يعتبر اجتماع مجموعة «22» التاريخي من أهم المحطات التاريخية البارزة في تاريخ الجزائر المعاصرة، ومنعرجا تاريخيا حاسما في مسار التحضير للثورة التحريرية، فقد كان مبادرة تمخضت عن عزيمة مجموعة من المناضلين الذين رأوا استقلال الجزائر لن يكون إلا بالكفاح المسلح حاملين شعار” أنّ ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”.
انبثق هذا الاجتماع عن اللجنة الثورية للوحدة والعمل حيث قام أعضائها بتكثيف الاتصالات بالإطارات السابقة في المنظمة الخاصة قصد البحث عن مخرج من أزمة الحزب الخانقة التي قد تقود إلى توسيع شقة الخلاف، ومن أجل الاتفاق على خوض غمار الثورة المسلحة.
سير الإجتماع ومجرياته:
تولى المناضل مصطفى بن بولعيد دعوة المناضلين لعقد الاجتماع، وتكفل المناضل ديدوش مراد بالجانب المادي للاجتماع من استقبال، وإيواء، وتحديد مقر الاجتماع، كما تولى المناضل محمد بوضياف مهمة الإعداد التقرير العام.
بعد استكمال التحضيرات انعقد الاجتماع في يوم 24 جوان 1954 بحي الناضور (CLOS SALEMBIER) المدنية (حاليا) بمنزل المناضل “إلياس دريش”، وقد سُمِّيَ باجتماع “الــ 22″ لضمه 22 مناضلا أغلبهم من المنظمة الخاصة وهم: (محمد بوضياف، ديدوش مراد، مصطفى بن بولعيد، محمد العربي بن مهيدي، رابح بيطاط، زيغود يوسف، عبد الله بن طوبال، عبد الحفيظ بوصوف، سويداني بوجمعة، بن عبد الملك رمضان، باجي مختار، عمار بن عودة، حباشي عبد السلام، عبد القادر لعمودي، بلحاج بوشعيب، عثمان بلوزداد، بوعلي السعيد، بوعجاج الزوبير، مرزوقي محمد، ملاح سليمان، مشاطي محمد ، إلياس دريش).
ترَأس الاجتماع مصطفى بن بولعيد الذي طلب من محمد بوضياف بمساعدة العربي بن المهيدي وديدوش مراد تقديم تقرير عام، وقد ركز هذا التقرير على النقاط التالية:
– تقديم عرض عن الانجازات التي قام بها أعضاء المنظمة الخاصة السابقون من سنة 1950 إلى غاية 1954.
– تقديم عرض عن تطور الحزب وتحديد أسباب الأزمة التي أدت إلى الانقسام بين القيادة التي أصبحت تحبذ النضال السياسي من خلال الانتخابات المحلية والقاعدة التي تفضل العمل العسكري المسلح.
– المطالبة باتخاذ قرارات تتلاءم مع الوضع السياسي في الجزائر والأوضاع في البلدان المجاورة.
استمَع الحاضرون إلى التقرير العام، وبعد مناقشات طويلة بين المؤيدين للعمل المسلح والمتحفظين الذين رأوا أن الوقت لم يحن بعد، تدخل المناضل سويداني بوجمعة الذي سأل الحاضرين والدموع في عينيه: ل نحن ثوريون أم لا؟ إذا كان الأمر كذلك، إذا كنا مخلصين صادقين مع أنفسنا، ماذا ننتظر لنقوم بثورة…”.
انتهى اجتماع “الــ 22” التاريخي بالمصادقة على لائحة تضمنت مجموعة من النقاط، تمثلت في:
– الحياد وعدم الدخول في الصراع بين “المِصاليِين والمركزيين” والعمل على توحيد جناحي الحزب.
– تدعيم موقف اللجنة الثورية للوحدة العمل في أهدافها الثلاثة “الثورة، الوحدة والعمل”.
– تفجير الثورة في تاريخ تحدده لجنة مصغرة.
– انتخاب مسؤول يتولى تكوين لجنة مصغرة.