ساقية سيدي يوسف: أحداث رسخت لتلاحم و تآزر دائمين بين الجزائر وتونس

نور8 فبراير 2022آخر تحديث :
ساقية سيدي يوسف: أحداث رسخت لتلاحم و تآزر دائمين بين الجزائر وتونس

يُعتبر الثامن من فيفري 1958 يومًا أليمًا بالنِّسبة للشعبَين التونُسي والجزائري، لأنّه يُصادِف أحداث ساقية سيدي يوسف. هذه القَرية التونُسيّة الحدودِيّة التي دمّرَها قصف الطيران الفرنسي في ذلك اليوم والواقِعة على طريق مدينتَي سُوق أهراس الجزائرية والكاف التونسية القرِيبَة من مدينة الحدادة التابعة إداريًا لولاية سوق أهراس، شَكَّـلَت منطقة إستراتيجية لوَحدات جيش التحرير الوطني المتواجِدة على الحدود الشرقية لاستخدامِها كقاعدة خَلفِيَّة للعلاج واستقبال المعطوبِين ومَلجأ الجزائرٍيِّـين الفارِّين من السياسة القمعِيَّة الاستعمارية.
أسباب قصف ساقية سيدي يوسف :

   بتاريخ 01 سبتمبر 1957 أصدرَت فرنسا قرار "الحق بالملاحقة - Droit de suite"، يقضي بملاحقة الثُوَّار الجزائريِّين داخل التراب التونسي. بَعد هذا القرار تكاثَرَت الاعتداءات الفرنسية على القُرَى التونسية الحدودية، فقد تعرَّضَت قرية عين دراهم يوم 06 سبتمبر 1957 إلى اعتداء عسكري فرنسي، كما هاجمت السلطات الفرنسية ساقية سيدي يوسف لأوّل مَرّة يوم 01 أكتوبر1957، الأمر الذي أدى بجيش التحرير الوطني المتمركز على الحدود الجزائرية التونسية إلى الردّ بشن هجوم مضاد على القوات الفرنسية المتمركزة في القطر الجزائري قرب الحدود الجزائرية التونسية يوم 20 أكتوبر 1957 تكبّد فيه الفرنسيون خسائر كبيرة.

شهدت بداية سنة 1958 شن القوات الفرنسية لهجوم على قرية فم الخنقة التونسية يوم 04 جانفي 1958، أسفر عنه استشهاد 03 مواطنين تونسيين وجرح عدد آخر منهم، ما أدى بجيش التحرير الوطني إلى شن عمليات عسكرية مضادة بالتراب الجزائري ضد وحدات الجيش الفرنسي من بينها معركة جبل الواسطة التي وقعت يوم 11 جانفي1958 تكبد فيها العدو مقتل 15 جنديا وجريحين(02) وأسر أربعة آخرين، ثم في 30 جانفي 1958 تعرضت الساقية إلى اعتداء ثان بعد تعرض طائرة فرنسية لنيران جيش التحرير الوطني ليختم التحرشات بالغارة الوحشية الفرنسية على ساقية سيدي يوسف يوم 08 فيفري 1958.

قصف ساقية سيدي يوسف 08 فيفري 1958:

بعد 25 يوم من أسر الجنود الفرنسيين وعجز المسؤولين الفرنسيين عن تحريرهم وتحت غطاء “حق الملاحقة”، إستهدف الطيران الفرنسي في 08 فيفري 1958 على الساعة العاشرة صباحا قرية ساقية سيدي يوسف الواقعة على الحدود الجزائرية ، حيث تعاقبت أسراب من الطائرات الفرنسية متكونة من 25 طائرة قامت بقصف التجمعات السكانية بقصف وحشي لقرية ساقية سيدي يوسف، كرد فعل على معركة “جبل الواسطة ” وعلى دعم الدولة التونسية للثورة الجزائرية، وكان القصف يوم السبت كونه يوم عطلة ويوم السوق الأسبوعي، كما أنّه يوم توزيع المساعدات على اللاجئين الجزائريين من طرف شاحنات الهلال الأحمر التونسي والصليب الأحمر الدولي، ولقد دام الهجوم الجوي أكثر من ساعة وعشرين دقيقة مستهدفا البطارية التونسية المتمركزة على الهضبة المطلة على القرية وملحقا أضرارًا جسيمة في حق المواطنين التونسيين واللاجئين الجزائريين، حيث استشهد 80 شخصًا من بينهم 11 امرأة و20 طفلا، وأصيب أكثر من 130 شخصًا بجروح متفاوتة الخطورة، كما تسبب القصف في تدمير بيوت الخاصة وأبنية الهياكل التحتية للمدينة، حتى شاحنات الصليب الأحمر الدولي القائمة على توفير المساعدة الطبية والغذائية للاجئين لم تسلم من جراء القصف.

لقد بيّنت حادثة الساقية الدموية لسلطات الاحتلال الفرنسي البُعد المغاربي للثورة الجزائرية وعُمقها في نُفوس الشعبَين التونُسي والجزائري، وتجسد هذا في اختلاط الدماء الجزائرية التونسية التي سالت على الأرض التونسية في سبيل القضية الجزائرية، كما كشفت الوجه البشع للاستعمار الفرنسي، وحطمت كل الأكاذيب والحملات الدعائية التي كان يروجها الاستعمار في أوساط الرأي العام العالمي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل