ذكرى مظاهرات ورقلة 27 فيفري 1962

م .ك27 فبراير 2021آخر تحديث :
ذكرى مظاهرات ورقلة 27 فيفري 1962

شهد الجنوب الجزائري في السنتين الأخيرتين من عمر الثورة التحريرية العديد من الأحداث التي ساهمت بشكل مباشر في الإسراع للتوقيع على اتفاقيات “إيفيان” والتمهيد لوقف إطلاق النار في 19 مارس 1962.

فقد قرّرت قيادة جبهة التحرير الوطني تنظيم مظاهرة بمدينة ورقلة يشارك فيها مختلف فئات الشعب، وذلك ردًا على مناورة ديغول الرامية إلى الترويج والدعاية لمشروع فصل الصحراء عن الجزائر، وإرساله وفدا يضم مسؤولين فرنسيين إلى ورقلة، لعقد اجتماع طارئ يوم27 فيفري 1962، بهدف جس نبض الأهالي وتهيئتهم على قبول فكرة تأسيس جمهورية صحراوية مستقلة

#التحضير_للمظاهرات:
قبل يوم واحد عن موعد وصول الوفد الفرنسي إلى ورقلة، وبعد تلقي مناضلي مدينة ورقلة تعليمات كتابية من قيادة الناحية الرابعة – المنطقة الرابعة بالولاية السادسة بخصوص تنظيم مظاهرة شعبية، سارع المعنيون وعلى رأسهم الملازم الثاني محمد شنوفي ومساعده عثمان حامدي والكاتب عبد الجبار، إلى تحرير خطابات إلى مشائخ المجالس البلدية لجبهة التحرير الوطني المتواجدة في مدينة ورقلة، وذلك لحث وتشجيع مواطني المداشر والأحياء للحضور والمشاركة بقوة في المظاهرة السلمية.

#سير_المظاهرات:
كانت التعليمات التي وردت إلى مختلف القرى والنواحي تقضي بتجمّع الناس في “سوق الحجر” بوسط مدينة ورقلة، في انتظار ساعة انطلاق المسيرة على الساعة الثامنة صباحا من يوم 27 فيفري الذي كان يصادف يوم 23 رمضان1381 هـ، وهو اليوم الذي ستحط فيه طائرة الوفد الفرنسي المكلّف بملف مشروع فصل الصحراء، بأرضية مطار ورقلة، غير أنه تمّ تأخير زيارة الوفد الفرنسي لمقر عمالة الواحات إلى الواحدة زوالا خوفا من حدوث انزلاقات قد تؤدي إلى فقدان السيطرة على الوضع، وهي مناورة فرنسية كان الهدف منها إرهاق الأهالي بطول الانتظار.
تفطّن المسؤولون عن تنظيم المظاهرة للمناورة الفرنسية، فطلبوا من المواطنين الالتزام بالهدوء والنظام، ومن التجار فتح محلاتهم ودكاكينهم، واستمرت حركة المواطنين بالسوق عادية إلى غاية الواحدة زوالا، عند رؤية تحليق طائرة الوفد الفرنسي باتجاه المطار، فأعطيت بعدها إشارة انطلاق المظاهرات من “سوق الأحد” باتجاه مقر استقبال الوفد الرسمي (إدارة نيابة العمالة)، حيث رُفعت الأعلام الوطنية، ورُدّدت الأناشيد الوطنية الحماسية والشعارات المندّدة للسياسة الاستعمارية، والهتافات المؤيّدة للحكومة الجزائرية المؤقتة الممثل الوحيد للشعب الجزائري.
رد فعل السلطات الاستعمارية:
بعد لحظات من انطلاق موكب المتظاهرين، حاصرت القوات الفرنسية المعزّزة بالدبابات والمدرعات ووحدات المشاة ورجال الدرك، مداخل ومخارج ووسط المدينة، المؤدية إلى مقر عمالة الواحات لتفريق المتظاهرين بالعصي والقنابل المسيلة للدموع، وأمام استماتة الشبان ومحاولاتهم اليائسة لإقناع السلطات الاستعمارية بسلمية المظاهرة، اشتدّ الاشتباك مع القوات الفرنسية، حيت استعملت القوات الفرنسية ضدهم نيران رشاشاتها وطاردتهم وسط الشوارع والساحات العامة إلى غاية غروب الشمس، مخلّفة العديد من الضحايا.

#صدى_المظاهرة:
بالرغم من قوة السلاح والنار التي سلّطها عساكر الاستعمار على المتظاهرين، وسقوط عدد من الجرحى والشهداء، إلا أن الجميع شعر بوحدة الصف والموقف بالالتفاف حول قيادة الثورة ومناهضة كل المشاريع الاستعمارية، وأمام هذه المظاهرة البطولية، اضطر الوفد الفرنسي لمغادرة مدينة ورقلة دون أن يعقد اجتماعه، وقد أصيبت السلطات الاستعمارية بخيبة أمل كبيرة، حتّمت على الوفد الفرنسي المشارك في مفاوضات إيفيان، الاعتراف بوحدة الجزائر ترابيا وبسيادة الدولة الجزائرية على الصحراء، وانتهت باتفاق نهائي على وقف إطلاق النار بين الطرفين في 19 مارس 1962، وتسوية كل القضايا التي عطّلت سير المفاوضات.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل