لقد أَدرَك قادة الثورة أهمّية سلاح الإعلام في مواجهة الدعاية الفرنسية وإسماع صَوت ثورة التحرير المباركة، كما أدّى دُخول جهاز الاتصال السلكي واللاسلكي واستعماله في الثورة سنة 1956 إلى بروز فِكرة إنشاء إذاعة وطنيّة، وفي 16 ديسمبر1956 تمّ الإعلان عن تأسيس إذاعة “صَوت الجزائر الحُـرّة المكافحة”.
كانت هذه الإذاعة في بدايتها عبارة عن شاحنة من نوع “GMC” غير مستقرة تجنّبًا لتحديد موقعها من طرف الاحتلال الفرنسي، وكانت تتكوّن من جهاز إرسال قوّته 400 واط، وجهاز تسجيل الصَوت وميكروفون، و جهاز مَزج موسيقى بالصوت، وعمودَين للهوائي و مولِّد كهربائي تجُرّه الشاحنة، وقد حملت الإذاعة شعار” إذاعة صَوت الجزائر الحرّة المكافحة، صَوت جبهة التحرير وجيش التحرير تخاطبكم من قلب الجزائر”.
يعود الفضل في إنشاء هذه القناة الإذاعية للمجاهد عبد الحفيظ بوصوف وكذا المجاهد زقار مسعود بالإضافة إلى جمع من الإعلاميين الثوريين أمثال عبد العزيز شكيري و محمد بوزيدي و عيسى مسعودي وآخرون.
كانت الإذاعة السرية تردّ على الأكاذيب الدعائية الفرنسية مجتهدة اجتهاداً منقطع النظير لتحويلها كمصدر إخباري يغني الإعلام الدولي عن اتخاذ وسائل الإعلام الفرنسية كمصدر منفرد بالأخبار والقصص الكاذبة والمشوهة لحقيقة المطالب الجزائرية.
لقد كان لإذاعة صَوت الجزائر الحُرّة المكافحة أهمّية بالغة في تقوية ودعم الثورة نظرًا لما تبثّه من بلاغات عسكرية سياسية حوْل سَير وتطوّر الثورة التحريرية وما أحرزته من انتصارات، حيث ساهمت في رفع معنويات المجاهدين وتعبئة الشعب الجزائري، وهذا ما أدّى بسلطات الاحتلال الفرنسي إلى السعيِ لاكتشافها والقضاء عليها، وذلك عن طريق استعمال الرادارات والتحليق بطائرات مزوّدَة بقنابل خفيفة كانت تَرميها على المناطق التي تشُك في تواجد الإذاعة بها، لكن طائرات العدُو لم تتمكّن من إصابتها فلجأت إلى التشويش عليها، كما قامت بتشديد الحصار على العتاد الحربي و لاسيما أجهزة المواصلات.