هو عبدالله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تیم ، يلقب بالعتيق، ويكنى بأبي بكر، ويعرف بالصديق، يلقب أبوه عثمان بأبي قحافة وأمه أم الخير سلمي بنت صخر من بني تیم وهي ابنة عم أبيه ، وبنو تيم أحد بطون قريش الأثني عشر .
- ولادته :
ولد في السنة الحادية والخمسين قبل الهجرة، وهو بذلك يكون أصغر من رسول الله ﷺ بحدود سنتين وبضعة أشهر ، تزوج أبو بكر، رضي الله عنه، في الجاهلية امرأتين وهما: قتيلة بنت عبد العزی، وأولدها عبد الله، وأسماء، وتزوج أم رومان بنت عامرالكنانية، وأنجبت له عبد الرحمن، وعائشة .
- مكانته ومنصبه :
وهو من وجهاء قريش وأشرافهم وأحد رؤسائهم وأبو بكر الصديق المسؤول من بين بطون قريش بالديات والمغارم ، فكان
إذا حمل شيئًا فسأل فيه قريش صدقوه ، وامضوا حمالة من نهض معه ، وإن حملها غيره خذلوه .
وكان أبو بكر نسابة قريش يقول ابن هشام في السيرة النبوية : كان أبو بكر – رضي الله عنه – أنسب قريش لقريش ، وأعلم قريش بها ، وبما كان فيها من خير وشر وكان رجلًا ذو خلق ومعروف ، وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه ، لعلمه ، ولتجارته ، ولحسن مجالسته .
- تحريمه الخمر والإبتعاد عن الأصنام :
وقد حرم الخمر على نفسه في الجاهلية ، وذلك أنه مر وهو في الجاهلية برجل سكران يضع يده في العذرة يدنيها من فمه ، فحرمها على نفسه ، ولم يسجد كذلك أبي بكر لأي صنم قط ..فقد قال أبو بكر : ما سجدت لصنم قط ، ذلك أني لما ناهزت الحلم أخذني أبو قحافة بيدي فانطلق بي إلى مخدع فيه الأصنام ، فقال لي : هذه آلهتك ، الشم العوالي ، وخلاني وذهب ، فدنوت من الصنم وقلت ، إني جائع فأطعمني فلم يجبني ، فقلت : إني عار فاكسني فلم يجبني ، فألقيت عليه صخرة فخرّ لوجهه .
- صداقته لنبينا محمد ﷺ قبل بعثته :
وكان صديقًا للنبي ﷺ وصفيًا له قبل البعثة
وأما صفاته فقد قالت عائشة – رضي الله عنها – : كان أبيض نحيفًا ، خفيف العارضين ، أجتأ (منحنيًا) لا يستملك إزاره ، يسترخي عن حقويه ( خاصرته) ، معروق الوجه ، غائر العينين ، نائي الجبهة .
- ملازمته للنبي ﷺ :
فما أن بعث نبينا محمد ﷺ حتى آمن أبو بكر بدعوته وكان إسلامه بسبب ما عرف عن رفيق عمره ﷺ من الصدق والأمانة ومحاسن الأخلاق ومكارمها ،وصحب أبو بكر النبي ﷺ من حين أسلم إلى حين توفي
، لم يفارقه سفرًا ولا حضرًا إلا فيما أذن له عليه الصلاة والسلام في الخروج فيه.
وشهد مع نبينا المشاهد كلها ، وهاجر معه وهو رفيقه في الغار يقول سبحانه : ﴿ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا﴾ [التوبة: ٤٠]
- فيما أنفقه في الإسلام :
وكان كريمًا سخيًا ، وقد أنفق جل ماله في سبيل الله ورسوله ، وقد نزلت في حقه ..
﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتقَى الَّذي يُؤتي مالَهُ يَتَزَكّى﴾
وقال ﷺ : ( ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر ) فبكى أبي بكر وقال : هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله ؟
- عتقه للعبيد ونشره للإسلام :
وكان أبو بكر إذا مر على أحد من العبيد يعذب اشتراه من سادته ، ابتغاء وجه ربه الأعلى ، وقد اشترى أبو بكر بلال بن رباح من سيده أميه بن خلف بعد أن أذاقه أنواع الويلات بسبب إسلامه ، وقد أسلم على يديه العديد من كبار الصحابة ..ومنهم : عثمان بن عفان ، والزبير بن العوام ، وعبدالرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص – رضي الله عنهم -.
- شجاعته – رضي الله عنه – :
قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- : أشجع الناس أبو بكر ، لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله ﷺ عريشًا ، وقلنا : من يكون مع النبي ﷺ لئلا يصل إليه أحد من المشركين ؟ فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهرًا السيف على رأس رسول الله ﷺ .
- ثباته عند مصيبة وفاة رسول الله ﷺ :
أستأذن أبو بكر من رسول الله في مرضه الذي مات فيه بعد أن استصح رسول الله وسمح له الرسول بالذهاب إلى أهله بالسنح ، ولم يلبث رسول الله أن توفي من ليلته تلك وجاء أبو بكر باب المسجد وقد بلغه الخبر ..وكان الفاروق عمر يحدث الناس يقول : إن زجالًا من المنافقين يزعمون أن رسول الله ﷺ قد توفي ، وإنه والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه … والله ليرجعن رسول الله كما رجع موسى .. ولم يلتفت أبي بكر لما في المسجد ودخل بيت رسول الله في حجرة عائشة وكان مسجى في ناحية البيت ..فأقبل حتى كشف عن وجهه ، ثم قبله وقال : بأبي أنت وأمي ، اما الموته التي كتب الله عليك فقد ذقتها ، ثم لن يصبك بعدها موتة أخرى ، ثم خرج للمسجد ، وعمر بن الخطاب لا زال يخطب بالناس فقال : على رسلك يا عمر فأنصت .. لكن عمر استمر في كلامه ..فقال أبو بكر : أيها الناس إنه من كانه يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، ثم تلا الآية : ﴿وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا﴾
فكان الناس سمعوها لأول مرة !
- خلافته وأهم أعماله – رضي الله عنه -:
بايع المسلمين أبي بكر بالخلافة واستمرت خلافته سنتين و ثلاثة أشهر وأمتلئت بترسيخ دعائم الإسلام والقضاء على المرتدين والمنافقين وعلى مدعين النبوة ومن بعده بدأ بإرسال الجيوش لفتح العراق والشام ..وكان هو أول من جمع القران بين اللوحين و قد كسر في وقته من هيبة الروم و الفرس وجعلت للمسلمين هيبة وقوة وحضور بسبب المعارك التي كانت في الشام والعراق .
وفاته – رضي الله عنه – :
وقد مرض أبي بكر مدة خمسة عشر يوما، حتى كان يوم الاثنين (ليلة الثلاثاء) في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة وفيها توفي .
تأثر علي بن ابي طالب بوفاة أبي بكر :
وأقبل علي بن أبي طالب مسرعًا باكيًا مسترجعًا، ووقف على البيت الذي فيه أبو بكر، فقال: “رحمك الله يا أبا بكر، كنت إلف رسول الله ﷺ وأنيسه ومستراحه وثقته وموضع سره ومشاورته، وكنت أول القوم إسلامًا وأخلصهم يقينًا، وأشدهم لله يقينًا، وأخوفهم له وأعظمهم غناء في دين الله عز وجل، وأحوطهم على رسول الله ﷺ ، وأحدبهم على الإسلام، وأحسنهم صحبة، وأكثرهم مناقب، وأفضلهم سوابق، وأرفعهم عنده، وأكرمهم عليه، فجزاك الله عن رسول الله وعن الإسلام أفضل الجزا .