الحرب الأهلية اللبنانية

نور3 سبتمبر 2020آخر تحديث :
الحرب الأهلية اللبنانية

عادةٌ ما يشار بمصطلح الحرب الأهلية إلى سلسلةٍ من الصراعات ما بين التحالفات الداخلية والجهات الفاعلة الخارجية للبلد. وقد زعزعت الحرب الأهلية استقرار الدولة اللبنانية بين عامي 1975 و1990.
‏وبالإضافة إلى عدد القتلى الكبير فإن جزءًا كبيرًا من البنية التحتية في لبنان أصابه الخراب، فشكلت الحرب الأهلية واحدةً من أكثر الصراعات تدميرًا في أواخر القرن العشرين. ويمكن تقسيم فترة الحرب إلى عدة فتراتٍ، وقعت في كلٍ منها مجموعةً كبيرةً من المعارك والمذابح والاغتيالات.
‏بما فيها مذابح السبت الأسود وتل الزعتر والدامور في الفترة ما بين 1975 و1976، بالإضافة إلى حرب الجبل بين القوى الدرزية والمسيحية بين عامي 1980 و1983، والقصف الإسرائيلي لبيروت في آب 1982 ومجازر صبرا وشاتيلا وغيرها.
‏ويتفق المؤرخون على أن الحرب اندلعت نتيجة الانقسامات التي حدثت في صفوف اللبنانيين الذين أيدوا حق المقاومة الفلسطينية في شنّ عمليات ضد إسرائيل من الأراضي اللبنانية، وأولئك الذين عارضوها، وتقاطع هذا الانقسام مع قضايا سياسيةٍ أخرى.
‏ومنذ بداية الحرب تدخلت سوريا ومشاة البحرية الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، والفلسطينيون و الكيان الصهيوني وايران عسكرياً في مرحلةٍ ما من تلك الفترة، وعلى الرغم من أن  القوى الغربية ذهبت إلى لبنان لإحلال السلام، إلا أن معظمها تدخل في النزاع اللبناني وترك البلاد في وضع أسوأ مما كان عليه.
‏أما الذين حاولوا إحلال السلام فقد وقعوا في شرك سياسة الطعن الخلفي في المنطقة. ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا ليدركوا مدى تعقيد الأمور الاجتماعية والدينية والثقافية في لبنان، والتي تشكل بلدًا يضم 18 طائفةٍ دينيةٍ معترفٍ بها وما لا يقل عن 20 حزبًا وحركةً سياسية.
‏اندلاع شرارة الحرب:
في 13 أفريل 1975، بدأت سلسلة من المناوشات عندما اغتال مسلحون الزعيم الماروني بيير الجميل وردًا على ذلك، نصب مسلحون من الكتائب كمينًا لحافلةٍ محملة بالفلسطينيين متجهة نحو مخيم تل الزعتر وأطلقوا النار على الركاب، مما أسفر عن مقتل 27 راكباً معظمهم مدنيين.
‏وتعتبر هذه الحادثة بداية للحرب الأهلية التي دامت 15 عامًا والسبب الرئيسي لاندلاعها في البلاد، وبدأت الصراعات على السلطة تتبلور وتظهر بشكلٍ كبيرٍ بين مختلف الطوائف اللبنانية. الأمر الذي استدعى التدخلات الخارجية لفض النزاعات. وكان أول تدخل رئيسيٍ خارجي من سوريا.
‏وعلى الرغم من دعمها لمنظمة التحرير ، إلا انها ونتيجة بعض التقلبات على الجبهة اللبنانية بدأت في جوان 1976 تدخلًا واسعاً لمعالجة اختلال توازن القوى الناشئ لصالح المسيحيين. وقد أثار هذا التدخل تدخل الكيان الصهيوني لصالح المسيحيين الذين اعتبرتهم الحليف الرئيسي في حربها ضد منظمة التحرير.
‏وهكذا قدمت دولة الاحتلال  الأسلحة والأموال إلى المسيحيين في جنوب البلاد، في حين واصلت القوات الفلسطينية –بعد أن عادت القوات السورية لدعمها في عام 1977- شن غارات عبر الحدود على إسرائيل.
‏بيد أن أهم تدخل صهيوني خلال الحرب كان الغزو الذي بدأ في 6 جوان 1982. وعلى الرغم من أن الهدف المعلن كان تأمين الأراضي الواقعة شمال حدودها مع لبنان لوقف غارات منظمة التحرير الفلسطينية فإن القوات الصهيونية تقدمت بسرعة حتى ضواحي بيروت وفرضت حصاراً على العاصمة.
‏وأدى ذلك في النهاية إلى إزالة ميليشيات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان تحت إشراف قوة حفظ سلامٍ متعددة الجنسيات، ونقل مقر المنظمة إلى تونس. كما انسحبت القوات السورية حينها. وفي وقتٍ لاحقٍ، ظهر عدد من الجماعات الشيعية بما فيها حزب الله التي قادت حملات التمرد ضد الكيان الصهيوني.
‏ومع تزايد مرحلة الصراعات الطائفية وتفجير مبنى السفارة الأمريكية بسيارةٍ مفخخةٍ وتفاقم الوضع، انسحبت معظم القوات الأجنبية متعددة الجنسيات في  أكتوبر 1983، بالإضافة إلى انسحاب معظم القوات الصهيونية بحلول منتصف عام 1985.
‏وفي 22 أكتوبر 1989، اجتمع أعضاء البرلمان اللبناني في الطائف لوضع حزمة من الإصلاحات الدستورية وتم التعهد بالقضاء التدريجي على الطائفية وتأكيد استقلال لبنان بالدعوة إلى إنهاء الاحتلال الأجنبي في الجنوب. ونصت بنود الاتفاق على أن تبقى القوات السورية في لبنان لمدة تصل إلى سنتين.
‏وفي جانفي 1990، اندلع صراع عنيف في شرق بيروت بين عون وسمير جعجع- الذي ترأس بعد ذلك “القوات اللبنانية”. وأسفرت هذه الصراعات على مدى عدة أشهر عن مقتل العديد من اللبنانيين معظمهم من المسيحيين. وانطفأت آخر شرارة للحرب في 13 أكتوبر 1990 عندما شنت القوات السورية هجومًا بريًا جويًا.

تشير التقديرات إلى أن أكثر من 100 ألف شخصٍ قتلوا، بينما تسببت الحرب في إعاقة ما يقارب 100 ألف آخرين. وتشرّد ما يصل إلى خُمس السكان المقيمين أي ما يصل إلى 900 ألف شخصٍ، وربما هاجر حوالي ربع مليون منهم بصورةٍ دائمة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل