ﻃﺒﻌﺖ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻋﺎﻡ 1936 ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺗﻄﺒﻊ ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ .
ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ : ﺑﻠﺪ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﻥ ..
ﻫﻲ ﻗﺼﺔ ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ ، ﻳﺤﺪﺛﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﻋﻦ ﻣﺮﺽ ﻏﺮﻳﺐ ، ﺍﻧﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ ﻧﺎﺋﻴﺔ ﻣﻌﺰﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻷﻧﺪﻳﺰ ، ﻓﺄﺻﺎﺏ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻰ ..
ﻭﻣﻨﺬ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ، ﺍﻧﻘﻄﻌﺖ ﺻﻠﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ، ﻭﻟﻢ ﻳﻐﺎﺩﺭﻭﺍ ﻗﺮﻳﺘﻬﻢ ﻗﻂ ، ﻓﺘﻜﻴﻔﻮﺍ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻤﻰ ﻭﺃﻧﺠﺒﻮﺍ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻋُﻤﻴﺎﻥ ، ﺟﻴﻼ ﺑﻌﺪ ﺟﻴﻞ ، ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺢ ﻛﻞ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﻥ ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﺒﺼﺮ ﻭﺍﺣﺪ ..
ﻭﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ، ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﺴﻠﻖ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ( ﻧﻴﻮﻧﺰ ) ﻳﻤﺎﺭﺱ ﻫﻮﺍﻳﺘﻪ ، ﺍﻧﺰﻟﻘﺖ ﻗﺪﻣﻪ ؛ ﻓﺴﻘﻂ ﻣﻦ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ . ﻟﻢ ﻳُﺼﺐ ﻧﻴﻮﻧﺰ ﺑﺄﺫﻯ ..
ﺇﺫ ﺳﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﻭﺵ ﺃﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺍﻟﺜﻠﺠﻴﺔ ..
ﻭﺃﻭﻝ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻟﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﺑﺪﻭﻥ ﻧﻮﺍﻓﺬ ، ﻭﺃﻥ ﺟﺪﺭﺍﻧﻬﺎ ﻣﻄﻠﻴﺔ ﺑﺄﻟﻮﺍﻥ ﺻﺎﺭﺧﺔ ، ﻭﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻓﻮﺿﻮﻳﺔ ..
ﻓﺤﺪﺙ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺎﺋﻼً : ﻻ ﺑُﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻨﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﺷﺨﺺ ﺃﻋﻤﻰ ..
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻏﻞ ﺇﻟﻰ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ، ﺑﺪﺃ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺩﺍﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﻓﻼﺣﻆ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻤﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﻭﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻪ ، ﻫﻨﺎ ﻋﺮﻑ ﻧﻴﻮﻧﺰ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ( ﺑﻠﺪ ﺍﻟﻌُﻤﻴﺎﻥ ) ..
ﻓﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ، ﻭﺑﺪﺃ ﻳﻌﺮﻓﻬﻢ ﺑﻨﻔﺴﻪ : ﻣﻦ ﻫﻮ ، ﻭﻣﺎﻫﻲ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺻﻠﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﻳﺘﻬﻢ ، ﻭﻛﻴﻒ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻩ ( ﻳﺒﺼﺮﻭﻥ ) ..
ﻭﻣﺎ ﺇﻥ ﻧﻄﻖ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﺍﻧﻬﺎﻟﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ : ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﻳﺒﺼﺮﻭﻥ ؟ ﻭﻛﻴﻒ ؟ ﻭﺑﺄﻱ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻳﺒﺼﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ؟ ﺳﺨﺮ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻣﻨﻪ ، ﻭﺑﺪﺃﻭﺍ ﻳﻘﻬﻘﻬﻮﻥ ..
ﺑﻞ ﻭﻭﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ، ﺣﻴﻦ ﺍﺗﻬﻤﻮﻩ ﺑﺎﻟﺠﻨﻮﻥ ، ﻭﻗﺮﺭ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﻋﻴﻮﻥ ( ﻧﻴﻮﻧﺰ ) ، ﻓﻘﺪ ﺍﻋﺘﺒﺮﻭﻫﺎ ﻣﺼﺪﺭ ﻫﺬﻳﺎﻧﻪ ﻭﺟﻨﻮﻧﻪ ..
ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺢ ﺑﻄﻞ ﺍﻟﻘﺼﺔ ( ﻧﻴﻮﻧﺰ ) ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺒﺼﺮ ، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺒﺼﺮ ، ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺒﺼﺮ ؟ ﻓﻬﺮﺏ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻠﻌﻮﺍ ﻋﻴﻨﻴﻪ ، ﻭﻫﻮ ﻳﺘﺴﺎﺀﻝ : ﻛﻴﻒ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻌﻤﻰ ﺻﺤﻴﺤﺎً ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻣﺮﺿﺎً ؟ ! .
” ﺑﻠﺪ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﻥ ” ﻫﻮ : ﻛﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻳﺴﻮﺩﻩ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻭﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﺍﻟﺘﻌﺼﺐ ، ﺑﺴﺒﺐ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻏﻴﺮ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻭﻣُﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻭﺃﻱ ﺩﻋﻮﺓ ﺗﻨﻮﻳﺮﻳﺔ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﺑﺮﻓﺾ ﻭﺭﻳﺒﺔ ﻭﻋﻨﻒ ..
ﺑﻠﺪ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﻥ ﻫﺬﺍ ، ﻫﻮ : ﻛﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺗﺴﻮﺩﻩ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ، ﻭﻛﺮﻩ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ، ﻭﺍﻟﺘﺒﺮﻳﺮ ﻹﻳﺼﺎﻝ ﺍﻷﺫﻯ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺃﺧﺘﻠﻒ ..
ﺑﻠﺪ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﻥ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﺃﻓﺮﺍﺩﺍ ﺟﻞ ﻫﻤﻬﻢ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﻣﻨﻪ ، ﻻ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻘﺪﻣﻮﻥ ﻟﻪ ..