جمال عبد الناصر و الجزائر

نور28 سبتمبر 2020آخر تحديث :
جمال عبد الناصر و الجزائر

تحل اليوم الاثنين الذكرى الـ50 على رحيل الزعيم المصري جمال عبد الناصر ثاني رؤساء مصر بعد ثورة 23 يوليو 1952، والذي رحل عن عالمنا في 28 سبتمبر من عام 1970 إثر نوبة قلبية تعرّض لها، وشيّعت جنازته في حضور الملايين من أبناء الشعب.
‏ولد الراحل عبد الناصر في 15 جانفي 1918 بحي باكوس الشعبي بالإسكندرية، لكن أسرته تنتمي إلى إحدى قرى محافظة أسيوط في صعيد مصر، حيث كان والده دائم التنقل بحكم وظيفته في مصلحة البريد.
‏أنهى عبد الناصر دراسته الابتدائية في قرية الخطاطبة إحدى قرى دلتا مصر، ثم سافر إلى القاهرة لاستكمال دراسته الثانوية، فحصل على شهادة البكالوريا من مدرسة النهضة الثانوية بحي الظاهر بالقاهرة في عام 1937.


‏حاول عبد الناصر الالتحاق بالكلية الحربية لكن محاولته باءت بالفشل، فاتجه إلى دراسة القانون في كلية الحقوق بجامعة فؤاد “القاهرة حالياً”، وحينما أعلنت الكلية الحربية عن قبولها دفعة استثنائية تقدم بأوراقه ونجح هذه المرة، وتخرج فيها برتبة ملازم ثان في جويلية  1938.
‏بدأ عبد الناصر عمله بعد التخرج في صعيد مصر قبل أن ينتقل إلى السودان وتتم ترقيته إلى رتبة ملازم أول عام 1939، ثم تولى قيادة أركان إحدى الفرق العسكرية العاملة في منطقة العلمين بالصحراء الغربية عام 1942.
‏تم انتدابه للتدريس في الكلية الحربية وظل بها 3 سنوات إلى أن التحق بكلية أركان حرب وتخرج فيها في 12 ماي 1948، ثم قام هو ومجموعة من الضباط الأحرار بثورة 23 جويلية  المجيدة.
‏تم ترشيحه لرئاسة الجمهورية من مجلس قيادة الثورة في الاستفتاء الذي جرى في 23 جوان 1956، وحقق العديد من الإنجازات، أهمها تأميم قناة السويس وإنشاء السد العالي، وبحيرة ناصر والتليفزيون المصري، إلى جانب إصدار قوانين الإصلاح الزراعي.

‎ارتبط اسم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ارتباطا وثيقا بالثورة الجزائرية المجيدة في سنوات الخمسينيات، بل ودامت حتى بعد الاستقلال فهو من احتضن الثورة الجزائرية وزعماءها في بلاده وهو من التحم بها التحاما مثيرا، جعل المستعمر الفرنسي يجزم بأن القضاء على الثورة الجزائرية لابد من أن يبدأ بالقضاء على نظام “عبد الناصر “


تميز جمال عبد الناصر بروح الثورة والتحرر، فكان من أنصار كل حركات التحرر في الوطن العربي، وكان دائما ينادي بالوحدة العربية وتحرير كل قطر من أقطار الدول العربية من أي مستعمر غاشم، وقد ناصر الثورة الجزائرية حتى قبل وصوله إلى الحكم، فهو من استضاف الرئيس الراحل “أحمد بن بلة” عام 1954، الذي قدم إلى مصر عبر ليبيا ليتدارس مع جمال عبد الناصر وضع اندلاع الثورة والتخطيط لأولى عمليات الإمداد بالأسلحة، ثم جند “عبد الناصر” إذاعة “صوت العرب” لشن حملة قوية حماسية تعرف بالثورة الجزائرية ليصل صداها خارج القطر الجزائري.

إلى جانب الإمداد بالأسلحة، حاول عبد الناصر مساندة الجزائر ديبلوماسيا، وتجلي ذلك عندما جمع جمال عبد الناصر بين ممثل فرنسا “جوزيف بيجار”، السكرتير العام للحزب الاشتراكي، ومحمد خيضر، وكان ذلك عام 1956، وقامت مصر بعقد الاجتماع الأول لهذه المباحثات، وأوصى بعدها عبد الناصر باستمرار هذه الجهود الديبلوماسية مع بذل أقصى جهد ممكن لدعم الكفاح المسلح.

مساندة جمال عبد الناصر للثورة الجزائرية لم تمر مرور الكرام، فقد انزعجت فرنسا كثيرا بسبب هذا الدعم، وساهمت في العدوان الثلاثي على مصر للقضاء على نظام جمال عبد الناصر ومن خلاله على المهد الذي يؤوي ويحتضن الثوار الجزائريين، ومع ذلك واصل عبد الناصر مساندته للثورة الجزائرية حتى الاستقلال.

المساهمة في تدويل الثورة المجيدة
لم تكن مساندة جمال عبد الناصر للجزائر وثورتها داخل مصر فقط، فقد كان يجعلها دائما في أولويات برامج المؤتمرات الدولية، وكان يؤيدها دون تحفظ، حتى لو أزعج ذلك دولا كبيرة، كانت تربطها بمصر علاقات استراتيجية وحيوية، مثل الاتحاد السوفيتي آنذاك، فقد حذر جمال عبد الناصر بشكل صريح ومباشر الرئيس السوفياتي “خروتشوف” من الانسياق وراء محاولات “ديغول” لإقناعه بزيارة صحراء حاسي مسعود والآبار البترولية الجزائرية، لأن ذلك سوف يتسبب في خلق مشكلة كبيرة بين الشعب السوفياتي والشعوب العربية الملتفة حول ثورة الجزائر.

جمال عبد الناصر والأحرار الخمسة
بعد اختطاف زعماء الثورة الجزائرية، أحمد بن بلة، محمد بوضياف، محمد خيضر، حسين آيت، أحمد ومعهم مصطفى الأشرف (الذي كان دوره كاتبا صحفيا مرافقا لقادة الثورة) يوم 22 أكتوبر 1956م، جاء رد مصر قويا وسريعاً، حيث قام جمال عبد الناصر عن طريق وزارة الخارجية المصرية بإعلام كل السفارات العربية والأجنبية بقضية الاختطاف، وطلب من الأمين العام للأمم المتحدة التدخل للإفراج عن المختطفين الجزائريين، كما شن حملة إعلامية كبيرة عن طريق إذاعة صوت العرب للضغط على فرنسا.



عبد الناصر والجزائر المستقلة
تواصل دعم عبد الناصر للجزائر وثورتها إلى غاية الاستقلال، وقد ربطته بحكومة الجزائر المستقلة علاقة وطيدة وجيدة بعد الاستقلال، سواء في فترة حكم الرئيس الراحل أحمد بن بلة أو الرئيس هواري بومدين، حيث واصل عبد الناصر دعمه للجزائر حتى وهي حرة مستقلة.

الجزائر المستقلة تقف إلى جانب مصر
بعد الاستقلال، وقفت الجزائر وقفة مشرفة مع مصر في حرب أكتوبر 1973، فلما علم الرئيس الراحل هواري بومدين بنية إسرائيل في الهجوم على مصر، طلب من روسيا (الاتحاد السوفياتي آنذاك) شراء طائرات وأسلحة لإرسالها إلى المصريين، لكن السوفيات طلبوا منه مبالغ ضخمة، فما كان من “هواري بومدين” إلا أن أعطاهم شيكا «على بياض» وطلب منهم وضع المبلغ الذي يريدونه، فالأهم هو مساندة مصر في محنتها، وهكذا تم إرسال الأسلحة والعتاد إلى مصر، كما أمد الرئيس الراحل مصر بـ 96 دبابة و32 آلية مجنزرة و12 مدفعا و16 مدفعا مضادا للطيران وما يزيد على 50 طائرة حديثة من طراز ميج 21 وميج 17 وسوخوي 7 .


مساندة الجزائر لمصر فى هذه الحرب لم تكن بالأسلحة والعتاد فقط، بل حتى بالجنود، فقد شارك الجيش الجزائري في حرب أكتوبر 73 بفرق عديدة من المشاة.

رحل جمال عبد الناصر بعد مسيرة حافلة بالإنجازات، سواء على الصعيد الوطني أم الصعيد العربي، كان ذلك في 28 سبتمبر 1970، وحضر الرئيس هواري بومدين الجنازة وبدا عليه الحزن الشديد، وبكى بحرقة على رحيل أحد أهم زعماء العرب، ممن ساندوا الجزائر المحتلة والمستقلة، ومازال التاريخ يذكر مواقف وزعامة جمال عبد الناصر


اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل