إضراب الثمانية أيام 28 جانفي – 04 فيفري 1957…. أسمع العالم صوت الجزائريين

نور28 يناير 2022آخر تحديث :
إضراب الثمانية أيام 28 جانفي – 04 فيفري 1957…. أسمع العالم صوت الجزائريين

لقد عرَفَت الثورة التحريرية المباركة عِدَّة أحداث ومَحطَّات بارِزة منذ اِندلاعِها في الفاتح نوفمبر 1954، من بَينِها إضراب الثمانیة أیام، الذي دعَت إلیه لجنَة التنسیق والتنفیذ تدعيمًا لقرارات مؤتمر الصومام، والرامِيَة إلى تصعيد العمل العسكري والسياسي بإشراك كافَّـة الشعب الجزائري في الثورة، وتزامُنًا مع اقتراب موعِد عَرضِ القضِیَّة الجزائرية في هیئَة الأمم المتّحِدة، إذ كان بمثابة السلاح الفعَّال المعتَمَد من قِبل جبهة التحریر الوطني في المَحافِل الدُولِیة بِهدف كَسبِ اعترافِ المجتمع الدوَلي بحق الشعب الجزائري في تقریر مصیره والاستقلال.

أهداف إضراب الثمانیة أیام 28″ جانفي 04 فيفري 1957″:

بعد اجتماع أعضاء لجنة التنسیق والتنفیذ بمقرِّهِم السِّرِّي بشارع ” تیليملي” بمنزل “أوعمارة محمد رشید”، قرَّرُوا الدُخول في إضراب لمُدّة ثمانیة أیام يشمل الولايات السِّت إضافة إلى تونس والمغرب وفرنسا، وقد حُدِّد تاريخ بداية الإضراب یوم28 جانفي 1957 في الفترة التي تُفتَـتـَح فیها أشغال الجمعیة العامة لهَیئَة الأمم المتحِدة، ومِن بَین الأهداف التي كانت لجنة التنسیق والتنفیذ تسعَى إلى تحقیقها ما یلي:
• دعم مساعي وجُهود الكُتلة الأفرو-أسیویة أثناء مناقشة القضیة الجزائرية في هَیئَة الأمم المتحِدة وتَفنِيد أكاذيب المستدمِر الذي كان يَعتبِر القضیة الجزائرية مسألة داخلیة تتعلَّق بالسِیادة الفرنسیة.
• دعم مَوقِف بِعثة جبهة التحریر الوطني في الأمم المتحِدة والتأكید على اِلْتِفاف الشعب الجزائري حوْل جبهة التحریر الوطني باعتبارها الممثِل الشرعي والوحید له، مع دحضِ إدِّعاءات الاستعمار القائلة بأن الثُوَّار مجموعة من الإرهابیین وقُطَّاع الطُرُق.
• دفْع جماهیر المُدن في خِضَمّ معركة التحریر لتخفیف الضغط على الجبال والأریاف.

التحضير لإضراب الثمانية أيام ومجرياته:

قامت لجنة التنسیق والتنفیذ بإصدار تعلیمات للولایات السِّت قصْدَ التحضِیر للإضراب، كَما وجَّهَت نِداء إلى كافّة الشعب الجزائري من أجْل الاستجابة لنِداء الإضراب الشامِل وموَضِّحة أهدافه، إضافة إلى تشكيل عِدّة لِجان مَهمَّتها التوعِيَة والتوجيه ودَعوَة السكان للتَّزوُّد بالمؤونة طِيلة أيَّام الإضراب ومُساعدة العائلات المُعوَزَّة، أمّا جیش التحریر الوطني فقد كُلِّف بتكثيف الهجومات ونَصب الكَمائِن وتَصعيد النشاطات التخريـبـيَّة للمُنشآت العسكریة والاقتصادیة الفرنسية.

انطلَق الإضراب في وقتِه المُحدَّد وشمل منذُ الیوم الأوّل رُبُوع القُطر الجزائري، حیث تَوقّفَت مُختَلف النشاطات وأغلِقَت المَحلّات، فأصبحَت المُدن الجزائرية عِبارة عن مُدن میِّـتَة حتى المواطِنين لم يَخرُجوا من منازلِهم، أمَّا قُوَّات جیش التحریر الوطني فقدْ شَنَّت هجومات عنِیفة علَى مراكِز العَدو وخاضَت مَعارك طاحنة ومتواصِلة مع قُوَّات الُمحتَل.
استَجاب الشعب الجزائري للإضراب الشامل طِيلَة الثمانية أيام وهذا بِاعتراف مُمثِلي وكالات الأنباء ومُراسِلي الصُحُف الأجنبیة في الجزائر مِنها صحيفة فرانس أوبسرفاتور “France Observateur” التي كَتبَت “لقد كان الإضراب عامًّا وشامِلا بحیث بلغَت نِسبته %90 …”.

رد الفعل الفرنسي على الإضراب:

أقدمَت السُّلُطات الفرنسیة علَى جُملة من الأعمال القَمعیَّة والتضليلِيَّة مِن أجلِ إفشال الإضراب الذي عَرف تجاوُبا كبیرا مِن قِبل الشعب الجزائري للإضراب، حيث قامت قُوَّات المُحتل بتحطیم أبواب المَحلات الحدیدیة وأخْذ العُمَّال عنوَة إلى أماكن عملهم، كما أنشَأَت إذاعة سِرِّیَّـة مُزیَّـفة أطلَقَت علیها اسم “صَوت الجزائر الحُرَّة المجاهِدة” لتقليد إذاعة “صَوتُ الجزائرِ الحُرَّة المكافِحة” فكانت تُذیع أوامِر متناقِضة تمامًا مع أوامِر جيش وجبهة التحریر الوطني، إضافة إلى طَبع مَناشیر مزیَّـفة تدْعُو فیها السُّكّان لعدَم الاستجابة للإضراب، ومُحاصرة أحیاء مدینة الجزائر خاصَّة حَيّ القَصَبَة الذي شهِد عملیات تمشیط واسِعة كاقتحام البُیوت واعتقال سكّانها.

نتائج إضراب الثمانیة أیام 28 جانفي – 04 فيفري 1957: من بين نتائجه:

  • يُعتبَر هذا الإضراب بمثابة استفتاء وطني أكَّد فيه الشعب الجزائري عن ثِقَـتـه المُطلَقة في جبهة التحریر الوطني كمُمثل شرعِي ووحید له ضدّ العدُو لنَیلِ الاستقلال واسترجاع السّیادة الوطنیة.
  • ضربَة قَويّة لمَقولة الجزائر فرنسیة وذلك بعد تَزكـیَة الشعب لمَطلَب الاستقلال.
  • إدراج القضیة الجزائرية في جدوَل أعمال جلَسات الدَّورَة الحادیة عشرة لهیئة الأمم المتّحِدة.
  • سُقوط حكومة غي مولي (Guy Mollet) يوم 21 ماي 1957وبداية احتضار الجمهورية الفرنسية الرابعة.
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل