قصة السامري

محمد16 مايو 2020آخر تحديث :
قصة السامري

قصة السامري
نستعرض اليوم قصة غريبة لرجل عجيب، رجل ذو خوارق، رجل تسبب في عبادة بني اسرائيل للأوثان لأول مرة، فمن هذا الرجل وكيف فعل ذلك وكيف
كانت ردة فعل موسى اتجاهه..!!
كان موسى قد وعد قومه انه سيبقى ثلاثين ليلة عند الجبل يكلم الله فيها،غير انه تأخر بعشرة ليالي اخرى، في تلك العشر كثر الهرج والأقاويل في بني اسرائيل فقالت مجموعة منهم أن موسى لن يأتي ابدا بل انه مات هناك، فيما قال الأخرون انه مازال يكلم الله وانه سيعود إلينا لا محالة، في خضم هذا الجدل ومع قابلية بني اسرائيل وأمنيتهم الحقيرة في عبادة إله محسوس يرونه وسوس الشيطان لرجل منهم يدعى السامري قيل انه من المصريين القباط خرج مع بني اسرائيل وقيل انه يهودي، كما ذكرنا سابقا فإن بنو اسرائيل كانوا يملكون كثيرا من الذهب سواء الذي استلفوه من الأقباط أو الذي غنموه بعد مهلك فرعون وقومه، فاستغلوا غياب موسى وأرادوا اقتسامه فيما بينهم، فقال هارون لهم إن الغنائم لا تحل لكم، والحلي الذي أخدتموه من القبط غنيمة ليس لكم، فاحفروا حفرة وألقوه فيها حتى يرجع موسى فينبئنا ماذا نفعله به، ففعلوا ذلك، لما رأى السامري الذهب مجتمعا في حفرة أخده ثم أذابه في النار ثم نحت منه تمثالا على شكل عجل ذهبي لامع ثم رمى عليه حفنة من تراب كان قد خبأها من قبل، هذه الحفنة كانت أثر قدم (مطية) فرس جبريل لما نزل عند فرعون ليغرقه، فهذا يعني ان السامري ليس ببشر عادي لأنه رأى جبريل الملك ورأى فرسه العظيمة، فالبشر لا يمكن أن يروا بأي حال من الأحوال الملائكة، فلما رمى تلك الحفنة المباركة على ذلك التمثال الذي نحته تحول بقدرة الله إلى عجل ذو جسد بلون ذهبي مميز له خوار اي يصدر صوتا، وقيل:كان يخور، ويمشي، وقيل: ما خار إلا مرة واحدة ولم يفعل بعد ذلك، وقيل: إن السامري صاغ العجل من ذلك الحلي في ثلاثة أيام، ثم قذف فيه التراب، فقام له خوار، في هذا الوقت كان بنو اسرائيل يكثرون السؤال اين هو موسى لقد طال غيابه، نريد ان نعبد ربنا، فذهب إليهم السامري وقال لهم ان هذا العجل هو رب موسى وربكم وموسى قد تاه في الجبل ونسي ان ربه قد نزل إلينا في هيئة هذا العجل، فبدأ بنو اسرائيل يقتنعون بكلام السامري وبدأ كثير منهم يعبدون العجل فاحتار هارون وخاف ولم يدري ما يفعله فأخد ينصحهم قائلا: يا قومي هذا ليس إلاهكم ان السامري يكذب عليكم لقد فتنكم وعبدتم التماثيل استمعوا إلي قبل ان يغضب الله عنكم إلاهكم الحقيقي إلاه واحد لا يرى بالعين، غير انهم لم يأبهوا له وقالوا له سنبقى نعبد فيه حتى يأتي موسى ويفصل لنا في هذا الأمر، فخاف هارون من أنه اذا استمر في نهيهم وتخويفهم فستحدث فتنة في قومه ويتفرقوا عنه ويأتي موسى فلا يجد احدا منهم، فسكت عنهم والتزم الصمت في انتظار عودة أخيه، في هذا الوقت كان الله قد أخبر موسى بهذه الفتنة التي حدثت لقومه فأخد الألواح ونزل مسرعا غاضبا إلى قومه ولما وصل ومن هول المنظر لما رأى قومه يعبدون عجلا وبحركة غير إرادية من فرط الغضب رمى الألواح التي فيها كلام الله أرضا، ولم يتكلم مع اي شخص وتوجه مباشرة إلى أخيه هارون وصرخ عليه بغضب شديد وهو يجر رأسه ولحيته قائلا بنبرة حادة: يا هارون لماذا تركتهم يضلون وسمحت لهم بعبادة غيرالله ولم تأتي إلي لتخبرني بما فعلوا هل عصيت انت ايضا أمري، رد عليه هارون بخوف يا إبن أمي أنا نصحتهم لكنهم استضعفوني وكادوا يقتلونني ولم يستمعوا لكلامي كما أني خفت أن يتفرقوا من هذا المكان وتأتي انت وتتهمني اني سبب في تفرقهم، يا أخي أرجوك لا تشمث ولا تأخد برأسي أمامهم فيقولون اني مخطئ، يا موسى لا تضعني في نفس الكفة مع الذين عبدوا العجل، بعد ان سمع موسى كلام اخيه وتأكد من حسن نيته وبرائته مما فعله قومه وانه لم يقصر في دعوتهم تركه واعتذر منه وطلب من الله ان يغفر له ولأخيه ويتغمدهم برحمته، فلما رأى بنو اسرائيل الجدال الذي دار بين موسى واخيه ثم تصالحهما تملكهم الخوف والرعب وادركوا انهم في مشكلة عظيمة هم سببها، فسألهم موسى بغضب شديد ما الذي جعلكم تعصون اوامري ووصايا وكيف سمحت لكم انفسكم بعبادة عجل مكان الله الواحد، فقالوا له: نحن لم نخلف وصيتك بإرادتنا، إنه السامري أمرنا ان نجمع الذهب فنحت منه عجلا واقنعنا بأنه هو الإله، تركهم موسى وتوجه إلى السامري يسأله: ما قصتك يا رجل، فقص عليه كيف انه أبصر ما لا يمكن لقومه أن يروه من اثر فرس جبريل واعترف أن نفسه الأمارة بالسوء هي التي سولت وزينت له فعل ذلك، المثير والمحير في الأمر ان موسى لما كان يخاطب اخاه وقومه كان غاضبا يصرخ لكن لما تناقش مع السامري كأنه يتكلم معه بلين ولطف، والأكثر غرابة أن موسى والمعروف عنه بقوته وبغيرته الشديدة على الله لم يفعل شيئ للسامري رغم هول الفتنة التي فتن بها قومه، فقد قال له ابتعد عنا واخرج من قومنا فإني لست الموكل بقتلك، وقال له قبل ان تذهب انظر كيف سأحطم وأنسف إلاهك هذا، فحرقه موسى وحوله إلى رماد ورماه في البحر،{قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا}، فسر كثيرون من علماء الدين كلمة لا مساس بأن السامري قد ابتلاه الله بمرض جلدي فضيع فعاش وحيدا يهيم في الصحراء وكلما يلتقي بشخص يقوله له لا تلمسني اذ كلما يلمسه شخص يزادد ألم السامري فضاعة فجعل يتعذب ويقول لكل من يلتقي به لامساس لا مساس وقيل استمره مع الأمر إلى ان توفاه الله.
بعد ان تيقن بنو اسرائيل انهم كانوا على خطأ جائوا إلى موس يطلبون منه ان يغفر الله لهم ويتوب عنهم، لكن الله رفض توبتهم إلا بشرط واحد هو كفارة القتل أي ان يقتلوا بعضهم بعضا، فياله من اختبار عظيم وشرط صعب، فبدأوا يقتلون بعضهم بعضا حتى وصل عدد القتل لسبعين ألفا واشتهد الهول وبكت النساء والاطفال فطلبوا من موسى ان يخفف الله عنهم، فأمرهم الله بالتوقف عن القتل، حزن موسى لما حدث لقومه من مقتلة فأوحى الله له لماذا كل هذا الحزن يا موسى، من قتل منهم فقد كفر عن نفسه وهو عندي شهيد حي يرزق ومن بقي فإني غفرت له ذنبه، ففرح موسى واستبشر وبشر قومه بذلك، وهذا ما اوردته هذه الأية {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل