” رأيتك في خوابي الماء و القمح ، محطمة رأيتك في مقامها الليلة خادمة ، رأيتك في شعاع الدمع والجرح وانت الرئة الأخرى في صدري ، أنت أنت الصوت في شفتي ، وأنت الماء أنت النار ، رأيتك عند باب الكهف عند الدار، معلقة على حبل الغسيل ثياب أيتامك ، رأيتك في المواقد في الشوارع ،في الزرائب في دم الشمس” ابلغ المقدمات و افضل الصحفيين لن يمتدحوا ارض عيسى و حبيبة صلاح الدين كما اودع ابنها محمد درويش دموعه في وصفها في قصيدته ” عاشق من فلسطين” فلسطين التي تكاد تصبح منبوذة بلا عشاق .
لملمت بقاياها ، وجمعت روحها المتناثرة على ممرات الخليل ، وزعت أحزانها على جدران القدس ، و ألقت همومها على جناح ذبابة ناغشت تراب غزة ، حملت معها ما تبقى من أوراقها و دموعها و سارت ، لقد خانها الكثيرون فشوهوا صورتها الشريفة بعهرهم ، لم يعد احد ينتظرها في الطريق الخرساء ، وضعتها الإمارات للبيع كسلعة على احد متاجرها ،” خيانة للقدس و الأقصى ” لعلها احد اصدق العبارات التي تلفظت بيها القيادة الفلسطينية في تاريخها المضطرب ، كان لاجئوا فلسطين فوق كل أرض وتحت كل سماء ، يتجولون في ساعة راحة على حساباتهم على موقع “تويتر ” قبل ان تسقط اكبر الصدمات على رأس فُجْ و انتهى ، “عاجل ، الإمارات و الكيان الصهيوني اتفقى على تدشين التعاون المشترك وصولا الى علاقات ثنائية ” كما قرأها الجميع كُنت معهم ، تذكرت احد اشهر العبارات التي ترن في اذني منذ ايام الدراسة ” الكلمة اليوم ، أصبحت أقوى و أكثر ألما من الرصاصة ” ، اليوم تأكدت من صحة المعنى ، ثلاثة عشر كلمة قوامها ثلاثة عشر رصاصة اطلقها محمد بن زايد على كل مابقي من جسد مترع بالمآسي طافح بالفواجع ، قال انهم ابقوا على جسور التواصل مفتوحة خدمة للقضية الفلسطينية ، و تناسى ان كل جسور القضية في الخليل اسقطتها قاذفات كيان الصهاينة ، قال ان هذا قرار شجاع لإستثمار جهوده بلاده لوقف عملية الضم ، و غفر لنفسه اللجوء الى كلمة مُنِعت من قواميس اللغة العربية ولم تعد ترتضي لنفسها استعمالا الا في حكايا الأبطال الفلسطينين ، كان اختراقا لفلسطين ، و لكن وكالة الإمارات للأنباء اكدت ان حسابها على تويتر لم يتعرض للإختراق . و استطردت قائلا “وفود من الإمارات والكيان الصهيوني ستجتمع خلال الأسابيع القادمة لتوقيع اتفاقيات” .
حتى الأن المُبارك هو ترامب ،المشارك هو دونالد ، المخطط هو الرئيس الأمريكي ، بدى سعيدا جدا وهو قاعد على تلك الطاولة يبتسم ابتسامته المعهودة ، وصفه بالإتفاق التاريخي و قال انه ينتظر عرب و مسلمين آخرين ليطلقوا رصاصهم على جسد أخرس ، وضع الإسم الذي أراد اطلاقه على مجزرة من نوع أخر ،” اتفاق {مجزرة} أبراهام”، مجزرة شجبتها حماس وانكرتها فتح ، ولكن لا حياة لمن تنادون ، انتم من منحتم جلادكم اسما ، مهما كان ، هو ليس يوما عظيما يا سفير الكيان في واشنطون ، هذا التطبيع هو فقط مكافأة مجانية لكم على جرائمكم و انتهكاتكم بحق اخوتنا ، هذه هي التويتة التي كان من المفروض ان يكتبها احدهم.
تغير طعم الأشياء ،الماء بات مالحا ، والطعام اصبح يابس ، القلب كأنه قد من حجر ، والعينان من زجاج والدماء باتت من ثلج .