“معركة جبل الجرف ” أكبر معارك النمامشة

نور30 سبتمبر 2020آخر تحديث :
“معركة جبل الجرف ” أكبر معارك النمامشة

أم و أكبر معارك النمامشة في ثورة نوفمبر الخالدة ” معركة جبل الجرف “
من 22 الى 29 سبتمبر 1955

         ** سلُوا جبل الجرْف عن جيشنا      بخبّركمُ عن قُوى جأشنا     **
         **و يعلمكُم عن مدى بطشنا          بجيْش الزعانفة الآثمينْ     **

هكذا وصف شاعر الثورة التحريرية المجاهد المرحوم محمد الشبوكي  معركة الجرف التاريخية و التي تعد  أهم وأبرز المعارك الثورية التي خاضها المجاهدون الاحرار  في سبيل الدفاع عن الوطن المفدى بقيادة بشير شيهاني و عباس لغرور وعاجل عجول ، شريط لزهر ، الوردي قتال ، فرحي ساعي و عمر البوقصي  ، ورتان البشير  و الزين عباد و محمد بن عجرود و   عمار بريك و العيد ساهي…….  ،هذه المعركة  التي دارت رحاها  بين قوات الاستعمار الفرنسي والمجاهدين الأبطال على مدار 08 أيام بلياليها بداية من فجر يوم 22 سبتمبر 1955 بأعالي جبل الجرف الأشم من جبال النمامشة -تبسة- ، تكبد على اثرها الجيش الفرنسي خسائر مادية وبشرية كبيرة قدرت بحوالي 700 جندي .
ففي فجر يوم 22 سبتمبر 1955 نشبت معركة حامية الوطيس بين القوات الاستعمارية الفرنسية ووحدات المجاهدين الجزائريين المتواجدة بقلعة الجرف غرب تبسة ، بدأت بقصف مدفعي مكثف كتمهيد لتقديم وحداتها، حاولت على اثرها القوات الاستعمارية الفرنسية التقدم على جبهات ثلاث (شرقية ، شمالية وجنوبية) ثم أقتربت كتيبة دبابات يتبعها فيلق مشاة من اللفيف الاجنبي باتجاه المدخل الشمالي لجبل الجرف أين تم حرق الدبابتين الاماميتين وعطب أربعة أخرين، وكان الالتحام بالقوات الاستعمارية عن كثب بحيث لم ينج من فيلق المشاة الا قليل. وفي الجولة الأولى للمدخل، تقهقرت قوات الاستعمار خائبة وغنم المجاهدون كميات هائلة من الأسلحة الاتوماتيكية التي بقيت منتشرة بجانب الجثث المرمية بعضها فوق بعض .
في اليوم الثاني للمعركة المصادف لـ 23 سبتمبر 55، بدات القوات الاستعمارية بالقصف طويل المدى بناحية الدرمون شرقا والسطح غربا. وعند انتهاء القصف، بدات مدفعية الهاون القصف كطريقة لستر تقدم الوحدات و اقترابها من مرابطي القلعة (المجاهدين) اشتعلت النيران على أشدها وتواصلت اليوم كله، وبالرغم من امتداداته لم تستطع الاقتراب من موقع الجرف، وفي المساء  قدم المجاهدون لفك الحصار عن اخوانهم، فاشتعلت النيران بين الطرفين من جديد، فوجدت القوات الاستعمارية نفسها محاصرة من الطرفين، حاولت التخلص الا انها لم تفلح وفشلت خطة الهجوم .
وفي وقت مبكر من اليوم الثالث من معركة الجرف التاريخية 24 سبتمبر 55، حاولت القوات الاستعمارية التقدم على جبهات ثلاثة تحت ستر مظلة مدفعية وهاونات في آن واحد، واقتربت قوات العدو من مواقع الجرف فاشتعلت النيران بين الطرفين على أشدها لمدة أربعة ساعات حالت دون التقدم، واضطرتها إلى التقهقر خلف منطقة العمليات بقليل، ليبدأ القصف الجوي بواسطة أسراب من الطائرات يحتوي كل منه على 12 طائرة مقنبلة لتقصف موقع الجرف من الجهة الجنوبية أسفر عنها إسقاط طائرة استطلاعية من طرف المجاهدين  .
حاولت القوات الاستعمارية في اليوم الرابع التقدم تحت مظلة المدفعية والهاونات على الجبهات الثلاث باثر اقترابها من مواقع الجرف، فاصطدمت بوحدات من المجاهدين ووقعت في فخ لم تكن تتوقعه، أسفر عنه المئات من القتلى والجرحى كجثث متناثرة في ساحة المعركة. وأصيبت القيادة الاستعمارية بذهول وقربت على إفلات زمام الامور وسادها الارتباك، ولان استطلاع العدو كشف تحرك وحدات المجاهدين في اتجاه تنفيذ الخطة وتبعا لتقدير موقف قيادة المجاهدين أثناء تقدم قوات العدو المكثفة تجاه قلعة الجرف، فاصطدمت بمرابطي القلعة وأجبرت على التوقف، تاركة جثثا هامدة بمشارف قلعة الجرف ملقية على الأرض، بجانبها  أسلحة ومعدات.
في صباح اليوم الخامس من المعركة، قامت القوات الاستعمارية بقصف مدفعي مركز على منطقة الجرف وقمم الجبال المجاورة له على فترات ثلاثة متتالية، تبعها قصف جوي شامل غطى كامل منطقة العمليات والمناطق المجاورة لها، بحيث غطى حوالي 40 كلم2 ، والتزم المجاهدون أماكنهم في صمت مخيف، حاولت القوات التقدم من الجبهات الثلاثة، وأحدثت جبهة رابعة من الناحية الغربية بالسطح، اقتربت القوات الاستعمارية من مرابطي المعركة الصامدون في عرائنهم من براثن الاستعمار، فسددت نحوهم طلقات ارددتهم قتلى .
بدأ اليوم السادس من المعركة بالقصف المدني المركز على منطقة قلعة الجرف على فترات متلاحقة كإعطاء فرصة لتقدم وحدات العدو عبر الجبهات الأربعة، توقف القصف المدفعي خلفه الهاونات كستر لمزيد من تقدم العدو المدعم بالدبابات وفيالق اللفيف الأجنبي ضنا من قادة العدو انهم سيجدون جثثا من المجاهدين، لكن بأثر اقترابهم من الخطوط الأولى لدفاع المجاهدين فوجئوا بمظلة من النيران المتلاحقة المسددة تسديدا. حاولت القوات الاستعمارية بكل ما لها من قوة التقدم ففشلت وخابت وانكسرت في الجبهات الاربعة، واضطرت إلى الانسحاب نهائيا إلى مراكز تجمعاتها الخلفية وسكتت النيران بين الجانبين بعد الواحدة مساء
في صباح اليوم السابع من الملحمة التاريخية، بدا العدو كعادته بقصف المركز بالمدفعية على قلعة الجرف والمناطق المجاورة لمنطقة العمليات، و بقنبلة منطقة الجرف بأسراب متتابعة متلاحقة ودام حوالي نصف ساعة، ثم انتقل الطيران إلى منطقة سلسلة الجبل، وحاولت القوات الاستعمارية التقدم على الجبهات الاربعة بالمشاة المعززة بقصف الهاونات كتغطية لتقدمها. وأصبحت القوات الاستعمارية محاصرة بوحدات المجاهدين الخلفية واشتد الخناق في المواجهات الأربعة مما سهل القضاء على القوات الاستعمارية واللحاق بالخسائر الجد كبيرة بأفراد العدو، وغنم كميات معتبرة من الأسلحة الاتوماتيكية الخفيفة والرشاشات الثقيلة، بحيث لم ينج الا القليل من القوات الاستعمارية.
في فجر مبكر من اليوم الثامن والاخير من المعركة، قامت القوات الاستعمارية مركزة على موقع الجرف وقصفته كتمهيد لعزل منطقة الجرف كخطة جديدة لتنفيذ قرار العدو بالدخول بكل قوة إلى موقع الجرف، بدأ الهجوم بفيالق من اللفيف الاجنبي المدعى بالدبابات بالقرب من مرابطي قلعة الجرف، نشبت النيران على اشدها بين الطرفين وتواصل الهجوم لأكثر من خمسة ساعات متواصلة و تعززت وحدات المجاهدين من الخلف، اطلق المجاهدون من قمم الجبال المحيطة بمنطقة الجرف كاسود ، وفتحوا نيرانهم من خلف قوات العدو حتى  أصبح في حصار.
وبعد صراع طويل انتصر المجاهدون انتصارا باهرا اعتبروه تتويجا من ربهم انصر قضيتهم، سجلوا فيه خسائر جد جسيمة ضد جانب العدو في قواته ومعداته وآلياته تجسدت في فقدانه ل : فقدانه بين  600 إلى 700جندي
– أصاب 20 طائرة مقنبلة بين الإصابة و العطب و الإسقاط ، إعطاب و تفجير 10 الدبابات ، إعطاب 30 مزمجرة عسكرية ، إعطاب و إحراق 60 شاحنة عسكرية ، خسارته لأزيد من 150 قطعة سلاح كبيرة  بالإضافة الى كميات كبيرة جدا من الذخيرة ، خسارة 20 جهاز لا سلكي واحد منهم من الحجم الكبير ،
فيما  احصي استشهاد حوالي 170 شهيدا من المجاهدين الأبرار قدموا أرواحهم الزكية و واهبين دماؤهم ريا لهذه الأرض الطيبة ..من أجل أن تحيا الجزائر حرة ومستقلة و ينعم شعبها بنسيم الإستقال و الحرية
و بنهاية معركة الجرف التي كسرت شوكة الاستدمار أدركت فرنسا حجم تمسك الشعب الجزائري بضرورة نيل حريته و إستقلاله خاصة مع تواصل خيباتها و إنكساراتها العسكرية امام رباطة جأش المجاهدين في مختلف المعارك التي تعرضت لها في  كل ربوع الجزائر.
 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل