الذكرى54 لاسترجاع السيادة على “المرسى الكبير” بوهران

نور2 فبراير 2022آخر تحديث :
الذكرى54 لاسترجاع السيادة على “المرسى الكبير” بوهران

لعبت قاعدة مرسى الكبير دورا استراتيجيا هامًا من العهد الفينيقي إلى يومنا هذا، حيث وُضعت اللَبنة الأولى لها بعد تأسيس قرطاجة سنة 480 ق.م، وقد تحولت من مجرد ميناء تجاري صغير إلى قاعدة عسكرية معززة بالأبراج والقلاع، كما عرفت تطورا ملحوظًا وذاع صيتها في العصر الوسيط وأصبحت ذات شهرة عزّزها الأسطول الموحدي القوي، بفضل عمل الخليفة الموحدي عبد المؤمن بن علي على الاستفادة منها وأسس فيها ترسانة بحرية لبناء وإصلاح السفن وتخزين الأسلحة.
في نهاية القرن الخامس عشر كان للمرسى الكبير دورا فعّالا في استقبال اللاجئين الأندلسيين من إسبانيا، الذين فرّوا بعد سقوط غرناطة سنة 1492 إلى سواحل شمال أفريقيا خصوصًا، وفي عام 1505 قام الإسبان بإرسال أسطول بحري حيث تسنى لهم التوغل إلى قلعة “المرسى الكبير”، إلاّ أنّه في سنة 1708 وبقيادة الباي “مصطفى بوشلاغم” تمّ طرد الإسبان من المرسى الكبير بعد ثلاثة أشهر من المعارك الطاحنة ، غير أنّ الإسبان عاودوا الكرّة فقد أرسلوا أسطولا بحريا عظيما وتمكنّوا من احتلال الميناء مرة أخرى والإقامة به إلى غاية 1792، وفي يوم 29 فيفري 1792 نجح “الباي محمد بن عثمان الملقب بمحمد الكبير” في طرد الإسبان وتحرير المرسى الكبير.
في القرن التاسع عشر بدأت اهتمامات نابليون الأول لتضع الجزائر ضمن خريطة سياستها التوسعية، فجاء ضمن تقرير بوتان “Boutin” الضابط الفرنسي ما يلي: “إن المرسى الكبير مثل الجزائر العاصمة يعتبر مرسى هامًا يجب الاستيلاء عليه”، فبعد سقوط مدينة الجزائر تمكّنت تشكيلة من سلاح البحرية الفرنسية في 13 أوت 1830 بقيادة “دام ريمون Damrémont” من احتلال المرسى الكبير، ثم استولى عليه الجنرال كلوزيل “Clauzel” يوم 12 ديسمبر 1830 وجعلت فرنسا من المرسى الكبير قاعدة بحرية، لأنها منطقة سهلة العبور بحكم انحصارها بين كتلتين جبليتين صخريتين وهما: “سانتاكروز” شرقا و”سانتون” شمالا، وتتربع على رقعة تقدر مساحتها بحوالي 500 هكتار، محمية من الرياح الشمالية والشمالية الشرقية، الأمر الذي جعل المستعمر يولي كل اهتمامه لهذه القاعدة ذات الموقع الجغرافي الهام، علاوة على الخصائص الطبيعية المتميزة التي تحيط بها وكذا احتوائها على إمكانيات هائلة، لرُسوِّ البواخر وأشغال التصليح وصناعة السفن، فهي تتمتع بكل الصفات والمميزات التي ترشحها أن تقوم بدور فعّال في دحر الأعداء، كما سمح موقع مرسى الكبير الاستراتيجي القريب من مضيق جبل طارق بمراقبة الجزء الغربي للبحر الأبيض المتوسط.
خلال الثورة التحريرية قامت الأساطيل الحربية الفرنسية بضرب حصار بحري على غرب البحر الأبيض المتوسط، لمراقبة ومنع تسرّب حمولات الأسلحة إلى الجزائر انطلاقا من قاعدة المرسى الكبير، ففي 16 أكتوبر 1956 تم حجز الباخرة أتوس “Athos” من طرف البوارج العسكرية الفرنسية، حيث تم تفتيشها بقاعدة المرسى الكبير.
بعد الاستقلال قام الجيش الوطني الشعبي باسترجاع السيادة على القاعدة كاملة، واعتبارا من تاريخ 02 فيفري 1968 أصبح هذا اليوم مخلَّدًا للجيش الوطني الشعبي وللقوات البحرية على وجه الخصوص، والتي أخذت على عاتقها رفع التحدي إلى يومنا هذا، بفضل إطاراتها النشيطة فاستغلّت القاعدة أحسن استغلال وأنشأت مؤسسات البناء والتصليح البحري وهي مفخرة ومكسب واعتزاز للوطن وللجيش الوطني الشعبي، تتكفل بالدعم التقني للأسطول البحري من تصليح وترميم وكذا بناء السفن الحربية وبالتالي تعتبر قاعدة المرسى الكبير قطباً صناعياً بامتياز وأضحت سداً منيعاً ودرعاً متيناً من دروع قوتنا البحرية الساهرة على حماية المياه الإقليمية وسلامة التراب الوطني.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل