قصه كفاح شركة NIKE من الصفر إلى القمة

نور29 مايو 2020آخر تحديث :
قصه كفاح شركة NIKE من الصفر إلى القمة

● لا خلاف على أن شركة نايك (Nike) هي أحد أشهر شركات المنتجات الرياضية في العالم، ويعد مؤسسها المشارك ورئيسها أقوى شخصية في عالم الرياضة، على الرغم من أنه لم يحترف رياضة يوما ولم يشتر فريقا رياضيا ما.

• قدرت مجلة فوربز ثروته في 2014 بقرابة 22 مليار دولار، وهو رجل أعمال ومتبرع خيري سخي.

• بدأ هذه الامبراطورية من فكرة جاءته شابا ووضعها في ورقة بحث جامعية وتخرج ليطبقها بنفسه.

• جاء ميلاد فيليب (فيل) نايت (Philip Knight) في 24 فيفري 1938 في مدينة بورتلاند الأمريكية، لأب عمل محاميا ثم مالكا لصحيفة، واكتشف حبه لرياضة الجري صغيرا وانضم لفريق العدو في مدرسته أولا ثم في جامعته بعدها.

• حين طلب فيل من والده أن يعطيه وظيفة في الجريدة التي يملكها أثناء العطلة الصيفية، رفض والده وقال له اعثر على وظيفة بمفردك، فذهب فيل للجريدة المنافسة وعمل هناك في الوردية الليلية في قسم صف نتائج المباريات الرياضية وكان يعود على قدميه إلى منزله.

• لعبت جامعة اوريجون Oregon دورا شديد الأهمية في حياة فيل، حيث تدرب فيها على رياضة العدو على يد مدرب خبير اسمه بيل بورمان Bill Bowerman وتحولت العلاقة بينهما إلى صداقة قوية.

• هذه العلاقة قامت على رياضة العدو، ومناقشة السبل الممكنة للحصول على أفضل النتائج فيها، وفي هذا الزمن، كانت أغلب الأحذية الرياضية من صنع شركات أمريكية لتصنيع إطارات السيارات في الأغلب، وكان الرياضي الذي ينتعلها يعود من سباق الأميال الخمسة ولديه ألم فظيع في قدمه ولربما نزفت قدميه من سوء جودة الحذاء.

• استمر الحال كذلك حتى بدأت الأحذية الألمانية تدخل السوق الأمريكية وقدمت منتجات أفضل بكثير.

• رغم ذلك، كان المدرب بيل مقتنعا أنه بالإمكان صنع حذاء عدو أفضل من المتوفر في الأسواق، وبدأ يصنع بيديه بعض النماذج الأولية، ولأن صاحبنا فيل لم يكن أفضل أعضاء فريق العدو، ولذا اختاره المدرب ليكون فأر تجاربه.

• استمر الحال كذلك حتى تخرج فيل من الجامعة في عام 1959. (الطريف أنه تخرج في مادة الصحافة).

• لم يكن لدى فيل رؤيا واضحة لما يريد أن يفعله في مستقبله، ولذا انخرط في الجيش الأمريكي مدة عام، ثم أنهى خدمته ليحصل على شهادة ماجستير إدارة الأعمال من مدرسة الأعمال التابعة لجامعة ستانفورد.

• ما شد انتباه واهتمام فيل كان مادة الأعمال الناشئة (Small Business) وحدث أن طلب منهم أستاذ العصامية، فرانك شالنبرجر، فرضا دراسيا طلب منهم فيه اختراع نشاط تجاري جديد تماما، وشرح الغرض منه وكتابة خطة تسويقية له.

بعد تفكير، كتب فيل أطروحته العلمية وعنونها

● ’هل تستطيع الأحذية الرياضية اليابانية أن تفعل للأحذية الرياضية الألمانية ما فعلته الكاميرات اليابانية للكاميرات الألمانية؟‘.

• الطريف في الأمر، والذي ربما يسترعي الانتباه حاليا، أن هذه الأطروحة قامت على افتراض سهولة تصنيع أحذية رياضية أكثر جودة وأقل تكلفة في اليابان، والتي تعادل الصين في وقتنا الحاضر!

• يقولون أن في حياة كل انسان لحظة تجلي تعادل لحظة اكتشاف أرخميدس لنظرية الطفو، وهذه كانت.

• بعدما انتهى فيل من كتابة أطروحته، وجد أنه قادر على تنفيذ كل ما جاء في ثنايا الإجابة بنفسه.

• رغم وصوله لهذا الهدف، إلا أنه اضطر بعد انهاء دراسته العليا لتنفيذ رغبة أبيه، ألا وهي العمل في وظيفة محاسب في شركة بريس ووترهاوس، واستمر كذلك لفترة قصيرة من الوقت.

• في عام 1962 قرر فيل أن الوقت قد حان لكي يجرب تنفيذ ما جاء في الواجب الدراسي الذي كتبه، القائمة على استيراد أحذية عدو جيدة ورخيصة من اليابان، ولذا سافر إلى اليابان (ضمن رحلة حول العالم لرؤية بلاد الله) ونزل في مدينة كوبي وأخذ يبحث عن مصنع أحذية حتى عثر على مصنع اسمه اونيتسوكا (Onitsuka Tiger Co.)، والذي كان يقلد أحذية اديداس الرياضية وكان يسميها تايجر أو Tiger.

• مقتنعا بجودة الأحذية المصنعة وسعرها المنخفض، أقنع فيل إدارة هذا المصنع بأن يكون وكيلها في الولايات المتحدة، وأن ترسل له بعض العينات التسويقية من هذه الأحذية ليبيعها في أمريكيا بعد رجوعه من رحلته حول العالم [كان الدولار الأمريكي يعادل 360 ين ياباني في هذا الوقت].

• عند عودته من اليابان، اقترض فيل بعض المال من والده ليسدد ثمن العينات التسويقية التي استغرق وصولها 14 شهرا ولذا عاد فيل للعمل في مجال المحاسبة في شركة كووبر وليبرند وفي مجال التدريس في جامعة بورتلاند، حتى وصلت العينات في عام 1964 ليتصل عندها فيل بالمدرب بيل صديقه، ليناقش معه فكرته وخطوته في اليابان، وأرسل له زوجين من هذه الأحذية لتجربتها.

• بعد تجربتها، اقتنع المدرب بيل بالأحذية بدرجة كبيرة وقرر المساهمة بمبلغ 500 دولار مع فيل لشراء شحنة أحذية من اليابان تعادل 300 زوج أحذية، وتأسيس شركة اسمها رياضة الشريط الأزرق – Blue Ribbon Sports وبدآ معا التفكير في طرق بيع هذه الأحذية. في هذه الوقت كان سن فيل 26 سنة.

• بدأ فيل بوضع الأحذية في صندوق سيارته الخضراء، وكان يقف بها بالقرب من مسارات عدائين المدارس الثانوية، وكان ينتهي من وظيفته النهارية كمحاسب، ثم يبدأ في بيع الأحذية، واستمر كذلك حتى بدأت المبيعات تزيد وتكثر وتشغل المزيد من وقته، حتى أيقن أن الوقت حان ليستقيل من عمله ويركز على بيع الأحذية الرياضية.

• رغم معاناة الشركة الناشئة من الناحية المالية، كان فيل يفتتح فروع بيع أحذية تايجر في المدن الأمريكية، ويعمل نهارا في وظيفته وليلا في حلمه.

• في العام الأول للشركة الناشئة، باع فيل ما قيمته 8 آلاف دولار من الأحذية الرياضية المستوردة من اليابان وحقق ربحا صافيا قدره 250 دولار، ثم في عام 1969 باع ما قيمته مليون دولار من أحذية تايجر.

• على مر 4 سنوات منذ تأسيس الشركة، كانت المبيعات كبيرة لكن صافي الربح كان صغيرا جدا، 3% فقط. هذا الأمر استدعى الاقتراض كثيرا، وضغط النفقات بشدة.

• حينما كانت المبيعات السنوية 2 مليون دولار، كان الربح الصافي 60 ألف دولار، لكنه كان يذهب في شراء المخزون ودفع الرواتب وسداد النفقات، وكان الأمر ينتهي بفيل وهو يضع راتبه كله من المحاسبة في رأسمال الشركة ليضمن استمرارها، واضطر لرهن بيته، ولقضاء أوقات طويلة لدى البنوك ليقنعهم بأن يعطوه قروضا أكبر.

• في خضم كل هذا، وظف المصنع الياباني موظفا جديدا ليعمل على زيادة صادرات المصنع، وكان المستورد الأمريكي الوحيد هو فيل، ولذا تقدم المصنع الياباني بعرض مفاده، يا فيل، بع لنا 51% من أسهم شركتك وإلا سنبدأ نبيع لمنافسين لك.

• أخذ فيل يبحث في الأرقام ويقارن بين الحلول الممكنة، ثم انتهى إلى نتيجة مفادها أن عليه تعلم كيف يقول اذهبوا إلى الجحيم باليابانية! (كناية عن رفضه لطلبهم المجحف هذا).

• في هذا الوقت كان لدى فيل 45 موظفا يعملون معه، قرض بنكي قيمته 750 ألف دولار، مخزون راكد يصعب بيعه يوما بعد يوم، وكان فريق عمله المسؤول عن تصميم 3 أحذية تايجر جديدة تحقق مبيعات متزايدة.

• بعد انتهاء عقد وكالة شركة تايجر اليابانية، قرر فيل وشريكه بيل أن يبدآ في تصميم أحذية خاصة بهم، من تصميمهم وتصنيعهم، وكان أول حذاء من تصميم الشركة يحمل اسم كورتيز Cortez لكن الوقت كان يتطلب التخلص من الميراث القديم، ميراث الأحذية اليابانية المستوردة…

• في عام 1971 رأى فيل أن شركته بحاجة لاسم أكثر بريقا ولشعار أكثر رونقا، واقترح اسما رفضه العاملون معه في الشركة فطلب منهم أن يأتوا بشيء أفضل، حتى جاء أول موظف استأجره فيل، مسوؤل مبيعات، باقتراح أفضل: نايك وهو اسم آلهة النصر المجنحة في الأساطير الإغريقية، والذي زعم أن هذه الآلهة أتت له في أحلامه!

• استقر رأي فيل ومن معه على هذا الاسم، ولذا دفع فيل 35 دولار لطالبة تدرس في جامعة بورتلاند، مقابل رسم شعار جديد – والذي جاء في الصورة التي نعرفها اليوم! بعدها وفي عام 1972 تم تدشين الاسم الجديد والشعار الجديد والحذاء الجديد في الاستعدادات للألعاب الأوليمبية.

• استمرت مبيعات الشركة في التضاعف سنة بعد سنة، وفق الرؤيا التي أصر فيل عليها والتي أكدت أنه سيأتي يوم تتفوق فيه نايكي على شركة اديداس الألمانية في السوق الأمريكية، وهو ما حدث في عام 1980 وهو كذلك العام الذي طرحت فيه الشركة أسهمها في البورصة…

• إلا أن الشهرة الطاغية للشركة لم تتحقق إلا في 1984 حين تعاقد فيل مع لاعب كرة سلة أمريكي مغمور اسمه مايكل جوردان عمره 21 سنة بغرض الدعاية لحذاء نايكي، ومنذ هذه اللحظة الفارقة، ونايكي اسم لامع مشهور في عالم مستلزمات الرياضة، وذلك في تعبير عن عبقرية تسويقية لدى فيل.

• هذه العبقرية في التسويق ظهرت كذلك في عمل فيل مع شركة تصميم الإعلانات ومعا صمما بعضا من أفضل الحملات الإعلانية والتي جعلت من شعار نايك مشهورا معروفا ربما في أغلب بقاع الأرض، لعل أشهر هذه الحملات جاء في عام 1988 وحمل اسم فقط أفعلها أو Just Do It والذي تحول اليوم ليكون شعارا مشهورا في حد ذاته لما يحمله من معاني إيجابية كثيرة.

• هذا لا يعني أن كل أفكار فيل التسويقية كانت ناجحة، فهو أطلق شعارات رآها البعض قاسية تهدم ولا تبني، مثل شعار: أنت لم تربح الفضية بل خسرت الذهبية وغيرها.

• رغم كل شيء، هذه الرسائل الإعلانية القوية غير المعتادة أدت الغرض المطلوب منها على مر السنوات، وفوق ذلك، فاز فيل بجائزة ’مُعلن العام‘ في 2003.

• حين تقاعد مايكل جوردان وتوقف عن لعب كرة السلة، أخذ فيل يتردد على مباريات كرة السلة للمدارس الثانوية، وهناك حيث تعرف على موهبة أمريكية جديدة، اسمه لوبارون جيمس (LeBron James) ووقع معه عقدا لمؤازرة منتجات نايكي مقابل 90 مليون دولار، بعدما دخل مزايدة سعرية مع شركتي ريبوك و اديداس.

• هذا المبلغ كان نوعا من الرهان، ذلك أن لوبارون لم يكن يلعب في دوري المحترفين ساعتها، وكان صغير السن وكان يمكن لأي شيء أن يحدث، لكن المخاطرة أتت بنتائج ممتازة، حيث أثبت هذا اللاعب أنه مغناطيس مبيعات ممتاز.

• هذه العقود قد تدفعنا للظن أن فيل يركز على رياضة كرة السلة وحسب، لكنه وقع عقدا مماثل مع لاعب كرة قدم أمريكي مغمور اسمه فريدي آدو (Freddy Adu) عمره 14 سنة.

• بكرة القدم أقصد التي نعرفها (سوكر) لا الأمريكية.

• هذه الخطوة وحدها جعلت فيل يتصدر عناوين الأخبار، فهذه رياضة مجهولة، يراها البعض دخيلة بلا أمل، إلا أن فيل يبرر ذلك بقوله أنك حين تزور ملاعب ولاية أوريغون في يوم العطلة الأسبوعية، ستجد الملاعب الخضراء كلها مغطاة بمباريات كرة القدم، ما يعني أن هذه الرياضة تكتسب محبين ومشجعين في أمريكا، وحتما في يوم ما ستكون ذات شأن مرموق وربح كريم.

• إنها الرؤيا وبعد النظر. شركتك تحتاج منك لأن تفكر في يومها – وفي غدها أيضا.

• قد تظن كذلك أن فيل عبقري موهوب لا يخطئ، وهنا ستكون أنت المخطئ، ففي مطلع الثمانينات، انشغل فيل عن ملاحظة صرعة جديدة تظهر في الأسواق، وهي رياضة الايروبك – خاصة للنساء، فترك فراغا في السوق كانت الشركة المنافسة ريبوك أكثر من مستعدة لشغله، وهو ما فعلته بنجاح ساحق، حتى تخطت مبيعاتها تلك لنايك في عام 1987.

• رد فعل فيل كان منطقيا يستحق الإشادة، فهو أدرك انشغاله وقلة تركيزه فعمد إلى تنظيم الصفوف في شركته بما يسمح له بالتركيز على المستقبل، لم يسارع برد فعل متسرع، بل أكد على أن شركته غرضها تصنيع أفضل المنتجات الرياضية، ولذا بدأ يهتم أكثر بالمنتجات النسائية، وبدأ يبحث عن تصنيع أفضل حذاء رياضي لكل رياضة، وبعد مرور عامين اثنين، عادت مبيعات نايكي في 1989 لتتخطى غيرها، وبقيت المتصدرة لفترة طويلة جدا.

• في شهر يونيو 2014، ألقى فيل خطبة التخرج على طلبة جامعة ستانفورد، الجامعة التي تخرج منها في 1962… موقع سبق لصاحبنا ستيف جوبز الوقوف فيه.

• في عام 2004 أيضا، مات ابن فيل جراء نوبة قلبية أصابته وهو يغطس تحت الماء بسبب عيب خلقي في القلب.

• بعدها بأشهر استقال فيل من منصب المدير التنفيذي واحتفظ بمنصب رئيس مجلس الإدارة لشركة نايك .

• حياة فيل كانت مليئة بفترات عصيبة كثيرة، فالعينات الأولية احتاجت 14 شهرا لتصل،

• وبينما يقود سيارته ليبيع اصطدم بسيارة أمامه وجرح جبينه لأنه كان يقوم بعدة أشياء في وقت واحد،

• وبينما شركته تقاوم خطر الإفلاس ونفاد المال، كان عليه خوض عدة قضايا تجارية، في أمريكا وفي اليابان،

• كما أوقف البنك الذي تتعامل معه الشركة كل التعاملات والاعتمادات،

• وكانت المدينة التي فيها الشركة تضم بنكين / مصرفين اثنين فقط، والاثنان رفضا التعامل مع هذه الشركة المتعثرة دائما المتعطشة للأموال،

• بعدها أوقف المصنع الياباني التعامل معهم،

• ثم ذات صبيحة وجد فيل على عتبة منزله رسالة من الضرائب الأمريكية تطالبه بضرائب قيمتها 25 مليون دولار عن البضاعة التي كان يستوردها فرفع فيل قضية على الحكومة الأمريكية وربحها بعد ماراثون قضائي استمر لمدة 3 سنوات من المحاكم، انتهت بخفض قيمة الضرائب المفروضة،

• إلا أن السنوات الثلاثة هذه سمحت للشركة بعمل أرباح كبيرة ساعدتهم على دفع هذه الضريبة…

• تبين فيما بعد أن شركات تصنيع الأحذية الرياضية الأمريكية هي التي شجعت الحكومة الأمريكية على معاقبة الذين يستوردن ولا يصنعون في أمريكا!!

• هكذا، من مشكلة إلى أخرى، ومن معضلة إلى مصيبة إلى كارثة إلى حل ثم حل أفضل ثم أساس أقوى يتحمل المزيد من البناء عليه، وهكذا هي أي قصة نجاح…

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

التعليقات تعليق واحد
اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
  • حمقاء
    حمقاء 2 يونيو 2020 - 11:34

    شكرا لكم

عاجل