعضاء في منظمة الامم المتحدة و كذا تغير خارطة التوزيع العالمي للقوة، التي جعلت عديد الدول و المنظمات الحكومية تدعو لضرورة إصلاح الأمم المتحدة لتكون أكثر تمثيلية داخل مجلس الأمن خاصة من أجل إضفاء مشروعية أكبر على قراراته و جعله أداة فاعلة في صناعة الأمن و استعادة الاستقرار بعيدا عن التوظيف الاستراتيجي لصالح بعض الدول و على حساب دول أخرى.
سيداتي، سادتي،
أظهرت جائحة 19 الدور المركزي الذي تلعبه الدول الوطنية في أداء وظائفها الناظمة من أجل تحقيق الأمن الصحي لسكانها واتخاذ القرارات الكفيلة بالحفاظ على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وضمان استقرار المؤسسات وترقية منطق التضامن داخل الدول أو بينها.
كما اظهرت هذه الجائحة، على الرغم من طابعها المعولم والفتاك، ضرورة تعزيز القواعد المعيارية الداعمة لسيادة الدول وسلامة شعوبها بالابتعاد عن العدوان والتدخل الاجنبي العسكري أو الخفي وبحل النزاعات بالطرق السلمية وفي المساعدة المنتظمة للدول الهشة في الحفاظ على ذاتها بالتنمية وبناء مقدراتها وتقديم الأمل الصادق لشعوبها، فلا يمكن بناء سلم عالمي دول تضامن انساني فعال وبدون تصورات عملية تأخذ بعين الاعتبار القوي والضعيف بمنطق انساني مستديم.
سيداتي، ساداتي،
تشكل هذه القناعات الأرضية المعيارية التي تتبناها الجزائر من خلال مجهوداتها الدؤوبة لحل النزاعات بالطرق السلمية، وتقديم مساعداتها للدول التي تحتاج إليها وتساهم بشكل مستديم في الحفاظ على الأمن في جوارها وفي العالم، باحترام تام لسيادة الدول ووحدة شعوبها كما أنها تدافع على القضايا العادلة في إطار مبادئ وقواعد وقرارات الأمم المتحدة.
تعكس هذه الأرضية المعيارية عمق ثقافتنا السياسية السلمية التي صقلها نضال الشعب الجزائري من أجل الاستقلال والسيادة.
كما أنها تشكل الشعاع الموجه للتحولات الديمقراطية التي تعرفها الجزائر منذ الانتخابات الرئاسية ليوم 12 ديسمبر 2019 و الذي أسس لشرعية ديمقراطية للحكم مكنت رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون من إطلاق مشروع الجمهورية الجديدة، الذي انخرطت فيه كثير من الفواعل السياسية و النخب الفكرية و القوى الحية للمجتمع الجزائري، و الذي سيعيد هندسة نظامنا السياسي ليكون مواطني الروح، و فعالا و عقلانيا في أداء مؤسساته، و عادلا في توزيع الفرص و الثروات بين مختلف المواطنين، و قادرا على بناء الجزائر الجديدة لتكون قلعة من الرفاه و الاستقرار و الأمن، و دولة مساهمة في تحقيق الأهداف المشتركة للإنسانية.
نتمنى لأعمال هذا المؤتمر النجاح والتوفيق ليكون لبنة إضافية في عملنا البرلماني المشترك، خدمة للإنسانية.
شكرا على كرم الإصغاء
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته