عام 1945، كانت الحرب العالمية الثانية قد بدأت منذ ما يزيد عن ستة أعوام وحصدت أرواح عشرات الملايين من الجنود والمدنيين على حد سواء، لكن بعد هذه السنوات من الحرب المدمرة كانت الأقدار قد دارت على ”الرايخ الثالث“ وبدلاً من الإمبراطورية التي احتلت أوروبا بالحديد والنار كان قد بقي الركام وبعض الجنود في العاصمة الألمانية برلين، ومع اشتداد الحصار على برلين والتقدم المستمر للحلفاء من الجهتين كان من الواضح أن النهاية قد حانت ولا شيء يمكن أن يعكس ما سيحدث.
وفقاً للقصة المتعارف عليها تاريخياً، فقد قرر (هيتلر) إنهاء حياته عمدا بنفسه عندما كان الجيش الأحمر السوفييتي على بعد مبانٍ قليلة فقط من ملجئه تحت الأرض، حيث يقال أنه تزوج عشيقته (إيفا براون) في حفل صغير يوم 29 نيسان/أبريل عام 1945 لينتحرا معاً في اليوم التالي، هو برصاصة في رأسه، وزوجته بمضغ كبسولة من السيانيد الفتاك، بعدها تم إخراج جثة (هيتلر) وزوجته ووضعا في حفرة ناتجة عن قنبلة من القصف السوفييتي وأحرق جسداهما بالبترول.
هل مات هيتلر حينها حقاً؟
وفقاً للسجلات الرسمية للسوفييت والأمريكيين على حد سواء، فوفاة (هيتلر) عام 1945 كانت مؤكدة، لكن الرواية الرسمية لما حدث تتضمن العديد من الثغرات والمشاكل، ومع كون السوفييت لم يتركوا أي أثر من الجثة المحترقة لـ(هيتلر) لتفحص لاحقاً، هناك العديد من الادعاءات بأن (هيتلر) لم يمت حينها، بل أنه هرب في الواقع إلى أمريكا الجنوبية، وبالأخص الأرجنتين ليكمل حياته هناك.
من حيث المبدأ، تبدو قصة كون (هيتلر) قد هرب من الحصار الخانق لبرلين أشبه بنظرية مؤامرة، لكن هناك العديد من الأمور التي تثير الشكوك بكون الأمر قد حصل فعلاً، ومع أن الكثير من هذه الأشياء مجرد أمور ظرفية لا تؤكد شيئاً وحدها، فهناك أدلة جزئية تشير إلى احتمال هروب (هتلر) من برلين المدمرة.
هنا سنتناول بعضاً من أهم النقاط التي ترتكز عليها نظرية كون (هيتلر) قد هرب من ألمانيا:
1. كانت الأرجنتين لتشكل ملجأً مثالياً لهيتلر في حال هروبه
أثناء الحرب العالمية الثانية والفترة التالية لها؛ كانت الأرجنتين كما معظم بلدان أمريكا الجنوبية حيادية في الصراع، لكن بغض النظر عن الحيادية في الحرب بحد ذاتها، فقد كانت الحكومة الأرجنتينية يمينية للغاية وتمتلك ميلاً قوياً لتأييد النازية، حيث كانت منطقة (بتاغونيا) مأهولة من الكثير من المهاجرين الألمان ونسلهم، وبالتالي فقد كان الفكر النازي منتشراً للغاية هناك بعلم الحكومة ولا مبالاتها، وفي بعض الحالات بالتعاون معها حتى.
في الواقع هناك العديد من الحالات المؤكدة لقادة نازيين قاموا بالفرار إلى (بتاغونيا) في الأرجنتين واستقروا هناك حتى وفاتهم، وكون (هيتلر) واحداً منهم لن يكون أمراً مستحيلاً بالطبع، بالأخص مع كونه القائد الأعلى وبالتالي الشخصية الأهم في النظام النازي.
2. شبكة الأنفاق السرية
في حال افترضنا كون (هيتلر) قد تمكن من الهرب حقاً، فالمشكلة الأساسية هي كيف من الممكن أن يخرج من برلين أصلاً! ففي وقت آخر ظهور علني له كانت المدينة محاصرة من جميع الجهات بالجيش الأحمر من الشرق والولايات المتحدة وبريطانيا من الغرب، لكن وفقاً لاكتشافا قام بها منتجو مسلسل وثائقي لقناة History، فقد كان هناك شبكة من الأنفاق السرية التي تربط مخبأ (هيتلر) تحت الأرض بمحطة قطارات في برلين.
وفقاً لبعض الخبراء التاريخيين الحاليين، فمن الممكن أن (هيتلر) كان قد هرب عبر هذه الأنفاق مع بعض من المقربين له، ومن محطة القطار أكمل طريقه نحو المطار ليهرب أولاً إلى الدنمارك ومنها إلى إسبانيا، حيث أن الجنرال (فرانكو) الذي كان يتزعم إسبانيا حالياً كان معروفاً بميله للأنظمة الفاشية، ولو أن إسبانيا بقيت حيادية في الحرب العالمية الثانية مع انشغالها بالحرب الأهلية، وبالطبع فالطريق يكمل من إسبانيا إلى أمريكا الجنوبية بالاعتماد على الغواصات النازية الموجودة في المحيط الأطلسي.
3. لا يمكن تأكيد أن جثة هيتلر كانت له أصلاً
عندما عثر السوفييت على جثث كل من (أدولف هيتلر) وزوجته (إيفا براون)، لم يكن هناك شيء متبقٍ منهما وفقاً للسجلات، فالجثتان كانتا محترقتين بشكل كامل ولا يمتلكان أي دليل على هوية أصحابهما سوى الفك السفلي للجثة المزعومة لـ(هيتلر)، حيث أن الاستدلال بكون الجثة لـ(هيتلر) أصلاً قائم على وجود بعض الإصلاحات في الأسنان للفك السفلي للجثة فقط، وكما هو واضح فدليل كهذا ليس حاسماً أبداً حيث من السهل للغاية تزوير جثة كهذه وبالأخص لشخص بسلطة وقدرة (هيتلر).